أيتها السيدات، أيها السادة،
نساء ورجال الإعلام؛
أيتها الأخوات، أيها الإخوة؛
أيها الحضور الكريم؛

أشكركم في البداية على تلبية الدعوة الموجهة إليكم لحضور وقائع الندوة الصحافية التي تنعقد في هذا اليوم الذي يصادف يوم 6 شتنبر 1959، والذي شهدت فيه سينما الكواكب بالدار البيضاء انعقاد المؤتمر الوطني التأسيسي للحزب كتتويج لسلسلة من المؤتمرات الجهوية لهذه الحركة السياسية التي انطلقت منذ 25 يناير 1959.
إن الحزب اليوم، باستحضاره لهذه اللحظة التاريخية، واستشعاره لأهمية المرحلة التي تمر منها بلادنا، والتي تستلزم تقوية مصداقية العمل السياسي ببلادنا، وتجميع الطاقات والكفاءات الحزبية حول أهداف مُحددة تُراعي تطلعات مختلف الفئات الشعبية وتعمل على تحقيقها على أرض الواقع؛ يعتز أولا بتاريخه النضالي، ويقف باحترام وإجلال أمام أرواح شهدائه وما قدمه مناضلوه ومناضلاته من تضحيات جسام تفوق ما قدمته مجموع الأحزاب السياسية الأخرى مجتمعة؛
ويعتبر أن مبادئ الوفاء والإخلاص تفرض عليه استحضار كون الاتحاد الاشتراكي كان دائما يُشكل عائلة تعمل كل قواه الحية يدا في يد؛
ووفاء منا لهذا التاريخ المشرق، قررنا تخصيص احتفالات خاصة للذكرى الستين لتأسيس حزبنا.
وفي هذا الصدد، فإننا نستحضر لحظة التأسيس والقيم والمبادئ التي تحكمت فيها، حيث لم يتم التأسيس بإرادة مجموعة من الأشخاص، وإنما جاء ذلك للاستجابة لظروف موضوعية كانت تستلزم بناء الدولة المستقلة وإرساء الديمقراطية والمؤسسات والتحديث؛
وعلى امتداد الستين سنة الماضية، كان حزبنا حاضرا بقوة في مواجهة الظلم والاستبداد، إن على مستوى تأطير المواطنات والمواطنين، أو على مستوى تمثيلهم في مختلف المؤسسات المنتَخَبَة، مُتحديا كل الصعوبات والعراقيل، وآلة القمع والاختطاف والتعذيب، ومواجهة تزوير الإرادة الشعبية، فكانت الضريبة التي أداها ثقيلة بكل المقاييس وبشكل جعل جل أشغال هيئة الإنصاف والمصالحة تهم ملفات مناضلي ومناضلات الحزب.
ورغم كل ما سبق، فإن حزبنا تجاوز في لحظات عديدة مصلحة الحزب مُقدما مصلحة الوطن عليها، فكانت مبادراته في إطار الكتلة الوطنية، أو من خلال المساهمة في مختلف الاستحقاقات الانتخابية، أو في إطار الكتلة الديمقراطية، أوفي الاستجابة لنداء إيقاف نزيف السكتة القلبية، وبالموازاة مع ذلك التنبيه إلى كل ما يُمكن أن يضر بالوطن والمجتمع من خلال فضح خروقات حقوق الإنسان، والتنديد بالانتخابات المزورة، وعدم المشاركة في الاستفتاءات التأكيدية حول نصوص دستورية غير مُتوافق حولها، وتقديم ملتمسات الرقابة ضد السياسات اللاشعبية للحكومة، والاحتجاج النقابي ضدها، والفضح الإعلامي لها.
وترسخ هذا الانخراط بشكل أكبر مع انطلاق المسلسل الإصلاحي للعهد الجديد، الذي عرف طي صفحة الماضي، وفتح صفحة سياسية وحقوقية جديد، وإطلاق الأوراش الكبرى السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهو المسار الذي توج بإقرار دستور2011.

