ألقى أساتذة وباحثون الضوء على مشروع القانون  المتعلق بالسجل الاجتماعي الموحد  معتبرين أن الهاجس الذي يجب أن يتحكم في هذا المشروع هو القضاء ومحاصرة الفقر بعيدا عن أي أهداف أخرى، وأن المشروع لم يحظ بنقاش عمومي شامل مما جعل  صياغته النهائية تبدو ناقصة وغير مكتملة في العديد من محاوره وبنوده، مؤكدين في ندوة وطنية افتراضية من تنظيم لجنة قضايا النساء والشباب والمناصفة وتكافؤ الفرص بالاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بشراكة مع منتدى الفيدراليات الكندي حول السجل الاجتماعي الموحد « قراءة في البعد الحقوقي ورهانات العدالة الاجتماعية « ، أن المشروع يحتاج لكثير من العمل عبر إرساء برامج تكوينية للأطر التي ستسهر على تطبيقه مع المواكبة والمراقبة المستمرة  لمسار هذا البرنامج، لأن الأمر يتعلق بالمال العام وأكثر من ذلك بهدف نبيل.
كما طرح المشاركون في هاته الندوة، التي أدارت أشغالها منسقة لجنة قضايا النساء والشباب والمناصفة وتكافؤ الفرص بالحزب الأستاذة فاطمة الزهراء الشيخي، العديد من التساؤلات المرتبطة بهذا المشروع لا سيما المعطيات الشخصية والكيفية التي يجب حمايتها وكذا طبيعة أجرأة سرية هذه المعطيات.
بن يونس المرزوقي، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بكلية الحقوق بوجدة، استهل مداخلته حول موضوع «السجل الاجتماعي الموحد «  بالحديث عن وظائف الدولة وتطورها التاريخي لا سيما مع  بعض الأحداث الكبرى التي عرفها القرن العشرين من قبيل الحرب العالمية الأولى و الثانية والأزمة الاقتصادية، حيث اتضح أن دورالدولة الحارسة قد انتهى عمليا أوتوارى، على الأقل، وبالتالي بدأ الحديث عن الدولة المتدخلة في المجال الاقتصادي والاجتماعي، مضيفا أن هذه الأدوار الجديدة للدولة فرض عليها أن تؤقلم نفسها مع هذه الوضعية خاصة في المجال الاقتصادي، الذي يعتبر قاطرة تجر معها باقي القطاعات الأخرى لاسيما القطاع الاجتماعي، الذي يمس فئات واسعة من المجموعة البشرية وأن دولة كيفما كانت طبيعتها يلزمها العديد من الخدمات التي تكون في أمس الحاجة إليها، وما يحتاجه الجميع من أدوار تقليدية للدولة من دفاع وأمن و قضاء وغيره  لكن، يقول المرزوقي، ومع التطورات التي عرفها المجتمع الدولي في منتصف الثمانينيات و مع مطلع التسعينيات بدأ الحديث من جديد عن وظائف الدولة في المجال الاجتماعي، الذي أصبح واجبا على الدولة ومن مسؤوليتها، وليس أحد الوظائف الاختيارية لها، حيث برزت مصطلحات عديدة تؤثث لهذه الوظائف من بينها الدولة المنفذة  و الدولة الراعية، أي الدولة التي ترعى هذا المجتمع ومن بين أهم وسائل الرعاية التدخل الاجتماعي .
