لقد خالف شرع لله والفقه والقوانين والعقل …كل من  يقول او يدعو   علانية  او سرا الناس الى ان يبادروا  بإنزال الحد والعقوبة بأنفسهم على الفاعل والمتهم ..

 

مصطفى المتوكل

قال تعالى: «مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً» سورة المائدة  عن  عبادة بن الصامت قال: بايعت رسول لله – صلى لله عليه وسلم – في رهط فقال:(  أبايعكم على أن لا تشركوا بالله شيئًا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوني في معروف، فمن وفى منكم فأجره على لله، ومن أصاب من ذلك شيئًا فأخذ به في الدنيا، فهو له كفارة وطهور، ومن ستره لله فذلك إلى لله، إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له).

…اتفقت امتنا  على أن الشرائع السماوية  جاءت للمحافظة على الضروريات الخمس وهي الدين والنفس والنسل والمال والعقل …ومن هنا فاوجب الواجبات من حيث الحفظ والصون هي النفس والوجود الإنساني وكل ما يضمن له عيشا كريما وحياة منتظمة يحميها بالعقل الواعي  والنظام العادل ..ولجعل الضرورة الدينية قائمة ومستمرة إلى أن تقوم الساعة  فلا بد ان يكون المكلفون بتبليغها واقناع البشرية بها  مدركون  لروح وجوهر شرع لله الذي جعل التنوع والتعدد والاختلاف في العادات والمعتقدات والطبائع أمرا مسلما به لاحق لأي كان ان يمارس الترهيب والإكراه لإجبار الناس على اتباع دين ما ..لان لله يعبد بالعلم والإيمان وليس بالجهل .. ولان الإيمان مرتبط بالقلب والروح والعقل  فالله وحده يعلم من يؤمن حقا او من يدعيه نفاقا لمصلحة مادية او معنوية  او تقية لتجنب عنف او ترهيب …فالمطلوب هو ان  يوظف العقل والعمل العام لتحبيب العقيدة للمخاطبين والمخاطبات لا ان يتم التعاطي مع الدين بطرق تناقض جوهر التعاون على البر والتقوى وعدم التعاون على الاثم والعدوان ونشر الكراهية بين الناس وتكثير الأعداء وتحريضهم ضد الإسلام والمسلمين خاصة والمعتقدات عامة …
..ان كل من يقدم نفسه للناس على انه هو المالك للحقيقة وان الاخرين على ضلال وبانهم هم وحدهم الذين يفهمون الدين وغيرهم مبتدعة وتحريفيون ..وبانهم هم وحدهم المصلحون وغيرهم ولو اصلحوا فماهم الا مفسدين … يحتاج الى مراجعات تنطلق من المبادئ وتنتهي بالقواعد مرورا بالاعمال والنتائج بعد صفاء النية واخلاصها واحسان التعامل مع قوله تعالى  (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ )سورة يونس  وقوله تعالى «وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (*) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ » سورة هود ومن هنا يمكن ان نقول لقد خالف شرع لله والفقه والقوانين والعقل …كل من  يقول او يدعو   علانية  او سرا الناس الى ان يبادروا  بانزال الحد والعقوبة بانفسهم على الفاعل والمتهم .. والاقدام على افعال ومبادرات فردية في مواجهة حالات واحداث  ومواقف  خاصة قد يكون معنيا بها او يحضرها من مثل  ان يقبض على من سرقه او قذف في عرضه واتهم زوجته بالزنا او  ان يجد رجلا مع امراته  في غرفة  –  “هكذا ..؟؟”  .. ليصبح المواطن مراقبا ومشرعا وقاضيا وسلطة تنفيذية …

…اما ان كان   المتحدث مسؤولا  بمؤسسة عمومية أو حاكما أو زعيم منظمة ما  او إماما  ..  فذلك حسب  منطق السياسة وعلم التشريع  ..هو امر واذن   ليقوم الناس بأنفسهم مقام الدولة والعدالة في ضبط الواقعة / الجريمة ودراستها وإصدار الأحكام وتنفيذها ..وهذه  دعوة صريحة و معلومة لمن استمع او تناهى  لعلمه القول   للعصيان وعدم اسناد واحالة الامور على المسؤولين اي اولي الأمر وتنفيذ العقوبة  بنفسه  …فهل هذا  الكلام تفويض او تنازل عن اختصاصات لها اصحابها بالقانون والشرع ” لفائدة” الشعب  …؟  ام انه مجرد كلام سياسوي انفعالي لايلقي له  البعض بالا  لانه قد يجر الى تصرفات طائشة يمكن ان تنتشر في اوساط قد ترى في كل كلام فتوى او ترخيصا بالفعل لاقدر الله …ولنا في حلات الانفلات الفوضية بالعديد من الدول التي تقوم فيها مجموعات صغرى او افرادا باعمال يعتقدونها من جوهر الدين ؟؟

