كانت فرصة الاحتفاء باليوم العالمي للمرأة, مناسبة للمنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات لتنظيم ندوة فكرية في موضوع «المشاركة السياسية للنساء مدخل أساسي للدولة المدنية»يوم 30 مارس بمركب الحرية الذي غصت جنباته بالنساء الاتحاديات والاتحاديين, وعدد هام من المثقفين والمبدعين وشرائح اجتماعية مختلفة, هبت لمتابعة أشغال الندوة التي أدارها د الخمار العلمي الباحث السوسيولوجي الذي تحدث عن نضالات المرأة العربية عامة والمغربية خاصة, مذكرا بالقولة الشهيرة للكاتب العربي احمد أمين, الذي سئل عند عودته من أوروبا عن سر نهضة دولها حيث قال.. إن ذلك التطور يرجع للمرأة والماء ،كما ذكر بالقولة الشهيرة للصوفي ابن عربي الذي أكد أن المجتمع الذي لايهتم بالمرأة مجتمع لايستقيم ،ليعطي الكلمة بعد ذلك للمناضلة خدوج السلاسي الكاتبة العامة للمنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات التي أكدت أن أنشطة المنظمة مؤطرة بسمة نسائية, مشيرة إلى أن الدولة المدنية أساس المواطنة الحقة, لتتساءل عن أهمية الدولة المدنية في حياتنا السياسية ؟ والتي يعتبرها الاتحاد الاشتراكي التجسيد الحقيقي للمساواة والمواطنة, لأن فيها تنتفي التصنيفات وتتحقق المساواة وهي تطور شمولي مندمج للمواطنة الكاملة, إذ لايمكن تحقيق الدولة المدنية إلا بالمشاركة المكثفة للنساء لتتحول التمثيلية الحالية إلى تمثيلية حقيقية .
وأضافت قائلة صحيح أن هناك تواجدا نسائيا في مختلف الواجهات والأصعدة ماعدا المجال السياسي رغم كل الحركات النسوية المدنية والجمعوية المتواجدة ،وأضافت الكاتبة الوطنية للمنظمة الاشتراكية للنساء خدوج السلاسي قائلة .. بعد الربيع العربي لابد من مساءلة النفس لتثبيت الحداثة والديمقراطية وتثبيت أحقية النساء في العمل السياسي بالأحزاب المغربية ولابد من تحويل رأسمالنا الرمزي إلى قول حتى ننتصر في الاستحقاقات, فنحن نعتبر في منظمتنا أن النضال النسائي جزء من المشروع الحداثي الديمقراطي, لدى نطمح في استقطاب الفاعلين السياسيين و الحداثيين والتقدميين والحقوقيين والمبدعين للمساهمة في تكريس الدولة المدنية للوقوف والتصدي لحركات تنظيرية تنظر إلى الوراء مع مد اليد للعلماء المتنورين ،فنحن نحترم ثقافتنا وتعددنا واختلافاتنا, لأن ذلك مدخل أساسي لحداثة الدولة المدنية .
خديجة القرياني, عضو المكتب السياسي, أكدت أن المنظومة الديمقراطية لايمكن أن تكتمل إلا بالدولة المدنية, وهي الإطار الأوحد للحديث عن تكريس حقوق الإنسان ،فنحن مقتنعون ,تقول عضو المكتب السياسي خديجة القرياني, في الاتحاد الاشتراكي بالدولة المدنية انطلاقا من تجميع القوى الديمقراطية والحداثية ودحض الأصولية المتطرفة المحافظة, هؤلاء الذين يندسون في الجمعيات المدنية ،لذا يجب أن نكون واضحين في مواجهة دعاة الانغلاق وتهديم الأفكار ورفع اللبس الذي يحاول الأصوليون صبه على مفهوم الدولة المدنية باعتبارها مستوردا أوروبيا ومعادية للأديان ،فهؤلاء يرفضون الدولة المدنية وتلك قناعتهم ،ولعل ما نراه في أحزابهم ليس إلا تكتيكا لكسب المعارك السياسية فقط ,علما أن مجهود القوى الديمقراطية ينطلق من مرتكزات العدالة الاجتماعية والديمقراطية وحقوق الإنسان ،ووعينا في الاتحاد الاشتراكي هو تأسيس مجموعة من الجبهات الثقافية والنقابية والسياسية ضمانا لتأصيل بناء الدولة المدنية ،كما تطرقت للحديث عن أهم أنشطة القطاع الاتحادي النسائي سابقا وعن أهمية الدولة المدنية انطلاقا من التقرير الاديولوجي للشهيد عمر بنجلون .