وأشار المتحدث نفسه إلى أن التدخل الاجتماعي، في حد ذاته، هو الدعم الاجتماعي والرعاية الاجتماعية والحماية الاجتماعية، و بالنسبة إليه فالفكرة الثانية هي  الحسم والقطع مع كل التدخلات، التي تجزئ وظائف الدولة في المجال الاجتماعي لذلك فالدفاع عن دولة اجتماعية لا ينبغي أن تجزأ فيه المطالب، متسائلا لماذا يجب استعمال الحماية  أو الرعاية الاجتماعية عوض الدعم الاجتماعي؟ ليجيب بعد ذلك أن المغرب ينهج  السياسات القطاعية، أي لكل قطاع وزاري ميزانيته وأطره،  وبالتالي لا علاقة له بالقطاعات الأخرى، لكن  مع الدستور الجديد  يمكن القول إن الأمور تغيرت بشكل كبير لأنه تمت صياغته وفق مقاربة تشاركية وعاد المتحدث لطرح سؤال بصيغة أخرى،  أين الطبيعة التشاركية لمشروع هذا القانون ؟؟
بعد ذلك عرج المتحدث ذاته على قراءة هذا المشروع المتعلق بالسجل الاجتماعي الموحد معتبرا أن المسودة الأولية هي التي تتحكم  في مسار المشروع فنادرا ما نجد، يضيف المرزوقي « مقترح قانون يتم تغييره جذريا، بالعكس، دائما ما تظل الهيكلة الأولى التي يقوم عليها المشروع هي السائدة في جل المراحل التي تقطعها بدءا من البرلمان وانتهاء بالمجلس الوزاري،   وحتى وإن كانت هناك تعديلات تكون غالباطفيفة لا تفي بالغرض المطلوب»  و في نظر الأستاذ الباحث « قراءة هذا المشروع دفعته إلى طرح تساؤلات جزئية تهم  السجل الوطني للسكان الذي اعتبر أساسيا للتسجيل في السجل الاجتماعي الموحد، وأن المشروع له تصور معين لكن هذا التصور غير معكوس في النص بشكل واضح، موضحا ذلك من خلال الرجوع إلى المادة الخامسة من النص، التي تحدد أهداف السجل الوطني للسكان، ويتحدث عن السكان لكن لا يشير إلى السكان الراغبين في التسجيل ضمن السجل الاجتماعي الموحد من باب التأكيد بل إن المشروع يتضمن إشارات عديدة لا يفهم من خلالها على أن الأمر يتعلق بالأسر الراغبة في الاستفادة من السجل الاجتماعي  …
المرزوقي توقف عند  بعض الملاحظات، التي أشار إليها المجلس الاقتصادي والاجتماعي و البيئي المتعلقة بحقوق الإنسان، ويتعلق الأمر بناقصي وعديمي الأهلية والنائب الشرعي، وهي مصطلحات تحيل على مجال ما زلنا نناقشه، و المفروض أن هذه المصطلحات يجب  الابتعاد عنها مادام أنها ليست محل إجماع، وتابع المتحدث نفسه في هذا الصدد « عندما ننتقل للحديث عن السجل الاجتماعي سنلاحظ من خلال المادة 11 من هذا القانون أنها تشير إلى معالجة المعطيات المتعلقة بالأسر وليس الأسر الراغبة في الاستفادة من السجل الوطني للسكان،  وكذا إعداد قوائم إسمية للأسر، مما يدل أن القانون يتضمن نصوصا عامة  يمكن استعمالها   بالنسبة للأسر الراغبة في الحصول على الدعم الاجتماعي، ويمكن استعمالها لأغراض أخرى غير واضحة المعالم في هذا النص القانوني « مضيفا أن المادة 15 من القانون المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي تتضمن فرقا شاسعا ما بين أن يتم التنصيص عليها، حيث أن ذلك سيكون له تطبيق وبرنامج معلوماتي، وفي هذا السياق طرح المتحدث أسئلة ارتأى أنها أساسية وتهم الضمانة الموجودة لدى المشروع أو المدافعين عنه، على أن البرنامج الذي سيستعمل لن يتم اخترافه   وكذا الضمانة على أنه لن يتم استعمال هذه المعطيات لأغراض أخرى «، بحيث يجب تثمين هذا النص بوضع عقوبات زجرية على الذين يخترقون هذه المعلومات والقيام بتسريب معطيات شخصية، وأنه لا يشرع في تنفيذ هذه البرامج إلا بعد عرضها على لجنة خاصة مكلفة بحماية المعطيات الشخصية، وهذه هي الضمانة الحقيقية، يؤكد المرزوقي .
