عبد الحميد جماهري

وضع ملك البلاد نتيجة حتمية للنموذج التنموي الجديد، الذي سينبثق عن عمل اللجنة التي سيعلن عنها مع الدخول السياسي، وهي نتيجة الوصول إلى عقد اجتماعي جديد..
ولم يعد النموذج التنموي واجب الوجود لذاته، كما يقال، بل هو واجب الوجود لغيره، وهو هنا العقد الاجتماعي.
وقراءة خطاب الملك، في أهم فقراته، من زاوية العقد الاجتماعي يسلط عليه أضواء غير مسبوقة..
ما المعنى الذي نأخذ به العقد الاجتماعي يا ترى؟
إنه اتفاقية، أو اتفاق بين الحاكمين والمحكومين، على أساس السيادة الشعبية، وبناء على:
– الحرية
– والمساواة
– والإرادة العامة..
أولا تحضر الإرادة العامة كمعبر مركزي، وبالاستناد إليها، سنجد أن الصيغة التي أرادها ملك البلاد، هي الصيغة التشاركية، والتي تشمل كل مكونات الطيف الوطني، والتمثيليات القائدة للسيادة الشعبية، والتي ستعمل وفق مقاربة واسعة، سبق اعتمادها في اللحظات القوية من حياة الأمة، ونعني بها طي صفحة الماضي، وعمل هيئة الإنصاف والمصالحة، وأشغال لجنة المدونة أو الأسرة، ولجنة الدستور الواسعة التشكيلة..
وهو ما يعني أن هذا النموذج التنموي لا يقل أهمية عن الدستور أو حقوق إعادة بناء الأسرة أو طي صفحة الانتهاكات الجسيمة… إلخ.
والصيغة التشاركية هي التعبير الواسع والترجمة الممكنة للإرادة العامة، هنا.
فكما كان الدستور تعبيرا عن إرادة عامة للأمة تريد الإرادة الملكية أن تحضر الإرادة العامة كمكون أساسي من مكونات العقد الاجتماعي المنشود..
غير أن هذا النموذج هو توطئة لما هو أكبر، أي العقد الاجتماعي الجديد.
* ثانيا: تحضر مقومات العقد الاجتماعي، من خلال الحرص على المساواة، سواء في حديث الملك عن ردم الفوارق الاجتماعية والاستفادة من الثروة الوطنية، على قدم المساواة بين المواطنين وبين المجالات الترابية، من خلال التنصيص على أحد الأشكال الفادحة لغياب المساواة، وهي مشكلة الأراضي السلالية.
وبالعودة إلى هذا الأمر، وبعد أن كان ملك البلاد قد قام بوضع المعضلة تحت المجهر، وصدرت القوانين الجديدة بعد مصادقة البرلمان عليها والشروع في تنفيذ بند المساواة، أصبح من اللازم وضع المساواة ضمن العقد الاجتماعي من خلال نموذج مهم للغاية هو الأراضي السلالية.وقد حضرت كتمثل حي لما هو عليه بند المساواة…
إن الشعوب، كما يقول روسو، هي ما يفعله بها الحاكم، من خلال عقد اجتماعي بينهما.والشعب المغربي اليوم في حاجة إلى عقد يؤطر حياته الوطنية، ويوحد الرؤية التي اكتسبها بجرأته في فتح كل نقط الألم، أكانت سياسية او اجتماعية أوغيرها، وأيضا يفتح المناسبة للذكاء الجماعي..
إن الأمر في جوهره يتعلق بمواطنة متجددة، قادرة على أن ترتفع إلى اللحظة الحالية.. كي لا نعيش أزمة الانتماء إلى المجموعة الوطنية كفئات أوطبقات هشة..
لا بد من القول في النهاية إن – العقد الاجتماعي هو إرث ورثته البشرية عن مرحلة الأنوار وبالتالي فهو يحمل جينات الأنوار وفلسفتها… إلخ.
لا بد من إثارة الانتباه إلى أن كل الذين لا يشعرون بأنهم جزء من العقد الاجتماعي يوجدون في نفس الوقت في وضعية صعبة وإحساس دائم بأن المجتمع ضدهم والدولة أيضا.. ولكي يستند الجميع إلى حقوق وواجبات لا بد من وجود العقد الاجتماعي الجديد، كما أن ذلك يحيل على هشاشة المجتمع ككل…

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

الخروج  اليوم عن المبادئ والقواعد والأعراف والتوافقات ترجمة لمنطق التغول : إلزامية عدم التراجع عن المكتسبات التي سبق إقرارها في النظام الداخلي

حتى  لا تتحول مجالس الحكامة الى آلية للتحكم

اليوم يفتتح ذ.إدريس لشكر المؤتمر الوطني لقطاع المحامين

الأغلبية تظهر «وحدة الواجهة ـ الفاصاد»، وواقع مكوناتها يؤكد ما قاله الاتحاد وكاتبه الأول..