تواصلت يومي 21و 22 أكتوبر الجاري أشغال مؤتمر مراكش الدولي الثاني للعدالة المنعقد تحت الرعاية السامية لجلالة الملك في موضوع « العدالة و الاستثمار، التحديات و الرهانات» بمناقشة المشاركين لمجموعة من المحاور منها تحديث المنظومة القانونية، ودور القضاء في تحسين مناخ الأعمال، و توظيف تكنولوجيا المعلوميات، و رهانات التكتلات الإقليمية.
و أكدت أشغال المؤتمر أن الحاجة أصبحت ملحة إلى تحسين الإطار القانوني لتسهيل التجارة الدولية وجذب الاستثمار الخارجي، كما أن الاطلاع عبر العالم على الأنظمة القانونية والإلمام الجيد بالقواعد القانونية المنظمة للعقود، في مجال التجارة وعالم المال والأعمال، أصبح مسألة ضرورية بالنسبة للشركات الدولية.
و شددت على أهمية تعزيز تنسيق وملاءمة القوانين الوطنية مع قوانين التجارة الدولية، وتحديثها عن طريق إعداد نصوص تشريعية وتنظيمية في عدد من مجالات القانون التجاري الأساسية، وصياغة قواعد عصرية وعادلة تستجيب للتطور المتسارع للمعاملات التجارية، حيث أمسى اهتمام جل الدول المنخرطة في دينامية الاقتصاد والعولمة، بما يستجيب لأهداف وتطلعات لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي (الأونسيترال)، وجهود البنك الدولي الذي حدد مجموعة من المؤشرات الدالة على سهولة ممارسة الأعمال التجارية بمجموعة من اقتصاديات الدول عبر العالم  كما يقوم بقياس مدى مطابقة القواعد المنظمة والمتعلقة بمناخ الأعمال بهذه الدول للمؤشرات المحددة، فأصبح تصنيفها العالمي في السنوات الأخيرة حافزا لها من أجل تحديث منظوماتها القانونية في مجال الأعمال.
و أكد المشاركون في المؤتمر على دور الاتفاقيات الدولية، الثنائية أو المتعددة الأطراف، المتعلقة بتنمية وحماية الاستثمارات، وتسوية المنازعات، ونقل رؤوس الأموال، وتجنب الازدواج الضريبي، واللجوء إلى الوسائل البديلة لفض المنازعات، في تحديث مناخ الأعمال، وتفادي سلبيات اختلاف الأنظمة القانونية بين الدول.
و أبرزت أن التحدي الأكبر هو كيفية المواءمة بين خصوصية المنظومة القانونية الوطنية لكل دولة على حدة، وهي المنظومة التي تعكس هويتها وحضارتها وتاريخها وثقافتها وقيمها، وبين ضرورة مواكبة المنظومة الدولية للأعمال، ومجاراة ركب الاقتصاد العالمي بكل تقلباته وتطوراته.
و كان مصطفى فارس الرئيس الأول لمحكمة النقض و الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية قد أكد في الكلمة التي ألقاها في افتتاح المؤتمر، على ضرورة بذل جهود كبرى من أجل الحق في المحاكمة العادلة داخل آجال معقولة، موضحا أنه في عدالة اليوم لم يعد مجال لإهدار الزمن القضائي، إذ لابد أن ينكب جميع المتدخلين بكل حزم وانضباط من أجل وضع حلول جديدة مبتكرة واقعية من أجل مزيد من تقليص آجال البت وتنويع وتجويد الخدمات الالكترونية وصولا إلى المحاكم الرقمية الذكية الآمنة التي تكرس الثقة وتشجع على الاستثمار.
و قال فارس إن الانتظارات الكبرى من خلال الاستثمار تتطلب تجديدا عميقا في طرق التفكير وإجراء قطيعة حقيقية مع الممارسات التي تهدر الزمن والأمن والفرص التنموية وتعيق مبادرات الإصلاح وتكبل روح الإبداع.
و أكد الرئيس الأول لمحكمة النقض و الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية على أن خلق فضاء آمن للاستثمار بمضامينه الاقتصادية والاجتماعية والحقوقية والإدارية والهيكلية وتهيء الأجواء المناسبة له حسب المعايير المتوافق عليها عالميا يفرض اليوم دعم استقلال السلطة القضائية وتأهيل عناصرها وتطوير الإدارة القضائية وتعزيز حكامتها بإرساء مقومات المحكمة الرقمية وتحديث خدماتها وتيسير انفتاحها على محيطها والرفع من مستوى البنية التحتية للمحاكم ومؤهلاتها، وتطالب باهتمام أكبر بالعنصر.