من جانبه أوضح إدريس لكريني، أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بمراكش، أن المشروع المتعلق بالسجل الاجتماعي الموحد لا يرتبط بانعدام داخل المنتظم بل يتجاوز ذلك إلى سوء التغذية وعدم الاستفادة من التعليم والصحة وعدد من الخدمات الأساسية، مضيفا في ذات الندوة الافتراضية أن الحديث عن الفقر كظاهرة عالمية تتفاقم بشكل كبير رغم المجهودات التي تبذل للحد منها، أصبح هاجسا دوليا من خلال العديد من البرامج والخطط  التي توضع  لمحاصرة هذه الظاهرة والتقليص منها لاسيما في الدول السائرة في طريق النمو، حيث يدخل ذلك في سياق إقرار السلم و السلام الدوليين  وتحقيق التنمية المنشودة، وهذا يرتبط بما يقوم به المغرب من خلال صياغة نموذج تنموي جديد يراعى فيه بحدة هذا المعطى ويتضمن هذه الأولويات التي سبق ذكرها.
رئيس مركز تدبير الأزمات اعتبر  السجل  الاجتماعي  الموحد آلية لتنظيم المستهدفين من برامج الدعم الاجتماعي، وهو بمثابة بنك معلومات يمكن استثمارها أيضا على مستوى السياسات العمومية لاسيما في المجال الاجتماعي، مضيفا أن الشكل القانوني للمشروع قد يكون دقيقا ومقنعا لكن أجرأته قد تتم بشكل سيء، مركزا في مداخلته على الجانب المتعلق بالأجرأة وسياقات المشروع، مشيرا إلى أن هناك  إقرارا بوجود اختلالات اجتماعية والخطب الملكية التي سبقت كانت تنبه دائما إلى هذه الاختلالات، وتدعو إلى التعاطي معها بالجدية المطلوبة والنجاعة، وأن التجارب الاجتماعية رغم أهميتها لم تحد من معضلة الفقر والآلية التي نتحدث عنها في سياق هذا القانون يبدو أنها اليوم ومع هذه الجائحة كانت تفرض ضرورة وجود هذه المنظومة  قصد التعاطي مع الفئات الأكثر تضررا.
أهمية هذا المشروع  في نظر الأستاذ لكريني تكمن في  تنزيله بشكل سليم مع الأخذ بالملاحظات التي يطرحها الفاعلون والمهتمون، فهو يسعى إلى مأسسة عملية للدعم في إطار من التكامل وإخراج هذه العمليات التي كانت تتم في السابق تحت يافطة الخير والإحسان إلى طابع مؤسس ببعد استراتيجي، الذي يسعى إلى الحد من الفقر ومحاصرته، مع الابتعاد عن المزاجية وعن المقاربات السياسية والحزبية ومع توخي الدقة، أي الوصول إلى الفئات المحتاجة بالفعل ثم تجاوز التضارب في التدخل وهناك رهان آخر وراء هذا المشروع، هو ترشيد النفقات وتوسيع دائرة المستفيدين ثم توظيف التكنولوجيا المتطورة أي الرقمنة، وهذا المعطي في غاية الأهمية، خصوصا في مثل هذه القضايا والمواضيع، التي يمكن أن تستغل، سياسيا أو حزبيا، كما أنه يتجاوز التدبير الإداري التقليدي، وأن هذا المشروع سيدعم برامج الحماية الاجتماعية وسيسمح بتخليق الحياة العامة وتجاوز الانحرافات.
وعن الملاحظات التي تقدم بها بخصوص هذا المشروع اعتبر المتحدث نفسه أن الأهداف النبيلة لهذا المشروع  تتطلب فتح نقاش عمومي تساهم فيه كل الفعاليات، لأنه  في نظر الباحثين والأكاديميين لم يرق إلى مستوى الرهانات المطروحة عليه، ولم يحظ بنقاش عمومي يسمح ببلورة أفكار والاستفادة من تجارب دولية والوقوف على الحاجيات الفعلية  فضلا عن صلاحية الوكالة الوطنية للسجلات كانها آلية لتجميع المعطيات  وفيها حضور للإدارة بشكل فعلي حيث كان على المشرع أن يفتح المجال لفعاليات مدنية وأكاديمية و لو بصورة استشارية لعقلنة المهام.
وأردف المتحدث أنه لا يمكن أن نضمن تنزيلا أو أجرأة لهذا المشروع عندما يصبح جاهزا للتنزيل دون   استحضار الكرامة الإنسانية والابتعاد عن البعد الإحساني في هذه العملية، التي تظل عملية ممأسسة من طرف الدولة ولا يجب أن تستغل سياسيا من خلال إبرازها كعملية إحسانية لاغير، كما على المشروع توخي الحكامة الإدارية في هذا السياق، من خلال إقرار مبدأ الاستشارة والشفافية والمواكبة كما أن الهاجس الذي يجب أن يتحكم في تنزيل هذا المشروع هو العدالة الاجتماعية، وأن تكون هناك رؤية استراتيجية للقضاء على الفقر .
