اعتبرت  خدوج سلاسي، عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، «أن التمكين السياسي للنساء هو أولا و قبل شيء أن تتوفر مجموعة من الشروط سواء على المستوى القانوني والمؤسساتي و الثقافي لكي تصل النساء إلى مراكز القرار، أي مراكز تقاسم السلطة»، و أضافت سلاسي، في كلمتها باسم المكتب السياسي للحزب خلال فعاليات الدورة التكوينية في فن القيادة المنظمة من طرف مؤسسة فريديريش إيبرت والمنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات خلال يومي 6 و7 أبريل الجاري بتطوان، (أضافت)  أن هناك تطورا حصل في المجتمع المغربي في إطار التمثيلية النسائية التي وصلت إلى ما يقارب 27 في المئة على مستوى الجماعات الترابية وحوالي 21 في المئة في ما يخص البرلمان، و هي نسبة محترمة، لكنها تظل ضعيفة مقارنة مع تواجد النساء في مراكز القرار على مستوى الدولي بالنظر لتواجدهن ضمن المؤسسات الحزبية والمنتخبة أو في الوظائف العليا .
وأردفت ذات المتحدثة ضمن هذا العرض الذي عنونته « التمكين السياسي للمرأة مدخل للتنمية «، أن المشاركة السياسية للنساء مسألة قرار يقضي بضرورة اختراق الفضاء العام وعدم الاكتفاء بالفضاء الخاص، الذي يعتبر فضاء تاريخيا و فضاء موكولا للنساء اجتماعيا و ثقافيا بشكل طبيعي، و هو مهم جدا، لأن من خلال هذا الفضاء تقول سلاسي « تتولى النساء تكوين الأبناء و رعاية الأسرة ..، إلا أن قرار المشاركة السياسية هو قرار بعدم اكتفاء المرأة «بالدار « و في  اللغة العربية يحيل هذا المصطلح إلى الدائرة التي يظل شكلها الهندسي مغلقا غير منفتح، والقرار بالخروج من هاته الدائرة يعنى الولوج  لفضاء أرحب والانتقال إلى الفضاء العام الذي يعنى المشاركة في تدبير شؤون الدولة و المدينة». وتابعت المتحدثة نفسها في هذا الصدد «عندما تقرر النساء المشاركة في الحياة  السياسية، فهن يخطون خطوات مهمة إلى الأمام من خلال مغادرة الفضاء الخاص إلى الفضاء العام . وبالتالي ليس هناك تضارب بين هذين الفضاءين، كما يعتقد البعض، كما أن ذلك لا يشكل تهديدا للعدالة والتقاليد و المجتمع، هذا الأخير عادة ما يتخوف من المشاركة النسائية في الحياة السياسية، لأنه يخاف على مبدأي الثبات والاستقرار، و حاليا، تضيف  المسؤولة الحزبية، يجب أن يتبلور لدى الجميع وعي بعدم وجود تعارض بين الفضاء العام و الخاص عندما تنخرط النساء في تدبير السياسات العمومية، سيما في مجال الشغل والصحة و التعليم، حيث أن ذلك ينعكس إيجابا في المجتمع» .
وعرجت خدوج سلاسي على المشاركة السياسية للنساء، معتبرة أن هاته المشاركة تبدأ بالتسجيل في اللوائح الانتخابية ثم التصويت، و الأهم من ذلك الترشح والفوز، وبالتالي التواجد بالجماعات الترابية و المؤسسة التشريعية و ممارسة السلطة، لأن السياسة سلطة ويتم الوصول إليها عبر الصراع السياسي، و كمناضلات في حزب القوات الشعبية وكمنظمة اشتراكية للنساء الاتحاديات، تضيف الكاتبة الوطنية للمنظمة الاشتراكية، «علينا أن نتشرف بخوض هذا الصراع لتحقيق الاشتراكية الديمقراطية إيمانا أن المشاركة السياسية الواعدة المكثفة للنساء المناضلات الاتحاديات من شأنها أن تدعم  انتصار المرأة في هذا الصراع الذي هو صراع الأفكار و المشاريع و الانتصار للمشروع الذي نريده لهذا الوطن و ليس صراعا من أجل المصالح، محذرة من هذا الحديث الذي اعتبرته حديثا مبتذلا وماسخا للفعل السياسي، والسياسة، في نظر المتحدثة، هي ممارسة نبيلة جدا يتم بمقتضاها الانتصار للأفكار و المبادئ قصد تحقيق المجتمع الديمقراطي .»
