عبد الحميد الجماهري

بإمكان كل بيت أن يصير مدرسة، جامعة أو معهدا، بإمكان كل بيت أن يصير مسجدا..
فالأبناء، في غرفهم، يواصلون دراستهم ويواصلون التعلم، ويواصلون، تحت سقف بيت من حنان وحجر، بناء المعرفة.
والآباء، الأمهات، الأبناء، كلهم بإمكانهم أداء الصلوات المفروضة والنوافل على سجادة بغرفة أو سطح أو صالون..
ويصعب، في حالة الإصابة الحالية، أن يكون البيت مستشفى، مصحة، أومستوصف.
لا سرير في البيت يعوض سرير المستشفى، ولا وسائل تعوض وسائل التمريض ..
وليست الوضعية، من السهولة، التي تجعل الطبيب لاقدر الله يترك مرضاه ويزور الناس في البيت.
ومن يمرض عليه أن يكون طبيب نفسه .. الأدنى.
مركزية الطب والأطباء والمستشفى، في هذه اللحظة بالذات، هي مركزية عالمية، تكشف أن العالم كله، اليوم، بحاجة إلى الأطباء لكي يتابعوا حالة، ولهذا عندما ننظر، بتفاؤل المؤمنين والمناضلين، إلى ما بعد كورونا.
ننظر إلى الحكامة الصحية، هنا وفي الغد.
كل الذين كتبوا عن الفيروس، وما سيجلبه على العالم، يقرون أن المعضلة صحية وأنه لا أحد بإمكانه أن يتخطى هذا السؤال.
1-تبدو الأزمة كتعبير صارخ عن عجز المجموعة الدولية عن التوقع والاستباق في موضوع تجمعت عناصر عديدة على احتمال وقوعه، بل على حتمية ذلك، كما اتضح من تحذيرات منظمة الصحة العالمية بخصوص حالات الاستعجال الدولية، وهو ما اتضح (مع إيبولا، إتش وان إن وان، زيكا البرازيلي)، من خلال غياب تعبئة صحية دولية.
2- أيضا، الأزمة تعيد ترتيب الأولويات، دوليا وعلى المستوى المحلي، وأصبح من الرائج اليوم عن وعي، أن الأنظمة التي ستكون غدا، هي القادرة على أن ترتكز على الحماية الاجتماعية لمواطنيها، وبالتحديد أن الدولة التي تحمي صحة مواطنيها، كيف ما كان عرضها السياسي، هي التي ستخرج منتصرة.
3- في صلب مجتمع ما بعد الوباء، تحتل الصحة نقطة الارتكاز الكبرى، فقد انهارت فكرة» »تسليع»« الصحة، أو حشرها في الزاوية المالية (الميزانياتية) الفجة، واتضح أن الذين بشروا برفع الدولة يدها عن الصحة كانوا يهيئون لاغتيال مجتمع برمته.
4- طوال السنوات الأخيرة، عرف قطاع الصحة في بلادنا غليانا غير مسبوق (طلبة، ممرضون، أطباء، صيادلة) مس كل القطاعات المهنية المرتبطة بالصحة.
وهنا، نعود إلى أخلاق المسؤولية العالية، التي أبان عليها القطاع، سواء وهو يخوض الحرب ميدانيا أو في تعابير التضامن الرائعة، التي لقيت تثمينا مغربيا واسعا، أو وهو يعلن تضامنه الوطني، ككل مكونات الأمة، لنقول إن الأمة تدين لأبناء وبنات الصحة، بدين كبير، وهو رمزي ومادي، لايمكن أن تغفله عند تدوين حصيلة ما وقع.
هناك ملفات أساسية مطروحة على طاولة الحكومة قد يكون منتجا رمزيا ومعنويا أن تعلن فيها خطوات تجاوب فعلية، تنفذ بعد انقضاء الكربة الوطنية.
الصحة، في خارطة الطريق المستقبلية، هي قطب الرحى في حكامة وطنية تعيد إحياء البعد الاجتماعي للدولة المغربية.
فالشعبويات الحاضنة لمخططات النقد الدولي والنيوليبرالية التسليعية أبانتا عن فشلهما.

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

حتى  لا تتحول مجالس الحكامة الى آلية للتحكم

اليوم يفتتح ذ.إدريس لشكر المؤتمر الوطني لقطاع المحامين

الأغلبية تظهر «وحدة الواجهة ـ الفاصاد»، وواقع مكوناتها يؤكد ما قاله الاتحاد وكاتبه الأول..

المجد للشهداء في الأعالي، وعلى الوطن السلام!