عبد السلام الرجواني

لكل مجتمع تقاليد وأعراف موروثة ومتوارثة، منها ما هو متجاوز بحكم تطور المجتمع وانتقاله من طور القبيلة والعشيرة إلى طور الدولة الحديثة، دولة المؤسسات والقانون ومنها ما هو قابل للاستمرار من خلال تعبيرات ثقافية وأنماط سلوك جماعية قابلة للتكيف دون أن تكون منافية للقوانين الجاري بها العمل، ولا تلحق الضرر بحقوق المواطنة. فلا أحد يعيب على غيره العمل  بأعراف حميدة تستلهم قيما نبيلة من قبيل التكافل الاجتماعي والتعاون والإحسان للغير وغيرها. لكنه في الوقت نفسه لا شيء يشفع لأي كان أن يدوس القانون في بلد يرنو إلى الديمقراطية ويحترم حقوق الإنسان. فما عسانا أن نقول إذا كان الخارق للقانون وزيرا للحريات وحقوق الإنسان ووزيرا سابقا للعدل! وإذا كانت الضحية  كاتبة لدى مكتب الوزير! إنه اعتداء على حق أساسي من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للشغيلة فضلا عن كونه خرق القانون والدستور والمواثيق الدولية، واستهتار بقانون الشغل، وتنكر للأخلاق الإنسانية.
مهما أحسن الوزير للمرحومة، ومهما أغدق العطاء عليها، إن كان هناك إحسان وعطاء، فإن خرقه للقانون غير مقبول، ومن واجب الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أن يلزم المشغل بدفع ما بذمته إضافة للذعائر المستحقة طبقا للقانون الذي طبق بحق ضد كل من ثبت في حقه عدم تسجيل مستخدميه ومأجوريه في الصندوق الذي عانى وسيعاني في المستقبل المنظور من اختلالات يعود سببها الرئيسي لتهرب الباطرونا من تطبيق القانون.
النازلة المزلزلة عرت بما يكفي النفاق السياسي لمن تورط فيها، وكشف عن كنه تفكير من وقع في المحظور. يبدو، والله أعلم، أن الوزير، ومن على شاكلته، لا يومن بمبادئ الدولة الديمقراطية التي هو وزير كبير في حكومتها، وأن مرجعيته العميقة لا صلة لها بدستور المملكة.
لو تعلق الأمر بمقاول عادي لالتمسنا له الأعذار، ولو تعلق الأمر بوزير  أو نصف وزير من خارج الحزب الأغلبي لما توقف الذباب عن الطنين، أما وان المعني في مقام وزير الحريات فإنه لا عذر له، وبما أنه ينتسب للحزب الحاكم، فلا يجب أن ننتظر من الذباب سوى السبات.
إن إحالة معالي الوزير على لجنة الأخلاقيات لحزب العدالة والتنمية بادرة محمودة شريطة ألا تكون ذرا للرماد في العيون، وأن يكون الاجراء في مستوى الفعل. إن الرأي العام الوطني ينتظر القرار بعدما أحجم الوزير عن الاستقالة من حكومة لم يحترم قانونها ومن حزب أساء إلى سمعته.
صلة بالواقعة، نرى أنه من المطلوب اشتراط الترشح للانتخابات وللمناصب العليا ومؤسسات الحكامة الإدلاء بما يفيد إبراء الذمة تُجاه مصالح الضرائب والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي علاوة على السجل العدلي الذي أبان الواقع أنه غير كاف لإثبات حسن السيرة. وفي السياق ذاته على إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي خوض حملة لإلزام الحيتان الكبيرة بالتصريح بالأجراء حماية لحقوق الشغيلة وتأمينا لاستدامة الصندوق نفسه.

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

الخروج  اليوم عن المبادئ والقواعد والأعراف والتوافقات ترجمة لمنطق التغول : إلزامية عدم التراجع عن المكتسبات التي سبق إقرارها في النظام الداخلي

حتى  لا تتحول مجالس الحكامة الى آلية للتحكم

اليوم يفتتح ذ.إدريس لشكر المؤتمر الوطني لقطاع المحامين

الأغلبية تظهر «وحدة الواجهة ـ الفاصاد»، وواقع مكوناتها يؤكد ما قاله الاتحاد وكاتبه الأول..