سلاسي ألقت الضوء من خلال كلمتها على المشاركة السياسية للنساء، مسجلة باعتزاز كبير الحصيلة التي راكمتها المناضلات الاتحاديات في المجتمع. سيما على المستوى التشريعي، بدءا من دستور 1962 الذي مكن النساء من حقهن في التصويت، مرورا بمرحلة 92\97 التي عرفت تواجد أول مرأة في البرلمان، و هي المناضلة الاتحادية بديعة الصقلي، التي كانت سباقة إلى البرلمان بمعية لطيفة بناني سميرس من حزب الاستقلال،   وصولا إلى دستور 2011  الذي أعطى إشارات واضحة للمساواة و المشاركة السياسية دون أن ننسى تواجد حركة نسائية فاعلة بشمال المغرب، حيث شكلت أول جمعية نسائية بالعرائش و تطوان، و هاته الجمعيات اشتغلت على أهداف مهمة كوضع حدا لمسألة التعدد و تزويج القاصرات و العنف الممارس على النساء، و كان هناك ربط بين النضال ضد المستعمر الفرنسي و بين الحركة الاجتماعية وحقوق النساء «. و قالت عضو المكتب السياسي « يحق  لنا أن نفتخر كاتحاديات و كمغربيات بمنسوب الإنجاز الحقوقي الذي حدث في المغرب من قبيل مدونة الأسرة، إلا أن الخطوة الفارقة هي دستور 2011 الذي اعتمد على مجموعات من الاقتراحات التي رفعها الحزب و منظمته النسائية «  .
و ضمن حديثها عن اعتماد مبدأ «الكوطا» و التي اعتبرتها المتحدثة كخطوة بيداغوجية و كخطوة غير ديمقراطية لتحقيق وضع ديمقراطي و لتصحيح وضع مختل ديمقراطيا،  أوضحت أن اعتماد هاته الآلية  كان بهدف تشجيع التمثيلية النسائية و الإرتقاء بها على مستوى المجالس الترابية أو الهيئات التشريعية، واليوم كمناضلات اتحاديات تقدميات نرى أن ما  سمي بالسعي إلى المناصفة استنفد زمنه و يجب اعتماد المناصفة، والكوطا أصبحت متجاوزة و انتهت صلاحياتها.
سلاسي عادت لتتوقف عند أهم المحطات التي ميزت المؤتمر الاستثنائي لحزب الاتحاد الاشتراكي 1975 الذي جعل قضية النساء في صلب اهتماماته، و تم إحداث ما يسمى القطاع النسائي قبل أن يتحول بعد المؤتمر السابع إلى المنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات، متسائلة لماذا اعتمد الحزب استراتيجية النضال الديمقراطي؟ لتوضح ذلك بقولها «إن الحزب قرر أن ينتقل من مواجهة الدولة إلى الاشتغال بحانبها، و عن طريق النضال داخل المؤسسات ليؤسس لدولة حديثة انطلاقا من مؤسسات الدولة و للدخول إلى الاشتراكية الديمقراطية « و الحزب، تقول خدوج سلاسي، يشتغل مع الحزب الاشتراكي الألماني، و بالتالي فهو ينتمي إلى أسرة عالمية منطلقها الاشتراكية الديمقراطية، أي أسرة العدالة الاجتماعية والمساواة و الديمقراطية التمثيلية «، و تابعت المتحدثة نفسها «أنه لا يعقل أن نتكلم عن الديمقراطية و نصف المجتمع معطل تمثيليا و غير منخرط ديمقراطيا .الاشتراكية الديمقراطية تعنى شيئين مهمين، هما تقاسم الثروة، أي تحقيق العدالة الاقتصادية و الاجتماعية، و الديمقراطية تعنى تقاسم القرار، و لا يمكن أن تحقق الاشتراكية الديمقراطية إلا بتقاسم الثروة و السلطة، و هذا هو العمق الحقيقي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية .»
