قدم محمد بنعبد القادر، وزير العدل، أمام أنظار المجلس الحكومي، أول أمس الخميس 2 يوليوز، المخطط التوجيهي للتحول الرقمي في منظومة العدالة بالمغرب الذي يتضمن 10 أبواب، بدءا من التشخيص حتى حقيبة المشاريع.
و يهدف هذا المخطط  إلى تحقيق 3 غايات رئيسية تتمثل في منظومة عدالة ميسرة وفعالة ومنفتحة، ومرفق قضائي يحمي حقوق المتقاضين ويضع المرتفقين في صلب مهمته، بالإضافة إلى محكمة ذكية تجعل الذكاء الاصطناعي في خدمة الأمن القضائي.
وفي ما يتعلق بالهدف الأول، ينبغي توفير خدمة متواصلة و مستمرة للمرتفق و تمكين المتقاضي من تتبع مسار الإجراءات ومآل التنفيذ المتعلق بقضاياه مجانا دون المساس بالمعطيات ذات الطابع الشخصي، والسلاسة في الولوج إلى العدالة والبساطة في تصريف إجراءاتها.
وتكمن قيمة منظومة عدالة شفافة، في خلق بيئة عدلية معلوماتية تكون فيها الإجراءات والمساطر المتعلقة بالعدالة متاحة وفي متناول كل الأطراف ومفهومة بما يكفي لضمان حقوقهم على قدم المساواة، بالإضافة إلى تيسير قنوات الحصول على المعلومة القانونية والقضائية مع تطوير منظومة التلقي و التتبع و معالجة ملاحظات المرتفقين واقتراحاتهم وتظلماتهم، وإرساء ركائز إعلام قضائي متخصص.
أما الهدف الثاني، فيتجلى في المساواة بين جميع المتقاضين والمرتفقين المتوفرين على نفس الشروط دون أي تمييز بينهم لأي سبب، وتكريس حقوق الدفاع من خلال ضمان التواصل مع مؤسسة الدفاع بطريقة سلسة وسريعة تمكن من الرفع من جودة خدمات الدفاع.
وينص المخطط التوجيهي للتحول الرقمي لمنظومة العدالة، على تكريس الأمن القضائي والقانوني من خلال توفير قاعدة بيانات سهلة الاستغلال للاجتهادات القضائية و مختلف النصوص التشريعية، فضلا عن استغلال الوسائل التكنولوجية الحديثة من أجل تسريع العملية القضائية خاصة بالنسبة للملفات المماثلة مع إمكانية الحرص على إفراد الملفات التي تعرف خصوصية معينة.
ومن بين مجالات التحول الرقمي لمنظومة العدالة، التقاضي عن بعد، الذي يعتبر المحور الأساس الذي تعلق به كل جوانب التحول الرقمي، وتسهيل الولوج للعدالة وتبسيط المساطر و الإجراءات، بتحقيق مستويات متقدمة من النجاعة وحسن تدبير الزمن الإجرائي،  فضلا عن نشر المعلومة القضائية والقانونية، الذي يعتبر من المجالات التي يستطيع مخطّط التحول الرقمي أن يُقدّم فيها مستوى لا يمكن أن تُضاهى من قِبل الآليات التقليدية في الحصول على هذا النوع من المعلومة، سواء على مستوى السرعة في الوصول إلى المعلومة المطلوبة أو الدقة في ترتيبها وتصنيفها أو القدرة على استرجاعها متى لزم الأمر، وأيضا على مستوى الكم الهائل من المعطيات القانونية والقضائية التي يمكن تخزينها أو تحميلها أو إرسالها أو البحث فيها واستثمارها.
ويتضمن المخطط في المحور السادس المتعلق ببرامج التحول الرقمي للعدالة، البوابة المندمجة للولوج إلى العدالة في المغرب، ومن بين أهدافها الرئيسية، ولوج المواطن إلى العدالة والاستفادة من كل الخدمات المرفقية، سواء كانت ذات طبيعة قضائية أو قانونية أو إدارية أو ما يتعلق بالسجل التجاري، واستفادة المحامي والمفوض القضائي والعدل والخبير القضائي وغيرهم من مساعدي القضاء أو طالبي خدماته من سلاسة الإلكترونية وانسيابية الإجراءات اللامادية، في احترام تامّ للنصوص القانونية الجاري بها العمل.
