يونس مجاهد

يُصِرّ الأمين العام لحزب العدالة، عبد الإله بنكيران، على استعمال خطاب ديني متخلف، عندما يتوجه إلى أنصاره أو إلى الرأي العام، بأسلوب سطحي، شبيه بكلام الحلايقية، الذين يتقمصون دور الوعاظ في الأسواق، كما فعل مؤخرا في أحد اللقاءات الحزبية، عندما وَعَدَ الأعضاء الحاضرين في اجتماع حزبي بدخول الجنة.

وهذه ليست المرة الأولى التي يلجأ فيها بنكيران، إلى هذا النوع من الخطاب. فقد سبق أن قال بأن حزبه خرج من المساجد، وهو ينفذ ما جاء منها، كما يحرص في كل خطاباته، على توظيف الدين، كفقيه شعبي.
في واقعة الوعد «الحزبي» بدخول الأعضاء والأنصار للجنة، استلهم بنكيران، شعارا انتخابيا، سبق أن لجأت إليه جبهة الإنقاذ الجزائرية، التي كانت تربط التصويت عليها بدخول الجنة، وكذلك فعلت حركة «الإخوان المسلمون»، في مصر. وهو بذلك، يكشف حقيقة الشحن الإيديولوجي الذي تقوم به مثل هذه التنظيمات الأصولية، بين صفوفها، ولكن أيضا مع المواطنين، في المساجد وفي كل الأنشطة التي تقوم بها، من اجتماعات حزبية وتعبوية وحضور في المآتم والأعراس وحفلات الختان… وفي توزيع الصدقات وغيرها من أشكال الحشد الديني، المغلف بصفة الحزب السياسي.

ورغم أن بنكيران، وحزبه، لايجهران بإخراج خصومه من الأحزاب الأخرى، من نعيم الجنة، إلا أن وعده لأنصاره وناخبيه، يتضمن استثناء واضحا لها، لأنها لاتدخل في عِدادِ «الفِرْقَةِ الناجِيَةِ»، وهو مفهوم تلجأ إليه كل الإيديولوجيات للديانات الأصولية، التي تقسم الناس إلى قسمين: الناجون من النار، وهم الأنصار والأتباع، من جهة، أما الباقي فهم جماعة من المارقين.

غير أن الذي يثير التساؤل، هو لماذا يستعمل الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، هذا الخطاب، في الوقت الذي يُسَوِّق التنظيم عن نفسه، أنه ليس حزبا دينيا؟

 

لسببين مترابطين: الأول، هو أن الحزب بني على أساس تجمع لتنظيمات دعوية/ دينية، وكَيَفَ كل إيديولوجيته ودعايته على هذا الأساس، لجمع الأنصار والناخبين، لذلك فهو لن يخذلهم في قناعاتهم.والثاني، مؤشر على طبيعة الحملة الانتخابية التي يهيء لها هذا الحزب، والتي سيصل فيها استغلال الدين إلى مداه الأقصى، غير عابئ بما يفرضه الدستور والقانون، من منع للأحزاب الدينية.
من أجل رئاسة الحكومة، فرض بنكيران على حزبه مؤتمرا استثنائيا لتمديد ولايته، لذلك لن يُعْلِنَ في الظاهر، احترم الدستور أو القانون، فتلك مهمة موكولة إلى رئيس المجلس الوطني للحزب، سعد الدين العثماني، الذي يردد، دون خجل، في كل المحافل، أن حزب العدالة والتنمية ليس حزبا دينيا.

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

الخروج  اليوم عن المبادئ والقواعد والأعراف والتوافقات ترجمة لمنطق التغول : إلزامية عدم التراجع عن المكتسبات التي سبق إقرارها في النظام الداخلي

حتى  لا تتحول مجالس الحكامة الى آلية للتحكم

اليوم يفتتح ذ.إدريس لشكر المؤتمر الوطني لقطاع المحامين

الأغلبية تظهر «وحدة الواجهة ـ الفاصاد»، وواقع مكوناتها يؤكد ما قاله الاتحاد وكاتبه الأول..