في الوقت الذي كان الرأي العام، ينتظر فيه إجابات شافية وكافية حول تأخير عملية التلقيح ضد كوفيد 19 المستجد، خاصة أن المغرب كان من بين الدول السباقة  لتوقيع اتفاقيات بهذا الخصوص مع عدد من الدول والشركات، كان عرض رئيس الحكومة غير كاف لتقديم الإجابات الواضحة والحقيقية التي شكلت موضع تساؤلات لدى المواطنات والمواطنين.
وبحسب عدد من المستشارين، ترك رئيس الحكومة لدى عامة المواطنين «مساحات بيضاء، ولم يقدم أجوبة تشفي الغليل» خلال تدخله في الجلسة العمومية الشهرية، التي عقدها مجلس المستشارين أول أمس، وخصصت لتقديم «الأجوبة عن الأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة من قبل رئيس الحكومة»، حول موضوع «الاستراتيجية الوطنية للتلقيح ضد وباء كورونا».
وقال عبد الحميد فاتحي، رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين، إنه إذا كانت بلادنا في مقاربة استباقية قد تفاوضت حول التعاقد لجلب اللقاحات خاصة من الصين والمملكة المتحدة، فإن تدبير هاته المرحلة اتسم بالغموض والارتباك وغياب الوضوح.
وصرح فاتحي، بأن المقاربة الشمولية التي اعتمدتها بلادنا لمواجهة تداعيات الوباء كوفيد-19 ، في تفرعاتها الصحية والاقتصادية والاجتماعية، كانت ناجحة في ملامسة مسؤولة للمعايير المعتمدة دوليا، خاصة في طرف منظمة الصحة العالمية والمنتظمات الدولية وفي مقدمتها، خاصة في المرحلة الأولى تحت الحجر الصحي، بطابعها الاستباقي والقرارات المتخذة لتمنيع بنيات الاقتصاد الوطني والتخفيف من قسوة الواقع على الوضع الاجتماعي.
و أكد فاتحي، أن ذلك مكن بلادنا من الانخراط في التفكير الجماعي المؤطر من قبل القوى الفاعلة على الساحة الدولية، بهدف البحث عن منافذ أخرى لتمكين الاقتصاديات الوطنية من إعادة دينامية النمو وتطويق التداعيات على الوضع الاجتماعي.
وأوضح فاتحي، في مداخلته بمجلس المستشارين للتعقيب على رئيس الحكومة في إطار المساءلة الشهرية حول موضوع: « الاستراتيجية الوطنية للتلقيح ضد وباء كورونا»  الثلاثاء 19 يناير 2021، أن معركة اللقاح ضد كوفيد-19 انطلقت في تنافس بين المختبرات العالمية وشركات صناعة الأدوية لاقتسام السوق الدولية للقاح من منطلقات ليبرالية محضة.
و أضاف، «هكذا رأينا الدول الكبرى تمكنت من إنتاج لقاح وطني تسعى لتسويقه إلى باقي دول المحور وفي نفس الآن احتكار الحصة الأكبر لمواطنيها، كما هو الشأن بالنسبة لأمريكا وكندا اللتين خصصتا خمسة أضعاف من اللقاح للوضع الداخلي، وثلاث مرات بالنسبة للاتحاد الأوروبي وأربع مرات بالنسبة للمملكة المتحدة بالموازاة مع انطلاق حملات التلقيح في هذه البلدان وغيرها وفق الأجندات المعلنة لشعوبها.»
و أبرز فاتحي، أن إخبار الرأي العام بمضامين الاستراتيجية الوطنية للتلقيح بشكل منتظم، كان سيكون جزءا من المجهود المبذول لمحاربة الوباء، وقال: وهنا لا أتحدث عن الإجراءات والتدابير التنظيمية واللوجستية، والتي لاشك أن العمل المشترك بين وزارتي الصحة والداخلية قادر على توفير البنيات الضرورية والعنصر البشري الضروري لتمر عملية التلقيح في ظروف مناسبة، وإنما أتحدث عن المواطن الذي تم حرمانه طول هاته المرحلة إلى الآن من المعلومة الحقيقية والأخيرة المفترضة لمراحل التلقيح، مما أتاح الفرصة لانتشار كثير من الشائعات وتداولت المواقع الاجتماعية كثيرا من خطابات التشكيك التي وصلت إلى حد ابتداع خلافات داخل اللجنة العلمية وحول نجاعة اللقاح إلى آخر القصص المغرضة.»