و اعتبرت خدوج سلاسي « أن بناء المؤسسات التمثيلية لا يتأتى إلا بانخراط المجتمع كله نسائه و رجاله، صحيح تقول المتحدثة نفسها، أن هناك إكراهات، لكن لا يجب أن لا  نعترف بذلك و أن نقر بكون لا معنى حقيقي للحرية دون وجود عقبات، و لا يمكن أن تكون هناك مشاركة سياسية للنساء إلا بوجود عقبات، و علينا  الاشتغال أكثر حتى يكون هناك مضمون حقيقي للسلطة  «.
و في ختام كلمتها باسم المكتب السياسي للحزب طرحت سلاسي بعض أسئلة ارتأت أنها ضرورية لفهم بعض الإشكاليات من قبيل لماذا تتقدم القوانين في المغرب و لا تتقدم العقليات؟ لماذا هاته الازدواجية بين القانون و الممارسة،  و لماذا لا ننتقل بعد من نسائيات الدولة إلى نسائيات المجتمع الواعد بحقوق نسائه ؟و لماذا لم ينخرط المثقف في الحراك الاجتماعي و السياسي من أجل تحقيق مجتمع ديمقراطي ؟….
ممثلة مؤسسة فريدريش إبيرت، التي تسهر على هذا  المشروع التكويني «لننخرط من أجل تقوية تواجد النساء في الحقل السياسي بالمغرب وبنين « و الذي يهدف إلى المساهمة في دعم الديمقراطية التمثيلية والتعدد السياسي عبر تقوية القدرات السياسية بمقاربة متعددة الأطراف و محايدة في نفس الوقت، كشفت أن المؤسسة تشارك في هذا المشروع بتعاون مع منظمة كونراد أديناور و بمساهمة من عدة مؤسسات أوربية و خاصة الاتحاد الأوربي في جانب المساهمة المالية، مشيرة إلى أن المشروع انطلق منذ تاريخ 1مارس 2018 ليستمر لحوالي ثلاث سنوات و يتوخى منه تكوين و تقوية تأثير النساء ومشاركتهم في اتخاذ القرارات داخل الأحزاب السياسية باعتبارها المكون الأساسي من أجل تنمية مستدامة و تلعب دور الوساطة بين المجتمع المدني و الدولة .
ممثلة ذات المؤسسة أوضحت أن المغرب حقق تقدما مهما لتحقيق مبدأ المناصفة داخل الأحزاب السياسية و مجال المشاركة السياسية في العمليات الانتخابية، والمشروع يتوخى مواكبة الشريك السياسي في المغرب، وهو حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في نهج المقاربة المبنية على المناصفة و خاصة في مجال إشراك و تقوية قدرات الشابات العضوات في الحزب في مجالات النضال من أجل مبادئ حقوق الإنسان بصفة عامة وحقوق النساء بصفة خاصة، وهذا النضال، تضيف، لا يزال يشكل أولوية بالنسبة لحزب القوات الشعبية و مؤسسة فريديريش إبرت.
وركزت ذات المتحدثة على الهدف الخامس للتنمية المستدامة الذي يهدف إلى ضمان وصول النساء و الفتيات على قدم المساواة إلى التعليم و الرعاية الصحية والعمل اللائق والتمثيل في عمليات صنع القرار السياسي، مؤكدة أن الهدف من هاته الورشة هو حث المشاركات على تطوير قيادتهن و تأثيرهن كسياسيات و تأكيد أنفسهن و الدفاع عن أفكارهن و تحسين علاقاتهن.