الباحثة في النوع الاجتماعي الأستاذة حكيمة لعلا  وصفت مشروع السجل الاجتماعي الموحد بأنه أول مشروع اجتماعي يدخل للشأن العام لحد الآن، باعتبار أن كل القضايا الاجتماعية كانت منحصرة في نقاش خاص،  وأن هذا القانون جاء بمستجدات جديدة تهم مساعدات اجتماعية للطبقات الهشة كموضوع يناقش ضمن قضايا الشأن العام، وأضافت ذات المتحدثة أن هذا القانون يخرجنا من مفهوم الخير والإحسان ويدخلنا إلى مفهوم الحق، معتبرة ذلك تقدما مهما وكبيرا وعلى المشروع أن يأخذ طريقا سليما وإيجابيا أثناء التنزيل، وأن تعويض الرعاية الاجتماعية بالمساعدات الاجتماعية هو الأقرب إلى مفهوم المواطنة الحقة.
وفي معرض حديثها عن المشروع اعتبرت حكيمة لعلا أن المدخل لنص المشروع عادة ما يتم عبر توطئة توضح أسباب النزول ودواعي هذا القانون، متسائلة هل هو تكملة للقوانين الأخرى السابقة ؟هل هو إزاحة أو مضايقة للقوانين الأخرى؟ هل هو كاف للتكفل بالمجتمع المغربي ؟ لا نجد جوابا سوى ثلاث فقرات،  تضيف الأستاذة لعلا، تتعلق بالمستفيدين والسجل الاجتماعي والوكالة الوطنية للسجلات، وعلى الجميع بذل مجهود لربط هاته الفقرات، حيث لا الفقرة الأولى تشرح علاقتها بالفقرة الموالية، ولا الفقرة الثالثة تشرح  علاقتها بالفقرات الأخرى، وفي أي إطار وبأي أهداف يمكن أن تشتغل هذه المؤسسات، وإذا كان هناك تعاون وتكامل فماهي الحدود الممكنة لهذا التعاون والأهداف المسطرة لكل مؤسسة على حدة، وما هو الدور المخول لهذه أو تلك؟ لا وجود لذلك، هناك فقط الإشارة إلى أن هناك تعاملا، وأن الأولى ستعتمد على الثانية،هناك الوكالة كمؤسسة تنفيذية تتضمن في النص كشيء منعزل، وربما تم التأكيد على دور الوكالة و استقلاليتها ومهام مديرها، وكأن النص يريد أن يؤكد على هيبة الوكالة أكثر من تركيزه على المستفيدين الذين كانوا فقط موضوعا للنقاش، وتم تغيبهم كفاعلين إيجابيين، حيث لم يتضمن النص مادة تخول للمستفيد الحق في مراجعة الملف أو القرار أو أن هناك مؤسسة قادرة على التدخل لإنصاف ذلك المستفيد .
واعتبرت المتحدثة نفسها أن النص، إذا اعتمدنا على اللغة التي كتبت به،  مشتت وممزق وليس هناك نقطة بداية أو نهاية، أو رابط واتصال بين الأفكار، ويتضح أن هناك أفكارا معينة أخذت وأدمجت مع بعضها والنص يضمر نصف المجتمع، حتى لا أقول إنه نص ذكوري، تضيف الأستاذة لعلا، لأن أي فئة مستهدفة من المشروع قد تتساءل هل هي المعنية بالأمر،  بمعنى أن النص في شموليته يخاطب صنف الذكور والجميع،  فالمشروع عندما يتحدث عن الأسر، فهو يتحدث عن نموذج أسري واحد وشامل، وفي لحظة معينة سيقف النص على الأفراد ، و من الصعب اختراق النص لأنه كتب ليصبح مغلقا، وهذا يعني أنه من الصعب إدخال تعديلات عليه، وهذا مشكل إجرائي حيث سيفتح المجال أمام الجميع لتقديم استفسارات حول مضمون النص وأبعاده، هناك اتجاه واحد في الكتابة وقد تم تغييب مبدأ المساواة، كما أن هناك مصطلحات معينة تم أخذها من مدونة الأسرة بحيث لم يتم بذل أي مجهود للتحديث أوالتغيير وإيجاد مصطلحات جديدة تلائم المشروع وأهدافه، وأنه يجب إعادة بناء النص من جديد بشكل متكامل تراعى فيه المساواة بين الرجال والنساء.