وأضافت القرياني قائلة ..إن الدولة المدنية ليست معادية للدين ولا تدخل ما هو عقائدي في ما هو سياسي, غير أن الصراع الحالي هو استغلال الدين وتوظيفه من طرف القوى المحافظة و من طرف الحزب الاغلبي العدالة والتنمية، كما تطرقت للحديث عن فكر بن رشد والاختلافات بين مفكري عصر النهضة, مؤكدة أن الدولة المدنية مشترك أساسي لدى الديمقراطيين والحداثيين..
وخلصت عضو المكتب السياسي في مداخلتها مسلطة الضوء على تاريخ الفكر العربي الذي ظل يناقش مفهوم الدولة المدنية بطريقة محتشمة باستثناء نظريتي طه حسين وسلامة موسى, إلى ان ظهرت وثيقة علماء الأزهر المتعلقة بحقوق المرأة, مضيفة أن المشكل الحالي هو ظهور فئة تكرس منظورا مخالفا للحداثة من خلال فتاوى متشددة ,علما أن الدولة تغض الطرف عن هذه الجماعات التي تخترق الأوساط الشعبية .
من جهتها تحدثت عائشة لخماس, المحامية والبرلمانية,عن الديمقراطية الاثنية والتي كانت تقسم المجتمعات إلى فئات, مشيرة إلى أن الديمقراطية معركة مستمرة وليست صناديق فقط والديمقراطية هي الفرد وليس المواطن الذي لا علاقة له بإقليم اومجموعة, فنحن افتقدنا المواطن الذي يحرك المثلث الذي يؤدي إلى التغيير السياسي والاقتصادي والاجتماعي, فالكوطا والمناصفة ليست إلا آليات تمكننا من الوصول إلى الديمقراطية التي نصنعها باستمرار وتعبر عن الإرادة الجماعية, فنظرة النساء ليست هي نظرة الرجال ومسألة المساواة يحملها الذكور والنساء, إلا أن الفصل 8 من الدستور لم يفعل رغم نضالنا من اجل إيصال المرأة إلى البرلمان والجماعات وعلاقة القرب مع المواطنين فحق الترشيح والتصويت مشروع للمرأة بدون وصي ،لقد انتزعنا اللائحة الوطنية التي أوصلت المرأة للبرلمان رغم معا رضة بعض النساء اللائي كن يفضلن الترشيح لمنافسة الرجل, غير أن 12 في المئة عدد لايكفي لذا يجب تفعيل الفصل 19 ،كما تطرقت للحديث عن مدونة الآسرة, هذا المولود الذي شكل استمرارية للدفاع عن المساواة التي جعلت المغرب يحتل مراتب متدنية عالميا باحتلاله الرتبة 130 في التنمية البشرية نتيجة عدم المساواة وهو ناتج كذلك عن تفقير النساء وإبعادهن عن ولوج أسواق الشغل وغير ذلك من المجالات ،كما تطرقت إلى الحقوق السياسية والتي يراد بها الحقوق المدنية للمرأة من 1988 الى سنة 2000 في الوقت الذي اعترف فيه المغرب بحق المرأة السياسي وحقها في الترشيح, غير أن النساء لم يصلن إلى البرلمان الابعد 90 سنة من وضع أول دستور مغربي ،وأنهت مداخلتها متحدثة عن أول شهيدة في النضال السلمي بفاس وعن أول امرأة خرجت في تظاهرة بالخميسات سنة 1913 مشيرة أيضا إلى نضال المرأة في المناجم وحمالات الموانئ اللائي سقطن في البيضاء بعد اغتيال فرحات حشاد ،ثم تساءلت عن أي مجتمع نتحدث وكيف نسمي مجتمعا يرفض كل هذه المعطيات مجتمع اشتغل بالصراع السياسي وتناسى المرأة .
وقد اغنى المتدخلون والمتدخلات الندوة بأفكار صبت على مخلف التدخلات حيث أكد المناقشون أن الاتحاد الاشتراكي الذي ناضل طيلة عقود من الزمن من اجل إقرار الديمقراطية والعدالة الاجتماعية تبقى عليه مسؤولية الدفاع عن المرأة التي اثبتت كفاءتها في كل المجالات التي أسندت إليها حتى تتحقق الدولة المدنية التي يطمح إليها الديمقراطيون والحداثيون .