و بدوره أكد محمد عبد النباوي رئيس النيابة العامة في الكلمة التي ألقاها خلال المؤتمر أن القاعدة القانونية أصبحت اليوم وسيلة للتنمية. فلقد انتقل دورها من مجرد أداة لتقنين مختلف العلاقات داخل المجتمع، إلى وسيلة لخدمة الاقتصاد وتشجيع الاستثمار أيضا. مادام المستثمر يقوم قبل الإقدام على اختيار البلد الذي يستثمر فيه، بافتحاص نظامه القانوني والقضائي، ليتأكد مما إذا كانت القوانين والعمل القضائي توفر له الحماية الكافية على موجوداته واستثماراته، بالإضافة إلى الحوافز الاقتصادية وجودة وجدية اليد العاملة.
و أوضح رئيس النيابة العامة أن الموقع الجغرافي للمغرب باعتباره بوابة لإفريقيا وجاراً لأوربا، جعله يتأثر بالتحولات الاقتصادية الدولية التي أدت به إلى الدخول في اتفاقيات للتبادل الحر، وصياغة استراتيجية للارتقاء بتنافسية الصناعة والمقاولات المغربية، كان من معالمها وضع عدة قوانين شكلت ترسانة متكاملة في مجال الأعمال. من بينها مدونة التجارة، والقوانين المتعلقة بالشركات التجارية، وقانون المجموعات ذات النفع الاقتصادي، بالإضافة إلى تنظيم نشاط مؤسسات الائتمان ومراقبتها، وإصدار القانون المحدث للمحاكم التجارية، وقوانين حماية الملكية الفكرية والأدبية والصناعية، ومدونة الشغل، وتعديل الكتاب الخامس من مدونة التجارة، بهدف وضع الآليات القانونية اللازمة لمساعدة المقاولة، التي تعاني من صعوبات مالية، أو اقتصادية، أو اجتماعية على تخطي الأزمة التي تعترضها، عبر حزمة من المساطر الخاصة التي تسهل اندماجها من جديد في السوق، وتراعي حقوق باقي الأطراف المرتبطة بها. بالإضافة إلى اعتماد التدبير اللامتمركز للاستثمار، بإحداث المراكز الجهوية للاستثمار، وإحداث الشباك الوحيد. مؤكدا أن الاستراتيجية الوطنية في مجال تحسين مناخ الاستثمار، تسعى إلى تحسين تصنيف بلادنا ضمن أفضل 50 قوة اقتصادية في مجال مناخ الأعمال في أفق سنة 2021.
و أبرز محمد عبد النباوي أدوار النيابة العامة في توفير الحماية الجنائية للتجارة والمعاملات التجارية، ولاسيما فيما يتعلق بحماية الملكية الصناعية والقوة الإبرائية للأوراق التجارية، وعلى رأسها الشيك، وحماية أموال الشركاء والشركات، وحماية الاقتصاد الرقمي، عبر ردع الجرائم المعلوماتية وكل الممارسات التي من شأنها زعزعة الثقة في المعاملات الالكترونية، والحرص على ضمان حرية المنافسة وتكافؤ الفرص، لا سيما فيما يتعلق بالصفقات العمومية. فضلا عن المساهمة في تخليق مناخ الأعمال عبر تحريك المتابعات بشأن كل صور الرشوة واستغلال النفوذ والغدر والاختلاس وتبديد المال العام، وتوفير الحماية للمبلغين والشهود لتشجيعهم على الإبلاغ عن أفعال الفساد، وإحداث خط هاتفي مباشر يمكن كافة الأشخاص ومن بينهم الفاعلون الاقتصاديون، من تبليغ رئاسة النيابة العامة مباشرة بما قد يتعرضون له من ابتزاز أو طلب رشوة أو ما يطلعون عليه من أفعال فساد، وهو ما يؤدي إلى سرعة التدخل وضبط المخالفين في حالة تلبس.
عن جريدة الاتحاد الاشتراكي

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

الكاتب الأول يحضر اللقاء التواصلي الأول لنقيب المحامين بالرباط

تقديم طلبات التسجيل الجديدة في اللوائح الانتخابية إلى غاية 31 دجنبر 2023

الأخ عبد الحميد جماهري يشارك في الندوة الوطنية المنظمة من طرف حزب التقدم و الاشتراكية

الكاتب الاول ينعي وفاة الاخ عبد اللطيف جبرو