وتطرقت الباحثة في النوع الاجتماعي إلى المادة الثانية  في المشروع التي تشير إلى  « التحقق من صدقية المعلومات « حيث يتم الحديث عن الهيئة الوسيطة دون  تحديد للأشخاص المكونين لهذه الهيئة ومدى تكوينهم والوسائل المعتمدة للتأكد من صدقية المعلومات، وهل سيتم الاستعانة بالشيخ والمقدم لكي يقدما المعطيات حول الأسر والأفراد، وما يثيره ذلك من انتقادات واسعة، كما يطرح السؤال التالي :  هل نحن أما مؤسسة حديثة تشتغل بوسائل حديثة أم أمام  مؤسسة لا تزال تشتغل بوسائل متجاوزة؟ وواصلت المتحدثة قولها «  نحن خلقنا إطارا بشكل سريع والمشكل المطروح يظل مرتبطا بالأجرأة، والسلطة الوسيطة كيف ستختار؟ وما هي فائدتها وتكوينها؟ «، مؤكدة أن المصداقية تظل مشكلا كبيرا في المجتمع المغربي بحيث لا يجب أن تظل تقديرية وعلينا خلق معايير إجرائية، وعادت المتحدثة إلى المادة 15 من المشروع معتبرة أن  المسألة التي ركز عليها القانون هي التنقيط،  لكن كيف سيتم اعتماد ذلك في حالة عدم تقديم شهادة عمل بحكم اشتغال صاحبها  في الاقتصاد غير المهيكل كما أن القانون يتحدث عن الأسر، التي تتوفر على شروط الاستفادة دون ذكر هذه الشروط  وما هي طبيعتها بحيث إن المشروع كان عليه أن يذكرها ويؤكد عليها.
هذا و دعت الأستاذة حكيمة لعلا إلى ضرورة الاشتغال على المشروع من الناحية الإجرائية، بحيث لا بد أن يتضمن معايير مضبوطة ومفهومة لدى الجميع وخالية من الالتباسات التي قد تؤول بطريقة غير سليمة …
أحمد الدحماني، الباحث في قضايا التنمية والحكامة،  من خلال عرض تقدم به في هذه الندوة، أبدى تشاؤما من المشروع معتبرا أن لا معنى ولا مبرر له،  موضحا أن كل القوانين التي توضع في العالم يكون لها هدف والقانون الحالي من بين القوانين القليلة في المغرب التي صدرت بلا هدف ويمكن أن نطلع،  يضيف الأستاذ الدحماني، على المادة الأولى المتعلقة بالأحكام العامة وسنجد أن مبرر هذا القانون غير موجود بحيث أنه يهدف إلى وضع منظومة وطنية لتسجيل الأسر والأفراد الراغبين في السجل الاجتماعي الموحد، وتساءل المتحدث: هل هذا هو الهدف من هذا القانون وهل يستحق وضع منظومة وطنية له، وبالنسبة للمتحدث فالرد كان جاهزا حيث قال «  كان  بالإمكان أن نضع ونوسع من اختصاصات المندوبية السامية للتخطيط  أو مؤسسة وطنية أخرى، وأن نضع لها وعاء معلوماتيا يتم فيه ضبط وإحصاء السكان، وبالتالي فمبررات وجود هذا القانون ضعيفة جدا».