..واذا اردنا ان نفصل جزئيا في المسالة دون الغوص في القضايا الفقهية الشرعية المنظمة للموضوع ..سنطرح جملة من الاستفهامات الواقعية التي تحكمها ضوابط معلومة في الدين …*   هل يجوز شرعا قتل الزاني ان ضبط مع زوجة  من ضبطه  دون التاكد من  كونه  متزوجا او  غير متزوج  لان الاحكام مختلفة ..؟ *وهل   للمراة في مثل  هذه الحالة ان وجدت زوجها يخونها مع امراة اخرى ان تنفذ عليه العقوبة ام تنفذها على خليلته سواء كانت متزوجة ام لا ..  ؟ *   واذا كان الزاني مع المراة قاصرا او مجنونا فهل له معاقبته  …؟ …كما ان لتنفيذ العقوبة  شروط  هي  العقل و البلوغ و الاختيار و الاسلام .

وفي اشارة عابرة   لاشكال  تدقيق وتشديد الشرع  في شروط اثباث الزنا … والتي التي تتحقق الا   بالإقرار والاعتراف أو بالبينة وشهادة الشهود الذين يجب أن يكونوا أربعة من الرجال .. فما  العمل  ان انتفت او تعذر توفرها  ؟…وهنا  يرد  ويوضح الرسول  (ص)   … عندما قال سعد بن عبادة لرسول الله صلى الله عليه و سلم : ” أرأيت لو وجدت مع امرأتي رجلاً أأمهله حتى آتى بأربعة شهداء ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( نعم ) ” رواه مالك في ” الموطأ “…

وفي هذا قال تعالى: (واللاتي يأتين الفاحشة من نسآئكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا (*) واللذان يأتيانها منكم فآذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما إن لله كان توابا رحيما)  سورة النساء.. ;قال تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) النور لقد “…اتفق الفقهاء على أنه لا يقيم الحد إلا الإمام أو نائبه، وذلك لمصلحة العباد …”والا عمت الفوضى المجتمع وتذرع الفوضويون والمجرمون تحت نفس المبرر للفتك بخصومهم واعدائهم باصطناع الوقائع  وافترائها وطبخ الملفات …

…ونسوق هنا  خلاصة لتصريح  الشيخ الدكتور أحمد الغامدي  الذي  كان  رئيسا لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في منطقة مكة المكرمة،   ل “الحياة…”  معلقا على ما يدفع »داعش« لادعاء تطبيق الحدود الشرعية ..هو »استقطاب المتعاطفين من البسطاء والجهلة، وغير العارفين بأحكام الشريعة والمتشوقين للدماء، ومن يعتقدون بأن تنفيذ الحدود بذلك الشكل القائم لما يسمونه الخلافة، هو التطبيق الصحيح، فيما هو تشويه للدين وأفعال باطلة«….واعتبر ذلك  »حرباً فكرية قذرة»…

 

وعن السيِّدة عائشة رضي لله عنها قالت: قال صلى لله عليه وسلم: «ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن كان له مخرج فخَلُّوا سبيله فإنَّ الإمام إنْ يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة»
لهذا فلكل امر اهله بالدولة يحال عليهم للدراسة واعمال القانون والشرع حسب اجتهادهم وهم المسؤولون لاستصدار الأحكام وتنفيذها ..لأنه ثبت في الدين وفي التاريخ ان الناس ان تركوا لأهوائهم وانفعالاتهم لعمت الفوضى ولأكل القوي الضعيف ولضاعت الحقوق ولاختلت الضرورات الخمس وغيرها ولسادت شريعة الغاب ..

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

حتى  لا تتحول مجالس الحكامة الى آلية للتحكم

اليوم يفتتح ذ.إدريس لشكر المؤتمر الوطني لقطاع المحامين

الأغلبية تظهر «وحدة الواجهة ـ الفاصاد»، وواقع مكوناتها يؤكد ما قاله الاتحاد وكاتبه الأول..

المجد للشهداء في الأعالي، وعلى الوطن السلام!