أيتها السيدات، أيها السادة؛
إن هذا المسار الحافل بالعطاءات، هو الذي مكن حزبنا اليوم من أن يُحافظ على مكانته داخل المشهد الحزبي والسياسي، وأن يكون في صلب الأوراش الإصلاحية الكبرى التي تشهدها البلاد، مُتحديا أية صعوبات يضعها خصوم التقدم والحداثة أمامه، وناشرا لقيم العقلانية والحرية والمساواة بمفاهيمها الكونية المتعارف عليها؛
وبنفس العزيمة والإرادة، فإن حزبنا يعتبر أن الظرفية تقتضي إعادة الدفء للعائلة الاتحادية من خلال تحديد أفق اتحادي جديد قائم على المصالحة والانفتاح، وأن الذكرى الستينية تفرض علينا تحمل المسؤولية الجماعية لإنجاح هذا الورش الذي نريده ورشا عامة وشاملا، يُصالح الذات الاتحادية مع نفسها من خلال تجميع الحركة الاتحادية، ومع المجتمع عبر الانفتاح على الطاقات والكفاءات المختلفة.
وتخليدا لهذه الذكرى الستينية التي اخترنا لانطلاقها تاريخا يحمل دلالات كبيرة لدى حزبنا ولكن أيضا لدى كل الحقوقيين والنزهاء والشرفاء وحركات التحرر الوطني التقدمية والحداثية؛
إنه تاريخ 29 أكتوبر..
التاريخ الذي جعل حزبنا منه يوما للوفاء لروح الشهداء.
وانطلاقا من هذا التاريخ سيتم الإعلان عن برنامج مُفصل وشامل يستهدف إنعاش الذاكرة الوطنية بصفة عامة والذاكرة الاتحادية بصفة خاصة، من خلال أنشطة مـُتعددة متنوعة من قبيل:
المعرض المركزي لوثائق الحزب وأرشيفه الصوتي، والسمعي البصري؛
معرض لمنشورات الحزب؛
معرض الصور الحزبية النادرة؛
المعرض المتنقل بين مختلف أرجاء الوطن،
الندوات الوطنية الكبرى والندوات الموضوعاتية الجهوية التي ستقارب التحولات التاريخية والتوجهات المستقبلية المتعلقة بقضايا الاقتصاد الوطني، والمسألة الاجتماعية، والسؤال الثقافي، والبناء الديمقراطي والمؤسساتي، والوحدة الترابية والاندماج المغاربي؛
توقيع كتب قادة الحزب ومثقفيه ومُبدعيه؛
جلسات للاستماع لشهادات تاريخية وتسجيلها قصد أرشفتها … إلى غير ذلك مما سنُعلن عنه يوم 29 أكتوبر 2019.

أيتها السيدات، أيها السادة؛
إن هدفنا من الاحتفال وهذه التظاهرات، لا تُحركه رغبة ذاتية، أو تفرضه حسابات ضيقة مُعينة، بقدر ما نُريده فرصة لأخذ العبرة من الماضي لبناء المستقبل الزاهر. فحزبنا لا يُمكن فصله عن تاريخه الذي ينبغي الاستناد عليه لبلورة آفاق واعدة لبلدنا ومُجتمعنا، قوامها عدالة اجتماعية مُنصفة، قائمة على أساس نموذج تنموي جديد، مُستجيب لتطلعات مختلف الفئات الشعبية التي تم تأسيس حزبنا من أجلها.
وفي خضم هذه الاحتفالات، سنستمر في الاهتمام والاشتغال على الورش المستقبلي الذي يهم الأفق الاتحادي؛
وهو الأفق الذي اخترنا له شعار: المصالحة والانفتاح؛
وأصدرنا بشأنه نداء العودة والرجوع والاندماج من جديد في حضن العائلة الاتحادية؛
نداء لا يستهدف تسجيل مواقف ظرفية أو مؤقتة، بقدر ما يستهدف إعادة بعث الروح الاتحادية في إخوان وأخوات قادتهم الظروف إلى الابتعاد عن العمل السياسي؛
نداء يستهدف الانخراط في مسلسل الانفتاح على الكفاءات التي نريدها كُفؤة ونزيهة وقادرة على الانخراط في التصور الاتحادي.
إن مبادرات حزبنا ليست غاية في حد ذاتها، بل الهدف منها الانخراط في تعزيز التراكمات التي تحققت خلال العشرين سنة الماضية، والمساهمة الفاعلة في المرحلة المقبلة التي حدد رهاناتها الكبرى جلالة الملك في خطاب عيد العرش الأخير، والتي مثل الإقلاع التنموي الشامل عنوانها الأبرز
أشكركن وأشكركم على تلبية الدعوة.
وأنا رهن إشارة الجميع للإجابة عن أي تساؤل.

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

الكاتب الأول الأستاذ إدريس لشكر يترأس المجلس الجهوي الموسع بجهة مراكش -أسفي

انعقاد المؤتمر الثامن لإقليم الرباط

خلال التجمع الجماهيري لدعم الاخ محمد ياسر الجوهر بفاس: إجماع المتدخلين على فشل الأداء الحكومي

خلال اجتماع مؤسسة كُتاب الجهات والأقاليم