المتحدث استحضر الخلاصات التي ركز عليها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في إطار نقل التجارب التي أصبحت تنقل إلى العالم الثالث كوصفات علاجية للحد من الفقر، والنقاش الدائر حاليا يتمركز حول النمو والتنمية، والهدف من هذه العمليات هو تسريع عملية النمو من ناحية استقبال بنية الاستهلاك وبنية الإنتاج، فالمغرب انخرط منذ 2013 في تقييم هذا الوضع واستمر ذلك إلى غاية 2015 ، وكانت هناك تجارب حاول المغرب استنساخها لوضع السجلات الاجتماعية خاصة من طرف الهند، التي أصبحت نموذجا للاستلهام عند للبنك الدولي، والهند نموذج للنمو والدخل القومي العام وليس للتنمية، مضيفا أن القانون الحالي لا يستهدف الرعاية الاجتماعية ولا الدعم الاجتماعي، وإنما يستهدف فقط عملية ضبط المواطنين والمواطنات وتصنيفهم وفق معادلات لا تزال مجهولة، لأن القانون لا يعرف نفسه على أنه يبحث عن العدالة الاجتماعية،  ولا بتقليص الفجوات القائمة على مستوى النوع أوالطبقات الاجتماعية، وتساءل الأستاذ الدحماني هل نحن محتاجون لمثل هذا النقاش واستلهام نماذج من دول أخرى لكي نضع منظومة إحصائية ورقمية للتسجيل؟ كان من اللازم في البداية، يضيف المتحدث ذاته، أن نعمل على توسيع اختصاصات المندوبية السامية للتخطيط لتقوم بهذه المهام أو إلحاقها بالمؤسسة الوطنية المكلفة بحماية المعطيات الشخصية وتوسيع مهامها على مستوى وضع سجل اجتماعي وطني للسكان .
ونحن في ضيافة حزب سياسي يساري ديمقراطي في إشارة لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المنظم للندوة ، يضيف أحمد الدحماني ،  هل من العيب أن تبني الأحزاب السياسية برامجها على دعم المحتاجين والفقراء، حيث يجوز أن تبنى البرامج السياسية لصالح طبقة على حساب طبقة أخرى، واليسار دائما يستهدف في برامجه تلك الفئات المستضعفة والهشة والمهمشة  والعملية ليس فيها بعد استغلالي، فهناك توجه ليبرالي يؤمن بعلاقة الإنتاج و ملكيتها وهناك تنظيمات يسارية تؤمن بانتصارها للفئات الهشة والضعيفة .
وفي نظر الأستاذ الدحماني فالقانون جاء ببعض الإيجابيات المتمثلة في إبراز بعض التعريفات لكنه عاب عليه عدم تركيزه على مفاهيم أكثر أهمية مثل الفقر المتعدد الأبعاد و فقر التغذية والفقر النقدي، والقانون يفتقد لقواعد واضحة للتوجيه، فضلا عن عدم تضمنه لمفهوم الهشاشة  الاجتماعية،  وهذا المفهوم له تعريفات متعددة كان على القانون أن يوضحها، وكذا الإقصاء الاجتماعي ثم الإقصاء المجالي والتفاوت المجالي والقانون الحالي لا يرتب حقوقا، وأن التسجيل في السجل الاجتماعي الموحد  لا بد أن يكون مرتبطا بحق، وفي غياب ذلك لا يمكن الحديث عن هذا السجل، والقانون يجب أن يحدد طبيعة الفئات المستهدفة من حيث حاجياتها ومتطلباتها الاجتماعية، وعليه أن يوفر نوعا من حالة الاطمئنان  قبل المساعدة الاجتماعية،  وأن هذا القانون يجب أن يضمن  حقوق المستهدفين ويبعد عنهم  القلق، والدولة لا تتوفر على برامج الاستهداف الاجتماعي، باستثناء «الرميد» وبرنامج  «تيسير» ، وهناك فئات عريضة مهمشة وغير معنية بالاستهداف وبالتالي فالقانون يبني نفسه للمجهول …
ويستفاد من الورقة التقديمية التي تقدمت بها الفاعلة الحقوقية والنسائية الأستاذة السعدية السعدي  في بداية الندوة أن حزب القوات الشعبية كان دوما يعتبر أن محاربة الفقر و الهشاشة الاجتماعية لن تتأتى عن طريق عمليات الإحسان وتوزيع الصدقات بل من خلال تحمل الدولة لكامل مسؤوليتها قي اعتمادها مقاربة عقلانية برغماتية شمولية تشاركية، وهذا ما جسده الحزب من خلال تحمله المسؤولية الحكومية في مرحلة حكومة التناوب التوافقي عبر إقرار اعتماد عدد من برامج التنمية الاجتماعية، وفي مقدمتها التغطية الصحية الشاملة (راميد) وبرامج(تيسير)الهادف للحد من الهدر  المدرسي، هذه هي المرتكزات والأسس التي أطرت مساءلتنا لهذا المشروع الذي يكتسي كل راهنيته وأهميته في سياق مجتمعي خاص، والمشروع دخل المراحل الأخيرة في مسطرة التشريع حيث أنهت لجنة الداخلية بالمجلس مناقشته في ما تمت المصادقة عليه بمجلس المستشارين .
