عبد الحميد جماهري

من المحقق أن العهد الجديد بيَّأ الإصلاح كمفهوم وممارسة في التفاعل مع المحيط ومع مطالب المجتمع، عوض أن يركن إلى جمود متوارث، صار أسلوب حكم.
هذه الدينامية الإصلاحية عرفت تتويجها بثورة دستور 2011 والذي، كما سبق القول، جاء نتيجة حوار وطني، كانت طبعته الجديدة تشبه المجلس التأسيسي الذي ظل على قائمة مطالب الكثير من القوة السياسية، فكان حوارا تأسيسيا للإصلاح من زاويته الدستورية…
والقضية ليست عابرة، فقد كان نظام الحكم في العهد السابق يستبعد كليا مسألة الحوار عبر المجلس التأسيسي أو ما يشبهه، بناء على قراءة من خارج التقنين extra-légale ، كما كتب أحد أعضاء لجنة كتابة الدستور محمد الطوزي، في كتابه «الملكية والإسلام السياسي في المغرب».
التحول أعمق من تحول في الشكل بل في أساس بناء الشرعية الدستورية إذن.
ومن الملامح أن ثورة الدستور جاءت في مناخ ثوري، عبرت عنه حركية 20 فبراير، باعتبارها حراكا متعدد الطبقات والطوابق، سياسي اجتماعي اقتصادي ورمزي… …إلخ.
وبادرت الملكية، كقوة إصلاح مع محمد السادس، إلى الاستباق وترشيد الحوار بإطلاقها الدينامية بخطاب 9 مارس..
وإذا كان رهان القوى بين مكونات هذا الحوار قد أفرز، أحيانا تخفيضا في سقف الإصلاحات، فإن الشكل المعتمد قد سمح بتوسيع أفق الانتظار منه…
وكان واضحا، من جهة ثانية، أن الفرقاء المجتمعيين قد تلقوا، بالرغم من احتراز الكثيرين منهم من أي إصلاح أو مطالبة به أو مساندة حركيته في الشارع العام، بإيجابية شساعة الأفق الإصلاحي، فقد تبين أن أشياء في العمق قد تغيرت وليس في ظاهر الهندسة الدستورية:
أولا، التغيير في بند قداسة شخص الملك.
ثانيا، الإقرار بالبعد البرلماني في تعريف الملكية المغربية.
ثالثا، ترصيد التوصيات المتعلقة بالحقوق والضمانات الدستورية للحق ودولته المنبثقة عن قراءته للماضي.
رابعا، دسترة الكثير من المنجزات، أو المثبطات الديمقراطية، كما في حال المنهجية الديمقراطية والمنبثقة من السيادة الشعبية، أو في ما يتعلق بترسيم المسؤولية المرتبطة بالمحاسبة وفصل السلط… إلخ.
وغير ذلك، مما أعطى لحركية عشرين فبراير ما يفيد بأنها نقلة كبرى في تاريخ المطالبة بالإصلاح، وإمكانية سبق تاريخي في قيادة هذا الإصلاح من أعلى هرم السلطة.…
الإصلاح من الأعلى كمكمل للمطالبة به من الأسفل، أي القاعدة السياسية والمجتمعية للتغيير.
لابد من الإقرار بأن الإصلاح الدستوري الشامل، ومن هذه الزاوية بالذات، تحكمت فيه دينامية إصلاحية سيادية، بدأت مع العهد الجديد كما ذكرنا، وحررت النقاش العمومي من الكثير من المخاوف ومن الطابوهات أيضا.. وجعلت امتدادا للإصلاحات الجزئية في النص الشامل للإصلاح العام، مع تمكن من ضبط أجندة الإصلاح بما يخدم الهدف المعلن منذ أن استشهد الملك بالآية الكريمة التي تقول«إن أريد إلا الإصلاح» في إحدى خطبه الأولى…
وهو ما ستستمر ملامحه على مستويات أكبر وأكثر ملامسة للمعيش اليومي، ونقصد به إصلاح منظومة الحماية الاجتماعية وإعطاءهاهندسة جديدة ومهام تتماشي مع تطورات المغرب، وأيضا في مجال إعادة النظر في منظومة التنمية ككل والتنمية الاقتصادية بالأساس، وغير ذلك من الأشياء التي أثبتت قدرة الدولةعلى قيادة كل التوترات.
(الامتحان الاجتماعي للإصلاح: الريف، جرادة والإجهاد الترابي stress territoria

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

الخروج  اليوم عن المبادئ والقواعد والأعراف والتوافقات ترجمة لمنطق التغول : إلزامية عدم التراجع عن المكتسبات التي سبق إقرارها في النظام الداخلي

حتى  لا تتحول مجالس الحكامة الى آلية للتحكم

اليوم يفتتح ذ.إدريس لشكر المؤتمر الوطني لقطاع المحامين

الأغلبية تظهر «وحدة الواجهة ـ الفاصاد»، وواقع مكوناتها يؤكد ما قاله الاتحاد وكاتبه الأول..