حسناء أبو زيد: * لا نقبل بعد اليوم أن نعيش في ظل نصوص تعترف بالمساواة وترفضها

عبرت البرلمانية حسناء أبو زيد، عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والمرأة التي وصفها المتتبعون بالإنسانة البشوشة في طيبوبتها، والطيبة ببشاشتها، القوية في هدوئها، والهادئة في قوتها بديناميكية مشتعلة.. في مواجهة صخب السياسة سرا وجهارا… صخب البرلمان تتحداه معارضة ومقترحة… صخب الكلمات تحولها لحنا يدمع الأحاسيس مرات أو تعلن النفير في الحماس للأمل مرارا… (عبرت) عن سعادتها غير المكتملة كباقي النساء، بأن المغرب اليوم قرر القول بنعم للمسألة النسائية بعدما كانت الاحتفالات بهذه المناسبة لا تتجاوز حدود مقرات الأحزاب التقدمية، مشيرة أن مطالب المرأة اليوم تتطور بتطور الوضع الاجتماعي، مرددة، ” لا نقبل بعد اليوم أن لا تعترف الدولة بالعمل الغير المأجور للنساء، لا نقبل بعد اليوم أن لا يستفيد ذوي الحقوق من معاشات المرأة المتوفاة، لا نقبل بعد اليوم أن نستمر في وطن فيه الفقر مؤنث، فيه الأمية مؤنثة، فيه البطالة مؤنثة وفيه الاستغلال بصيغة المؤنث، لا نقبل بعد اليوم أن نعيش في ظل نصوص تعترف بالمساواة وترفضها، لا نقبل بعد اليوم أن يكون الشرط السياسي واجب وقائم من أجل يسجل الصف الديمقراطي تقدما في القضية النسائية”، متسائلة، ” ما جدوى من احتفال أو تكريم في كل سنة ثم نرحل، نرحل ونترك أطفال هناك بحي النقبي وغيره من الأحياء الشعبية يخاطبوننا بنظراتهم وينتظرون منا ماذا حققنا لهم، لأمهاتهم، لعطلاتهم، لأحيائهم”….
مقابل تكريمها مساء يوم الأحد الماضي بفاس، أبت حسناء أبو زيد، القائدة بتوجه تشاركي، صحراوية بروح وطنية… لا تزاحم أحدا على “مساحة” يكفيها ما تتواجد فيه لكي تنسج بألوان الكتابة والنضال… أن تمنح جمعية تسيير مركز الشباب عين النقبي ومن خلالها عموم ساكنة المنطقة والحضور الذي حج لمشاركة المحتفى بهن فرحتهن وتكريمهن على ما قدمته المرأة المغربية في مختلف الميادين، قلوبا تستمر في العطاء من أجلهم وأدانا تصغي إلى مشاكلهم وإكراهاتهم ومعاناتهم، وبرامج يجب أن تكون فيه الإحياء الشعبية وعيون تلك الطفولة التي حفرت في قلب حسناء ما كانت تحفره دائما الطبقات القوات الشعبية، مطالبة بمواعيد قادمة تكرمهم فيها بعمل جاد يضع جانبا الأعطاب الاجتماعية ويحمل أطفال هذا الحي بمقاطعة جنان الورد وغيره إلى مطالب تأخذ نفسا نسائيا ديمقراطيا حقوقيا من أجل العدالة والكرامة والمساواة، معلقة، أنه لا وطن بدون إصلاحات سياسية حقيقية من داخلها حق النساء، قائلة،” لنقطع مع زمن الأعطاب البنيوية التي أعطتنا مجتمعات تريد نسائها مصوتات لا مؤثرات ومجتمعات تعيش على حقوق نسائها ولا تستحيي أن تعولها نساء دون مساواة”، موضحة أن المطالبة بحقوق النساء ليس رفها أو حديث الصالونات، مستشهدة ببعض الدراسات التي أثبتت أن لا طريقة لإقرار إصلاحات لسياسات عمومية دون المرور من واجهات نسائية تحمل عمق الإصلاح إلى تأثيره على الطبقات الشعبية.
وفي الأخير، جددت الصحراوية المحتفى بها تعاقد الحزب مع القوات الشعبية، وحرصه على أن تكون مطالبهم ضمن اهتماماته وأولويته.
بدورها، استحضرت خدوج السلاسي، الكاتبة الوطنية للمنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات، فترة السبعينات وهي تناضل إلى جانب أصدقائه في درب النضال تحلم بوطن رائع تسقط فيه الحواجز، مذكرة، أنه ما زالت المساحة واسعة أمام الفعل النضالي من أجل حقوق النساء والمطالبة بالعدالة والكرامة والمساواة….