والهدف من هذا اللقاء هو الإسهام في تجويد هذا القانون وتسليط الضوء على جوانبه الإيجابية لتعزيزها وتدعيمها إضافة إلى الكشف عن مكامن الخلل فيه ومساءلته من زاوية الأهداف التي يسعى إليها عبر جملة من الآليات والمقتضيات التقنية، لقد كشفت إرادة مواجهة التحديات التي فرضتها الجائحة حقائق هامة من الضروري التوقف عندها، وفي مقدمتها قدرة الدولة إذا ما توفرت الإرادة السياسية الحقيقية على ابتداع وابتكار الآليات والإجراءات للحد من آثارها، كما كشفت من جهة ثانية عن وعي عال لدى المواطنين للرهانات والتحديات التي تطرحها مواجهة الجائحة.
كما تم التصدي لظاهرة الإقصاء والأبعاد الاجتماعية أساسا عبر المبادرة الوطنية للتنمية الاجتماعية 2005 التي وصلت إلى أكثر من 140 برنامجا كان من المفروض أن توجه لتوفير خدمات اجتماعية للفئات الهشة والفقيرة، إلا أنه وقع لم يكن بالحجم المطلوب نظرا للعديد من الاختلالات، التي رافقت تطبيقها على أرض الواقع حيث كشفت دراسات أن مشاريع الدعم العمومي لم تستفد منها الفئات المستهدفة بل الفئات الغنية والشركات الكبرى، وهكذا نجد أن 13 مليون مغربي، أي ما يعادل ثلث سكان المغرب، ما زالوا تحت عتبة الفقر، وأن 10 ملايين مواطن يعانون من الأمية وأكثر من 50 بالمئة محرومون من التغطية الصحية، وأكثر من 4.5 ملايين شاب وشابة خارج قطاعات التعليم والتكوين والشغل ممن يعانون من بطالة جزئية أو كاملة ناهيك عن وضعية المرأة المغربية.
هكذا نجد أن آلية التنمية البشرية في المغرب تعاني من عطب مزمن ينبغي إصلاحه، ومن هنا جاءت الدعوة الملكية لصياغة آلية قانونية لوقف إخفاقات برامج الدعم العمومي السابقة ووقف عملية إهدار المال العام، وضمن هذا السياق جاء قانون 72/18 الذي يهدف إلى وضع السجل الاجتماعي الموحد،  كما هو منصوص عليه في المادة الأولى، وذلك عبر وضع منظومة وطنية لتسجيل الأسر والأفراد تشرف عليها الإدارات العمومية والجماعات المحلية والهيئات الوطنية من خلال إحداث سجل اجتماعي موحد، ويكون الغاية من ورائه تحديد الفئات المستهدفة لتمكينها من البرامج المذكورة.
حيث يرتكز هذا المشروع على 4 ركائز من قبيل السجل الاجتماعي الموحد، السجل الوطني للسكان، المنصة الرقمية لحفظ المعطيات الشخصية، الوكالة الوطنية للسجلات.
هذا المشروع يطرح العديد من التساؤلات ومنها:
ما هي الخلفيات وراء طرح هذا المشروع في السياق الحالي حيث لم يسبقه أي نقاش عمومي، وفي الوقت نفسه نجد أن العديد من برامج الدعم العمومي وبرامج التنمية البشرية لم يتم بعد تقييمها ؟
ما علاقة المشروع بإرادة إلغاء صندوق المقاصة الذي يدعم العديد من المواد التي تستهلكها الطبقات الفقيرة ؟
يتحدث المشروع عن الراغبين في الاستفادة من برامج الدعم، ولا يتحدث عن الولوج لهذا الحق، حيث يشترط المشروع التوفر على مجموعة من الوثائق المتعلقة بإثبات الهوية والسكن الخاص و ملء الاستمارة والتقييد في السجل الاجتماعي الموحد، فهل يجهل المشروع أن الأمية ما زالت تضرب أطنابها، ونجد أن العديد من الأفراد والأسر ليس لهم سكن قار و لا وثائق لإثبات الهوية ؟
غياب أجندة وأفق زمني لأجراة هذا القانون، حيث صرح كل من الوزير الداودي ورئيس الحكومة أن تطبيق المشروع سيكون سنة 2019،  في حين صرح الوزير المنتدب في الداخلية أن تطبيق القانون سيتم ما بين 2023/2025.
