الخروج بالبلاد من أزماتها المتفاقمة يستوجب تكتيل صفوف كل القوى الديمقراطية

إن الاحزاب الوطنية الديمقراطية: حزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والاتحاد الوطني للقوات الشعبية وحزب التقدم والاشتراكية ومنظمة العمل الديمقراطي الشعبي·
ـ إدراكا منها لجسامة التحديات التي تواجهها البلاد على جميع المستويات، سواء تعلق الامر بتثبيت الوحدة الترابية واستكمالها، أو بإقرار الديمقراطية الحق في كل مضامينها، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وما يتطلبه ذلك من تعبئة شعبية شاملة لكسب الرهانات الكبرى التي لن يستطيع المغرب بدونها تخطي عتبة القرن المقبل، وهو ملح بمقومات المناعة والقوة والحماس والقدرة على المبادرة·
ـ ووعيا منها ان البلاد أمام منعطف تاريخي فاصل، لا يمكن اجتيازه إلا بالمعالجة الجدية والجذرية للقضايا الكبرى التي تراكمت اختلالاتها وزادت حدتها عبر ما يناهز الثلاثين سنة بعد الاستقلال السياسي، والتي تتجلى على الخصوص في حتمية اقتحام عهد جديد تتحقق فيه التغيرات الجوهرية والديمقراطية الحقيقية في إطار الملكية الدستورية الديمقراطية والاجتماعية·
ـ واقتناعا منها بأن منطلق تجاوز الوضعية الراهنة والإعداد لمستقبل يفتح أبواب الأمل على مصراعيها، يكمن قبل كل شيء في إقرار الديمقراطية كإطار عام، باعتباره الغاية والوسيلة، من أجل تصحيح وإعادة هيكلة المؤسسات والبنيات السائدة، وخاصة منها ما يتعلق بتوازن السلط وتحديد مسؤولياتها، وضمان خضوعها دوما لمراقبة الشعب، وتوظيفها بالفعل لخدمة المصالح العليا للبلاد ولتلبية الحاجيات الاساسية لعموم المواطنين، في مناخ يطبعه الحوار وسيادة الحق والقانون واحترام كرامة وحقوق كل المواطنين·
ـ ويقينا منها، بالنظر لما راكمه الشعب المغربي من نضالات وما عاشه من انتكاسات خلال العقود الثلاثة الاخيرة، بأن الخروج بالبلاد من أزماتها المتفاقمة يستوجب حشد وتكتيل صفوف كل القوى الديمقراطية وتعبئة الشعب المغربي حولها لخوض نضالات واسعة، مرتبطة بتوجهات واضحة ومناهج مضبوطة لمعالجة المعضلات التي عانت وتعاني منها البلاد، في أفق بناء مغرب موحد وقوي ومتقدم، تسوده الحرية والديمقراطية ويتحقق فيه العدل والتقدم، ويعمل على توطيد بناء المغرب العربي الكبير كاختيار استراتيجي لشعوبه·
فإن الأحزاب الوطنية الديمقراطية، تأسيسا على ما سبق، تعلن التزامها بالعمل الموحد بينها للوصول الى تحقيق الاهداف التالية:
1 ـ تثبيت استرجاع المغرب لأقاليم الساقية الحمراء ووادي الذهب والنضال بكل الوسائل من أجل استكمال الوحدة الترابية للبلاد·
2 ـ إقرار إصلاح دستوري عميق يضمن ترسيخ دولة المؤسسات وتعزيز سلطة القانون، ودمقرطة وتحديث أجهزة الدولة على كافة مستوياتها، ويكرس فصل السلطات، ويحدد مسؤولية كل سلطة، ويكفل قيام حكومة تكون ممثلة لأغلبية الشعب ومتحملة لمسؤولياتها الكاملة أمام مجلس النواب، ويحقق استقلال القضاء، ويصون حقوق الانسان، ويحمي الحريات العامة والخاصة، ويكون إطارا ناجعا لتلبية طموحات الشعب وتطلعاته المشروعة في تحقيق التنمية والتقدم والرفاه في كنف تكافؤ الفرص والتكافل والعدالة الاجتماعية، ولبناء مجتمع عصري يعتمد الاسلام ويستند الى كل المقومات الثقافية والحضارية للشعب المغربي·
