عندما سأل صحافيو فرانس بريس، المستشار الملكي عمر عزيمان، يومين قبل الخطاب، «هل يمكن تصور ملكية برلمانية في المغرب على النمط الأوروبي»؟ أجاب المستشار الملكي بما يخرج الجواب من مقارنة ممكنة أويصنفه في خانة البحث عن التشابه بالقول:
«لسنا في إطار نظام يشبه الملكية الإسبانية أو الهولندية حيث يسود الملك دون أن يحكم، نحن في ظل نظام ملكية من نوع آخر».
غير أن أوضح تعريف بيعة هذه الملكية، من نوع آخر، جاء به الخطاب الملكي لعشرين سنة من الملكية الجديدة.
كان التعريف الذي قدمه جلالته، بعيدا عن ديباجة الدستور، وعن مرتكزاته التي صاغها الإجماع الوطني، «الذي يوحد المغاربة، حول ثوابت الأمة ومقدساتها، والخيارات الكبرى للبلاد «يقدم الملكية بكونه» الملكية الوطنية والمواطنة، التي تعتمد القرب من المواطن، وتتبنى انشغالاته وتطلعاته، وتعمل على التجاوب معها»، وقبل الإجماع الوطني الذي حدد طبيعة نظام الحكم، كان جلالة الملك قد أورد، في سياق التأسيس للتعريف الذي قدمه لنظام الملكية، اصطلاحا جديدا، وغير مسبوق، تحدث فيه عن «البيعة المتبادلة بين العرش والشعب»…
إن البيعة المتبادلة بين الملك والشعب، هي التي تجعل من الملكية ملكية وطنية، ومواطنة، وتبادل البيعة بين القاعدة والقمة، في سياق التحديث، والنفس الجديد والمرحلة الجديدة، سيكون له ما بعده لا شك في ذلك، سواء في الممارسة أو في وضع الجهاز المفاهيمي للتدبير…
بالنسبة للوطنية، هو تحصيل تاريخي، أثبتته الممارسة، والفعل في مراحل كانت محكا حقيقيا للوطنية، ومنها فترة الاستعمار، والتي انحاز فيها أبو الأمة المغفور له محمد الخامس، إلى الشعب والحركة الوطنية وأثبت أنه ليس ملكية تاريخية فقط، أي لها مشروعية تاريخية فقط، بل لها مشروعية كفاحية ووطنية، بالانحياز الشامل إلى معركة التحرير والذي أدت عليه الثمن، وهو نفس العقد الوطني التحرري الذي سيتجدد في الدفاع عن استكمال الوحدة الترابية كثابت أساسي في الوجود المغربي.
في حين أنه لا تكون البيعة المتبادلة متبادلة، سوى بالانتصار للمواطن والرفع من شأنه، بل جعله هدف كل السياسات والإصلاحات والمصالحات والتدابير والمشاريع.
وثانيا وأساسا، جعل الملكية نفسها مواطنة، أي «تعتمد القرب من المواطن، وتتبنى انشغالاته وتطلعاته، وتعمل على التجاوب معها»..
هكذا تعريف يسير إلى جنب الخيار الديمقراطي، والإصلاحات العميقة، والمصالحات الوطنية الكبرى، ليس مفهوما بلاغيا أو معنويا، بقدر ما هو مادة للتاريخ والمعيش اليومي، في نفس الوقت، مادة للأدبيات الجديدة في الحكم وأيضا في تقييم المشاريع، مادة للتحولات الكبرى في البلاد…
من الواضح أن تعريف الملكية بكونها ملكية وطنية مواطنة، على قاعدة البيعة المتبادلة سيكون له ترجمة عملية في واقع الناس، وأيضا ترجمة سياسية ومؤسساتية ممتدة في الزمن…
التحول لن يكون تقنيا وتدبيريا في المرحلة المقبلة، بل تحولا ضمن تصور عام لنظام الحكم وأيضا لأسسه…

الكاتب : عبد الحميد جماهري

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

الخروج  اليوم عن المبادئ والقواعد والأعراف والتوافقات ترجمة لمنطق التغول : إلزامية عدم التراجع عن المكتسبات التي سبق إقرارها في النظام الداخلي

حتى  لا تتحول مجالس الحكامة الى آلية للتحكم

اليوم يفتتح ذ.إدريس لشكر المؤتمر الوطني لقطاع المحامين

الأغلبية تظهر «وحدة الواجهة ـ الفاصاد»، وواقع مكوناتها يؤكد ما قاله الاتحاد وكاتبه الأول..