نجد أن المشروع خصص حيزا هاما مهما للوكالة الوطنية للسجلات كمؤسسة تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلالية لكنه في نفس الوقت يصمت عن علاقتها مع مؤسسات أخرى كالوكالة الوطنية للتنمية الاجتماعية ومؤسسة التعاون الوطني كما يصمت عن كيفية تشكيلها ومكوناتها والجهة التي ستشرف عليها، فهل سيكون تحت إشراف أم الوزارات ؟
غياب التأطير المرجعي حيث نسجل أنه في مذكرة المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في إحالته الذاتية لاحظ غياب الديباجة لمشروع القانون، ونجد أن الديباجة تضطلع بدور أساسي إضافة إلى أنه غير ملزم ولا يمكن تعديله، ولن يتم نشره في الجريدة الرسمية، وتحيلنا هذه الملاحظة على الإطار المرجعي، وكذا عن مضمونه ومقتضياته وتطابقه مع المواثيق والمعاهدات الدولية في مجال الحماية الاجتماعية التي صادق عليها المغرب، والذي يظل ملزما باحترامها وكذا المبادئ  والقيم التي يضمنها الدستور، سواء في ما يخص عدم التمييز والمساواة وتفعيل المقاربة التشاركية إضافة إلى ما روكم من تجارب إيجابية في مجال تفعيل وأجرأة مقاربة النوع الاجتماعي، لذا من الضروري تأنيث لغة القانون، خاصة عندما يتعلق الأمر بالشخص المصرح أو النائب الشرعي وعلى ضمان تمثيلية وازنة للنساء في جميع أجهزة الوكالة الوطنية للسجلات.
هذا وكانت منسقة لجنة قضايا النساء والشباب والمناصفة وتكافؤ الفرص بحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الأستاذة فاطمة الزهراء الشيخي قد اعتبرت أن هذا اللقاء يندرج في إطار الدينامية السياسية  والتنظيمية التي انخرطت فيها المؤسسة الحزبية، وكذا الإسهام مع كل القوى الحية في أفق بلورة أسس ومرتكزات نموذج تنموي جديد يقطع مع مخلفات النموذج التنموي السابق، وما أفرزه من مظاهر التهميش والفقر وحرمان فئات وشرائح اجتماعية واسعة من أبسط حقوقها .
كما يندرج، تؤكد الشيخي، ضمن انشغالات لجنة مهتمة بقضايا الشأن العام والسياسات العمومية باعتبارها جزءا لا يتجزأ من المجتمع المدني الذي من حقه ومن واجبه  أن يتحمل مسؤوليته وأن يلعب دوره كقوة اقتراحية من أجل إقرار سياسات عمومية ناجعة ومنصفة ودامجة لكل المواطنين والمواطنات.
وإن اهتمامنا بمشروع هذا القانون، تضيف منسقة اللجنة المذكورة، ينطلق من هويتنا الاشتراكية الديمقراطية المبنية على مبدأ العدالة الاجتماعية، مما تعنيه من مساواة وتكافؤ الفرص وتوازن اجتماعي، وكذا الحق لكل فرد في الخدمات الأساسية التي تحفظ للمواطن كرامته، كما ترتكز على مبدأ التضامن الاجتماعي.

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

انعقاد المؤتمر الثامن لإقليم الرباط

خلال التجمع الجماهيري لدعم الاخ محمد ياسر الجوهر بفاس: إجماع المتدخلين على فشل الأداء الحكومي

خلال اجتماع مؤسسة كُتاب الجهات والأقاليم

 فرع الحزب بأكدال الرياض ينظم ندوة حول «الدولة الاجتماعية الآفاق والتحديات»