أما البرنامج الثاني، فيهم تعميم التبادل الإلكتروني للوثائق، ويهدف إلى التبادل السّلس للمعطيات والوثائق والتتبع الدقيق لكل المساطر والإجراءات، وتوفير الجهود المبذولة في التواصل المباشر وفي تدبير الوثائق الورقية وما تستلزمه من إمكانيات مادية وبشرية كبيرة بتوفير أجهزة لتخزين الوثائق ذات سعة هائلة ومؤمنة بحماية تقنية عالية، بالإضافة إلى تقليص العمر الافتراضي للقضايا، لاسيما مع تفعيل التبليغ الإلكتروني.
البرنامج الثالث، وهو الذي يضم التدبير اللامادي للملف القضائي، ومن بين أهدافه الرئيسية، التجسيد اللامادي للملفات القضائية، أخذا بعين الاعتبار تعدّد أنواعه ودرجاته، والتجسيد اللامادي لملفات النيابة العامة، سواء في علاقتها مع الضابطة القضائية، أو ما تعلّق منها بجوانب تدخّلها بالقضايا المدنية بشكل عام والأسرية بشكل خاص، أو ما تعلّق بأدوارها الرئيسية في القضايا الجنحية والجنائية، فضلا عن التجسيد اللامادي لملفات الدفاع في كل مراحلها، مستوعبا كلّ ما كان ذا صلة بالأدوار المنوطة بالدفاع في علاقتها بالمرفق القضائي.
وبخصوص البرنامج الرابع المتعلق باعتماد التقنيات الرقمية في تدبير الجلسات فيتوخى إحداث مكاتب افتراضية للفاعلين الداخليين بالمحكمة سواء تعلق الأمر بالقضاة أو النواب أو كتاب الضبط، الاستفادة مما تتيحه التقنيات الحديثة في مجال الإعلام والتواصل من إمكانيات لتحقيق التقاضي عن بعد لما له من مزايا وحسنات، إضفاء الصبغة القانونية على أشكال متعدّدة من المحاضر، سواء ما اقتصر منها على ما يحرّر على دعامة إلكترونية، أو ما كان ناقلا لأطوار الجلسات بالصوت والصورة، أخذا بعين الاعتبار إمكانية الاستماع عن بُعد لأيّ طرف قرّرت المحكمة الاستماع إليه عن بُعد.
وشملت برامج المخطط التوجيهي كذلك رقمنة المقررات القضائية وتنفيذها، و نشر المعلومة، عبر تخزين الكم الهائل من المعطيات القانونية والقضائية التي يمكن تحميلها أو إرسالها أو البحث فيها واستثمارها، و الحصول على المعلومة القانونية والقضائية المطلوبة بطريقة لا يمكن أن تُضاهى من قِبل الآليات التقليدية في الحصول عليها سواء على مستوى السرعة في الوصول إلى المعلومة المطلوبة أو الدقة في ترتيبها وتصنيفها أو القدرة على استرجاعها متى لزم الأمر.
ويرتكز هذا المخطط على دعائم أساسية للتحول الرقمي للعدالة، ويتعلق الأمر بالإجراءات والعمليات الأفقية  التي من شأنها إنجاح المخطط الرقمي وإنجاز المشاريع المبرمجة وبالتالي بلوغ الأهداف المتوخاة من خلالها.
فبالإضافة إلى تحيين وإعداد النصوص القانونية المواكبة، فإن هذه الدعائم من شأنها تعزيز وتقوية البنى التحتية وإثراء هذه البرامج وتتبعها والاستفادة من الممارسات الفضلى وتكوين المتدخلين وتوعيتهم والتواصل معهم بالوسائل المتاحة.
وتتمثل هذه الدعائم في: الترصيد والتشريع والتجهيز و التأمين والتكوين والتواصل بالضافة إلى التعاون والتقييم.
ويقوم المخطط التوجيهي للتحول الرقمي لمنظومة العدالة، على آليات للحكامة تضمن لجنة التنسيق التقييم وتضم وزير العدل والرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية و رئيس النيابة العامة، ولجنة القيادة و وحدة تدبير المشروع.
ويعتبر هذا المخطط التوجيهي ليس فقط تخطيطا استراتيجيا أو وثيقة مرجعية، بل هو أداة للقيادة وملاءمة سيرورة التحويل، فانطلاقا من أهداف استراتيجية محددة وتشخيص دقيق لواقع رقمنة منظومة العدالة، يمكن برمجة مخطط تحويلي على مدى خمس سنوات، كما يمكن تحديد وتجويد وبرمجة المشاريع اللازمة لتحقيق هذا التحول الرقمي.