و أكد المستشار الاتحادي، أن هذا الدافع كان من المفروض على الحكومة أن تقدم الحقائق بشأنه تفاديا للخلط والغموض ومنطق التيه الذي أصبح يطغى على الرأي العام. و كان على الحكومة عبر رئيسها أو الناطق الرسمي باسمها وعبر وزارة الصحة أن تظل في تواصل مستمر مع المواطن المغربي والتصدي لكل الشائعات المغرضة وإعطاء التوضيحات اللازمة حول اللقاح ومصدره ونجاعته وسلامته، وما هي الصفقات التي تم إنجازها في هذا الإطار والكميات المتوصل بها من اللقاح، وإمكانيات التخزين، والأجندة للتوصل بدفعات التلقيح، وما هو التاريخ المفترض لانطلاق عملية التلقيح بناء على المعطيات المتوفرة لدى الحكومة.
و ذكر، أن المحاولات التي تم انتهاجها للتواصل عبر الإعلام لم تكن موفقة. فقد كان من المفروض أن تكون اللجنة العلمية في الواجهة لشرح وتوضيح كل ما من شأنه أن يزرع الثقة والطمأنينة لدى المواطن حول هذه العملية الوطنية غير المسبوقة، وللإجابة عن الأسئلة المقلقة للمواطنات والمواطنين، حول نجاعة اللقاح وسلامته، وحول التطورات والتحولات التي يعرفها الوباء. فباستثناء بعض الخرجات الموفقة لبعض أعضائها والتي كانت تعطي الاضاءات الضرورية وتطمئن الرأي العام، كانت كثير من الخرجات لغير المختصين تربك أكثر مما توضح.
و خلص فاتحي، إلى أن الاستراتيجية الوطنية للتلقيح، تحتاج إلى استراتيجية تواصلية محكمة، سواء حول الجانب التنظيمي واللوجستي منها في المجال الحضري أوالمجال القروي، و ما هي الخطط المرسومة للوصول إلى المواطنين في المناطق الصعبة والنائية، أو سواء حول برنامج التلقيح والصعوبات التي ترافق التعين في زمن التلقيح والتي تعكسها التصريحات المتعددة لعدة مسؤولين والتي تتنبأ كلها بقرب تلقي التلقيح.
وفي الآن نفسه ، تساءل فاتحي عما هي الشركات التي تم التعاقد معها صينيا أو هنديا أو روسيا، وما حقيقة التصريحات التي يطلقها مسؤولو الدول المنتجة للقاح، موضحا أن الحسم في التقدير من عدمه مازال موضوع نقاش داخلي، ما يستدعي الإجابة عن عدة أسئلة:
هل كانت المفاوضات مع عدة شركات لإنتاج اللقاح أم تم الاقتصار على شركتين اثنتين فقط؟ما موقع الشركة الوطنية المصنعة في هذا الإطار؟
من جانبه، طالب الفريق الاشتراكي بمجلس النواب ، بعقد اجتماع لجنة القطاعات الاجتماعية بحضور خالد آيت طالب وزير الصحة، لتخصيصه لتدارس تطور الوضع الوبائي لفيروس كورونا ببلادنا ومآل الاستراتيجية الوطنية للتلقيح.
ويأتي طلب الفريق الاشتراكي في سياق الاستعدادات التي شرعت السلطات المشرفة على عملية التلقيح الوطنية ضد فيروس كورونا في المغرب، في ترتيب عدد من تفاصيلها ، حيث أقيمت عدة تدريبات ميدانية لموظفي الصحة، ليكونوا جاهزين لبدء المرحلة الأولى من حملة التطعيم ضد وباء كوفيد 19 ، وسط توقع بأن تنطلق خلال الأيام القليلة المقبلة.

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

النائبة مجيدة شهيد تسائل الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية حول خلفيات وقف الدعم المالي المباشر عن بعض الأسر القاطنة بإقليم زاكورة.

الفريق الاشتراكي يسائل وزير الداخلية حول تخريب الرعاة الرحل لمصادر عيش السكان المحليين باقليم تزنيت

نواب البرلمان المغربي يسقطون مقترحات تعديلات البرلمانيين الجزائريين

الأخت خدوج السلاسي ضمن وفد برلماني بمقر الامم المتحدة بنيويورك