الشاعرة الإماراتية الشيخة أسماء بنت صقر بن سلطان القاسمي، كانت ضمن النساء المكرمات، اللواتي تسلمن تذكار الجمعية تقديرا لعطاءتهن وخدماتهن الجليلة لمجتمعاتهن وبعدما استمع الحضور للشهادات المسجلة التي قيلت في حقهن من لدن قادة أحزاب وشخصيات سياسية وثقافية وإعلامية.
وقد تميز الحفل الذي نظمته الجمعية التي تشرف على مركز التنشيط الثقافي والدعم التربوي للشباب التابع للمركب الاجتماعي الرياضي وتكوين الشباب بعين النقبي بفاس على مدى ثلاثة أيام، بفقرات متنوعة، انطلقت بتقديم كلمة الجمعية من طرف كاتبها العام ومداخلة فضاء الأسرة، وعرض شريط سينمائي حول العنف، فمداخلة مركز استماع للنساء ضحايا العنف ثم مداخلة هيأة المحامين بمدينة فاس.
كما تم أيضا تكريم حكيمة الحيطي الوزيرة المنتدبة لدى وزير الطاقة المكلفة بالبيئة، إضافة إلى الممثلة ووزيرة الثقافة السابقة ثريا جبران، إلى جانب البرلمانية كنزة الغالي والإعلامية مريم الصافي والدكتورة صباح العياشي ووفاء العلوي العبدلاوي وفاطمة الفيلالي وفوزية مجهدي.
كما تضمن البرنامج قراءات شعرية وعرض مسرحيتين إحداهما لنادي الرحمة والثانية لجمعية الوفاء، وعروض موسيقية ودوري لكرة القدم النسوية بمشاركة مجموعة من الفرق الرياضية.
موضوع ” القضاء على العنف ضد المرأة رهين بإقرار كافة حقوقها”، كان من أبرز الفقرات التي عرفها اليوم الأول من برنامج الدورة، قدمت خلالها كل من الأستاذة وفاء العبدلاوي العلوي نائبة رئيس المحكمة الابتدائية بفاس المكلفة بقضاء الأسرة، عرضا مستفيضا ضمنته بأهم الحقوق التي تكفلها مدونة الأسرة للمرأة، مع تسليط الضوء بالتحليل والدراسة والشرح والتفسير للعديد من مضامينها، وبأسلوب مبسط استحسنته النساء الحاضرات واللواتي تنتمين إلى منطقة كانت بالأمس القريب تصنف ضمن المناطق الموسومة بالهشاشة والفقر وتفشي الأمية والبطالة والتفكك الأسري.
بينما الدكتورة حكيمة الحطري، الخبيرة الدولية في قانون الأسرة ومنسقة ماستر أحكام الأسرة، ساهمت بعرض لمختلف مظاهر العنف الذي تتعرض له المرأة، والتي تتنافى وأحكام الشريعة التي تنبذ جميع أشكال العنف الممارس على المرأة نظرا لمكانتها في الشريعة الإسلامية ودورها في المجتمع، مستشهدة بالمعاملة الطيبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم لزوجاته أمهات المؤمنين ومساعدته لهن، حيث لم يثبت ولو لمرة واحدة أن أهان أو اعتدى على أية واحدة منهن، كما أنه صلى الله عليه وسلم كان يوصي الصحابة رضوان الله عليهم بنسائهم خير وهي رسالة موجهة لجميع المسلمين إلى أن تقوم الساعة.
بدورها، استشهدت الأستاذة فاطمة الزهراء معطا الله، محامية بهيئة فاس، بحالات كثيرة لنساء تزوجن ولم توثقن هذا الزواج وأنجبن أطفالا غير مسجلين في دفتر الحالة المدنية، وعند التجائهن إلى المحكمة لعرض قضاياهن بعد تعنيفهن من طرف أزواجهن تجدن أنفسهن في وضعية صعبة خصوصا إذا تنكر هؤلاء الأزواج للعلاقة الزوجية، مطالبة، من جميع النساء اللواتي لم توثقن عقد زواجهن باللجوء إلى قسم قضاء الأسرة في أقرب الآجال حيث ستجدن المساعدة الفورية والكاملة…

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

الاستاذ إدريس لشكر: لابد من لائحة وطنية تضم «امرأة ورجل» لتطوير أداء المؤسسة التشريعية

بيان منظمة النساء الاتحاديات حول : ضرب حقوق النساء المغربيات عبر مواد إعلامية “مخدومة ” واستغلالها من قبل أعداء المغرب

منظمة النساء الاتحاديات ترسي هيكلتها التنظيمية الإقليمية بمكناس تحت شعار «المساواة بين الجنسين أساس مجتمع قوي ومتوازن»

ندوة في موضوع : «النساء والدولة الاجتماعية: الحماية الاجتماعية نموذجا»