من جهتها أوضحت فاطمة الزهراء الشيخي، باسم الكتابة الوطنية للمنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات، أنه انطلاقا من برنامج المنظمة وعملها المسطر الذي يتضمن الجوانب التنظيمية و الإشعاعية و الإعلامية و التكوينية، فإن الجانب التكويني يحظى بأهمية قصوى على اعتبار أن الممارسة السياسية غير المرتكزة على الجانب المعرفي و الثقافي تبقى محدودة في رؤياها و تصوراتها، مضيفة، في ذات اللقاء، أن ذلك من شأنه أن يحصن مناضلات الحزب و يعطيهن الأدوات الضرورية للاشتغال داخل المجتمع.
وأشار الشيخي إلى أن الرهان الأساسي  للمنظمة هو بناء المجتمع الديمقراطي الحداثي المبني على المساواة الحقيقية داخل المجتمع و في كافة المجالات، إننا نعتبر، تقول نائبة الكاتبة الوطنية للمنظمة الاشتراكية، أن معركتنا تتطلب الصبر والثقة في المستقبل والأمل، لأن ما تحقق من مكاسب للنساء في المغرب بفضل نضال الحركة النسائية والقوى الديمقراطية يتطلب مضاعفة الجهد في ظل قوى رجعية محافظة تكرس دونية المرأة والحفاظ عليها كما كانت في العصور الوسطى .
وأوضحت المتحدثة نفسها أن المطالب السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية لم تتحقق في مجملها، مؤكدة أن الواجب يفرض علينا خوض كل الأشكال النضالية دفاعا عن حقوقنا وعن مستقبل شعبنا في إشاعة الحرية والعدالة الاجتماعية و المساواة  .
وعن الكتابة الإقليمية للمنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات بتطوان، أشادت فاطمة الزهراء بنعمر بهاته المبادرة الهامة التي تنظم لفائدة المرأة الاتحادية من خلال تكوينها في فن القيادة، و هي فرصة اعتبرتها بكونها ستتيح لكل المشاركات الحصول على معارف جديدة تمكنهن من الدفاع عن حقوقهن المشروعة و فق رؤية عقلانية و حداثية  .
وذكرت ذات المتحدثة بالتواجد الهام للمناضلات الاتحاديات داخل الجماعات الترابية بإقليمي تطوان المضيق الفنيدق، سواء من موقع المعارضة أو التسيير وبفعالية داخل الأجهزة الحزبية الفرعية و الإقليمية و الجهوية وفاعلات داخل مؤسسات المجتمع المدني من خلال تقديمهن لخدمات متعددة للنساء حقوقيا واجتماعيا. مشددة على أن تغيير مجتمع ما رهين بنسائه باعتبارهن الركيزة الأساسية و الطامحة لمجتمع المساواة .
هذا، و عرف اليوم الأول من هاته الدورة التكوينية تقديم مشروع « لننخرط من أجل تقوية تواجد النساء في الحقل السياسي بالمغرب و بنين» من طرف الأستاذة بثينة فالسي ممثلة مؤسسة فريدريش إبيرت المغرب، لتتوالى بعد ذلك العديد من الحصص التكوينية همت  تقديم المشاركات في الورشة وانتظاراتهم وانتخاب ممثلة المجموعة، فضلا عن ورشة تتعلق بالقيادة وأوجهها المختلفة  .
«بناء الرؤية و توضيح الأهداف « و»تقدير الذات والثقة بالنفس « و»تقديم الرؤية»، مواضيع خصصت للورشات المبرمحة خلال اليوم الثاني للدورة قبل أن تختم هاته الأيام التكوينية بتسليم شهادات التدريب للمشاركات .

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

 فرع الحزب بأكدال الرياض ينظم ندوة حول «الدولة الاجتماعية الآفاق والتحديات»

الاستاذ إدريس لشكر: لابد من لائحة وطنية تضم «امرأة ورجل» لتطوير أداء المؤسسة التشريعية

من المؤتمر الإقليمي لبرشيد : الكاتب الأول إدريس لشكر: النظام الجزائري تبنى قضية خاسرة لأن وحدة الشعب المغربي لا غبار عليها

الكاتب  الأول إدريس لشكر يدعو إلى الإنصات إلى كافة التعبيرات السياسية وتمكينها من حق الممارسة باحترام ثوابت البلاد والاختيار الديمقراطي