بمناسبة الذكرى 45 للمسيرة الخضراء المظفرة ألقى جلالة الملك خطابا خصصه حصريا للقضية الوطنية الأولى في أبعادها الوطنية والتنموية، مبرزا المكتسبات الاستراتيجية التي راكمها المغرب على كافة الأصعدة، سياسيا ودبلوماسيا وتنمويا. من أهم المكاسب التي ذكر بها الخطاب الملكي نزوع المجتمع الدولي نحو تأييد مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب باعتباره حلا واقعيا كفيلا بتجاوز المأزق الذي انتهت إليه المفاوضات بين الأطراف المعنية بسبب تعنت جبهة الانفصال وسادتها بقصر المرادية.
إن كون 85% من الدول الأعضاء بالأمم المتحدة لا تعترف بشرعية البوليزاريو مؤشر كاف على اندحار أطروحة الانفصال المؤسسة أصلا على ادعاءات ينقضها التاريخ وتسفهها الجغرافيا ويرفضها السواد الأعظم من أبناء الصحراء الذين ارتبطوا دوما بوطنهم الكبير وساهموا عبر التاريخ في الذود عن وحدته واستقلاله. كما أن فتح كثير من الدول الصديقة والشقيقة في المدة الأخيرة قنصليات لها بالعيون والداخلة يعزز الاعتراف المتزايد لدول وازنة قاريا وعربيا بمغربية الصحراء، ومن شأنها إرباك مخططات أعداء الوحدة الترابية لمغرب اختار عن وعي أن يدعم تلك الوحدة من خلال مخطط استراتيجي للتنمية يقوم أساسا على تثمين الامكان الاقتصادي والطبيعي لأرض الصحراء وبحرها الزاخرين بموارد طبيعية هائلة. وفي هذا الصدد أشار الخطاب الملكي إلى مشاريع مهيكلة كفيلة بالنهوض بالمستوى المعيشي لساكنة المناطق الصحراوية، من أبرزها ميناء الداخلة الأطلسي والمشروع الطاقي متعدد المصادر ومحطة تحلية المياه. هكذا إذن يعلن جلالة الملك، بمناسبة الذكرى 45 للمسيرة، عن تدشين مرحلة جديدة في ترسيخ الوحدة الترابية للمملكة، من خلال مشروع تنموي متجدد يتقاطع بالضرورة مع النموذج التنموي الجديد ويسعى أساسا إلى الربط الجدلي بين معركة الوحدة الوطنية والتنمية الاجتماعية والاقتصادية للمجال الصحراوي في إطار الجهوية الموسعة التي تعتبر مدخلا لدعم التوجه الديمقراطي للمغرب.