زهير الحريكة : قراءة قانون المالية لـ 2020 لابد أن تستحضر عددا من التحديات الوطنية

والدولية المرتبطة بالبلاد

قال زهير الحريكة إن أي قراءة لقانون المالية لسنة 2020، لابد أن تستحضر السياق الدولي وما يتخلله من صراعات، خاصة منها الحرب التجارية المفتوحة بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية وما ينتج عنها من سياسات حمائية متبادلة تؤثر بشكل مباشر على النمو الاقتصادي العالمي، وعلى شريك المغرب الاستراتيجي أوروبا.
وأضاف الخبير الاستشاري زهير الحريكة، في مائدة مستديرة نظمتها الكتابة الإقليمية لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أول أمس بمقر الحزب بأكدال، حول «قانون مالية 2020 وتحديات الملف الاجتماعي»، أن استحضار الشريك الأول للمغرب، يفرض على بلدنا أن يأخذ بعين الاعتبار تقلبات منطقة اليورو بفعل تداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وتأثير ذلك على شريكيه الرئيسيين، فرنسا وإسبانيا، خاصة وأننا نوجه 70 في المئة من الصادرات إلى أوروبا، وهي المنطقة، كذلك، التي تضم أكبر عد من مغاربة العالم وأكبر مصدر للسياح، وما لهذه المسألة من تأثير على تحويلات العملة الصعبة.
وأشار الحريكة، في ذات السياق، إلى أن قراءة قانون المالية لهذه السنة، من الضروري أن تستحضر، كذلك، التصنيف الائتماني للمغرب لدى مؤسسات التنقيط الدولية خاصة منها  Standard) and Poor’s )، والتي راجعت تصنيفها إلى مستقر عوض سلبي في سنة 2018، وكذلك الترتيب الجديد للمغرب (190/53) على مستوى تقرير ممارسة الأعمال (دوينغ بيزنس)، وهذه التصنيفات لها أهميتها لدى الشركاء والمستثمرين والممولين وجذب الاستثمار.
واستدرك الحريك قوله، بهذا الخصوص، إن هناك قلقا من أن يحافظ المغرب على هذه المراتب، اعتبارا لتحذير هذه المؤسسات من مراجعة تصنيف المغرب لمستوى أدنى، في حال استمرار نفس المعطيات الخاصة بالميزانية وبنسبة النمو، واستقرار الدين العمومي وضمان نمو ثابت للناتج الداخلي الخام، التي أسست لتصنيفه في مستوى «سلبي – BBB» في التقارير الصادرة 2018.
وفي المقابل سجل الحريكة على أنه بغض النظر عن سؤال الاستقلالية والموضوعية والحياد، الذي تثيره تقارير هذ المؤسسات الدولية، إلا أننا يجب أن نقر بتأثيرها الكبير في صناعة القرار المالي وجلب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وقرار رفع أو خفض أسعار القروض السيادية للدول، مشيرا إلى أن استقراء درجة المخاطر على ضوء مراجعة التصنيف لدى هذه المؤسسات، يعتبر إشارة سلبية حول قدرة المغرب على الوفاء بالتزاماته على المدى الطويل والمتوسط، وتوجيه للمتعاملين والمستثمرين بانخفاض الثقة التي تتمتع بها البلاد.
وأضاف الخبير الاستشاري، في نفس اللقاء النوعي الذي حضره عدد من الأطر الاتحادية، أن القراءة لقانون المالية تستوجب أن تأخذ بعين الاعتبار الاستقرار الإقليمي والمنعطف الجديد الذي تمر منه مجموعة من الدول، بفعل الاحتجاجات الاجتماعية أو النزاعات المسلحة، خاصة منها الفاعلة في إنتاج البترول، وما لهذه الوضعية من آثار على ارتفاع المواد الطاقية في السوق الدولية.
كما أن قراءة القانون المالي لهذه السنة، حسب الحريكة، تستوجب كذلك استحضار ظاهرة تنامي الفردانية والمصالح، التي أصبحت تحدد علاقة الدول والمؤسسات، خاصة في مجال الدعم، ونستحضر هنا حالة المغرب مع بعض دول الخليج المدعمة له وتعاملها، بعد الموقف الذي عبر عنه كدولة من بعض القضايا والنزاعات، حيث لم يعد هناك مكان للشعارات التي طبعت مرحلة معينة: الوحدة، العروبة، الإخاء، الجوار، الإسلام…. المصلحة اليوم أولا وأخيرا، ما يفرض تقوية الاقتصاد الوطني.
أما بخصوص السياق الوطني فقد عدد الحريكة بعض العوامل التي لابد من استحضارها، كالنمو البطيء للاقتصاد والذي يرتكز على إيقاع مواسم فلاحية متقلبة ومتوسطة الإنتاج، متسائلا كيف يمكن أن نتحدث عن بناء اقتصادي ونحن لا نتحكم في مدخلاته ومحدداته الأساسية، لانها مرتبطة بالأمطار؟
واسترسل الحريكة قائلا إنه لابد من استحضار، أيضا، في قراءة قانون المالية، المنعطف الجديد التي تمر منه القضية الوطنية، بعد مخرجات «جنيف2» واستقالة المفوض الأممي واستفزازات الطرف الآخر، وهو ما يتطلب من المغرب يقظة ديبلوماسية، وحضورا عسكريا يتماشى والتحديات المتسارعة الميدانية (تغيرات إجمالي ميزانية إدارة الدفاع الوطني بنسبة 29.25 في المئة التي وصلت إلى 45.438 مليار درهم في إطار الميزانية العامة).
هذا فضلا عن التحديات الجديدة، يقول الحريكة، على مستوى الأمن الداخلي للمغرب، بفعل التهديدات المرتبطة بتطور الجريمة العابرة للقارات وعودة المقاتلين من بعض بؤر التوتر وما يفرضه ذلك من إجراءات استباقية تعزز الوقاية من كل أشكال العنف والتطرف والإرهاب (تغيرات إجمالي ميزانية وزارة الداخلية بنسبة 13.12 في المئة لتصل إلى 31.617 مليار درهم).
من جهته، ذكر عبد اللطيف شنطيط، الكاتب الإقليمي للحزب بالرباط، في بداية اللقاء، أن هذا الأخير يندرج في إطار الاحتفاء بالذكرى الستين لتأسيس الحزب، تحت شعار المصالحة والانفتاح وتجديد الأفق الاتحادي، مذكرا بعدد من الإنجازات الإيجابية التي قدمها الاتحاد خلال مسيرته النضالية في بناء المؤسسات السياسية والاقتصادية بالمغرب بعد الاستقلال، من خلال رجال الدولة الذين ينتسبون للحزب.
وتلا هذا العرض نقاش جدي ومستفيض من قبل الأطر الحزبية تداولت فيه عددا من القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية المرتبطة بالقانون المالي، بما أنه هو الوسيلة التي تترجم تنفيذ السياسات العمومية في عدد من القطاعات.