في أفق الاستحقاقات الانتخابية المهنية والجماعية والجهوية والبرلمانية المقبلة، وبعد إقرار حد أدنى من التعديلات على منظومة القوانين التي ستؤطر هذه العمليات، انطلقت عملية مراجعة جديدة للوائح الانتخاببة باعتبارها حلقة مهمة في هذا المسلسل الطويل، الشاق والمعقد.
العنوان العريض لمجموع هذه التحضيرات هو تحسين مناخ الترشيح والانتخاب، حماية التعددية، تخليق العملية الانتخابية، توسيع المشاركة،…. لاسترجاع الثقة في السياسة والساسة والمؤسسات.
لقد ارتكز كل ما تم إقراره وإجازته من إصلاحات على التشريعات والقوانين والمدونات …ليبقى إصلاح وتقويم العنصر البشري، مرشحين وأحزاب وناخبين، وهم حجر زاوية أساسي في العملية السياسية برمتها والانتخابية على وجه التحديد .. ورشا مفتوحا ومطروحا باستعجال وبحدة (لأن المواطن / الناخب، المتتبع..لا يحكم على السياسة والمؤسسات إلا بعد معاينة ممارسة وتاريخ وسمعة وحصيلة والتزام وصلاح أو فساد المرشح/المنتخب.. وليس فقط من زاوية نظر ما يؤطر السياسة والانتخابات والمؤسسات من قوانين، ولو كانت بالغة الجودة ).
لقد عرفت محطاتنا الانتخابية والسياسية والمؤسساتية السابقة بروز ظواهر وكائنات وممارسات انتخابية وسياسية، أضعفت بممارساتها منسوب الثقة وأفسدت الانتخابات والمؤسسات…ونفرت الناخبين والناخبات والمواطنين والمواطنات.
واليوم، وقد أطلقت بلادنا برعاية وقيادة من جلالة الملك مسلسل إرساء وتنزيل النموذج التنموي الجديد لبناء مغرب الغد… فلا شك أن مغرب الغد هذا ومؤسساته وسياسته هو بحاجة ملحة ومستعجلة إلى نخبة الغد.
إن من بثور وتشوهات وتقرحات حياتنا السياسية والمؤسساتية أن عجنت السياسة بالدين، وخلطت السياسة بالمال الفاسد والمشبوه، واغتنى واستكرش منتخبون، واستعملت الحصانة لتملص ضريبي أونشاط إجرامي .
ليس من عادتنا التعميم …و لكن «حوتة وحدة كتخنز الشواري»، ومغرب الغد بحاجة حيوية ل «شواري» نظيف، حتى تعود الثقة، وتعود السياسة لنبل منشئها ومقاصدها.
لقد أثبتت أجهزة بلادنا الأمنية والاستخباراتية، هنا وفي كل بلاد الدنيا، احترافيتها ونجاعتها ودقتها وقوتها …وهي تحمي وطننا ومحيطنا وحلفاءنا وأصدقاءنا من شتى التهديدات الإجرامية والإرهابية.
لقد كان ومازال فخرنا واعتزازنا كبيرا، وقد نوهت كبريات الصحف العالمية (New York times نموذجا) بأجهزتنا الوطنية، ووشح قادتها بأرقى الأوسمة، وتم الثناء عليها من مثيلاتها (FBI كنموذج) …
إن الأجهزة الأمنية المغربية الوطنية أثبتت لنا وللناس أجمعين علو كعبها واحترافيتها وبراعتها واستباقيتها…
إن الأجهزة التي فككت شبكات إجرامية وخلايا إرهابية بدقة واحترافية جنبتنا وجنبت بلدانا وشعوبا غيرنا مآسي الإرهاب والتهريب الدولي للبشر والممنوعات.
إن أجهزة بهذه المواصفات.. الجيدة، بإمكانها، بل ويعول عليها ونحن نتجه لبناء مغرب الغد، لتطهير فضائنا العام، وبالخصوص مؤسساتنا وسياستنا من كل مسيء لها، مجرم مدثر بحصانته، منتخب اغتنى في رمشة عين، سياسي مفسد في البلاد والعباد، وكل من جعل مصالحه تعلو فوق مصالح الوطن والمواطنين.
إن مغرب الغد بحاجة ملحة وضرورية ومستعجلة حيوية لنخبة الغد.