3 ـ إرساء مؤسسات ديمقراطية، سواء على المستوى المحلي أو الاقليمي أو المهني أو الوطني، تكون منبثقة من الشعب ومتمتعة بثقته، الامر الذي يستوجب إحاطة الانتخابات العامة، الجماعية والمهنية والتشريعية وكل الاستشارات الشعبية بجميع الضمانات السياسية والقانونية والادارية والعملية الكفيلة باحترام إرادة المواطنين والمواطنات في التعبير عن اختياراتهم، في ظل مناخ يبعث الثقة في حريتها ونزاهتها ويؤمن المصداقية الكاملة للمؤسسات التمثيلية·
4 ـ إقرار مشروع وطني للتنمية والتحرر والتقدم، وإرساء سياسة بديلة للإقلاع الاقتصادي والتطور الاجتماعي والثقافي تستهدف بالأساس:
أ ـ تلبية الحاجيات الاساسية للمواطنين وضمان حقوقهم في الشغل والتعليم والتكوين والصحة والسكن والنقل والعيش الكريم·
ب ـ وضع خطة متكاملة لمحاربة البطالة، وتشغيل الشباب، وتوظيف كل الطاقات البشرية في إطار توسيع مجالات الاستثمار والإنتاج والتجهيز، وتنشيط مختلف القطاعات الاقتصادية، وتعبئة إمكانات التعليم والتكوين والبحث العلمي والتكنولوجي لكي تكون في خدمة تطور المجتمع بكل فئاته وقطاعاته·
ج ـ وضع استراتيجية للتضامن الوطني تجعل حدا للفوارق الاجتماعية والجهوية والقطاعية، وتحقق المساواة بين المواطنين والمواطنات في الحقوق والواجبات·
ـ وضع ميثاق وطني للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعموم المواطنين، يضمن حقوق النساء والطفولة على وجه الخصوص، ويرسي دعائم سياسة وطنية لحماية البيئة·
هـ ـ إقرار سياسة متكاملة وصارمة تحدث قطيعة جذرية مع ما يسود المجتمع والادارة من فساد، وارتشاء، واستغلال للنفوذ، وشطط في استعمال السلطة ونهب للثروات وتبذير للموارد الوطنية، وتسلط على المواطنين وإخضاعهم لضروب الاكراه والترهيب والتيئيس·
5 ـ العمل على بناء المغرب العربي الكبير باعتباره اختيارا استراتيجيا لا محيد عنه، ولا يمكن لأي من أقطاره النهوض والتقدم خارج إطاره، وعلى أساس أن يرتكز هذا البناء على المشاركة الديمقراطية الفعلية للشعو،ب المغاربية بمختلف مكوناتها وفعالياتها· كما سيكون لهذا البناء، لا محالة، دور أساسي في تأكيد وتعميق التزاماتنا العربية والاسلامية، والدفع قدما بالأمة العربية نحو مزيد من رص الصفوف لمواجهة ما يتهدد مصيرها ومصالحها الحيوية من تحديات وأخطار، ولمساندة الكفاح المشروع للشعب الفلسطيني من أجل إقرار حقوقه الكاملة في إقامة دولته المستقلة فوق ترابه الوطني وعاصمتها القدس الشريف بقيادة ممثله الشرعي والوحيد منظمة التحرير الفلسطينية·
ويفرض كل ذلك على المغرب انسجاما مع تقاليده واعتبارا لما يحظى به من موقع متميز، أن يكون منفتحا على جيرانه ومحيطه: شمالا وجنوبا وغربا وشرقا، وان يقوم بدوره كاملا في العمل من أجل استتباب الامن والسلام القائمين على العدل والانصاف في كل أرجاء العالم، وخاصة في منطقة البحر الابيض المتوسط التي ينبغي ان تتحول الى بحيرة سلام يعم ضفتيها الاستقرار والتعاون في كل المجالات وعلى جميع المستويات·
وتؤكد الاحزاب الوطنية الديمقراطية ان التوجهات والاصلاحات المذكورة، بقدر ما هي ضرورية وأساسية في ذاتها، فإنها تشكل السبيل الأقوم لإنقاذ البلاد من الاخطار المحدقة بها، ولتجاوز الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية التي حكمت على السواد الأعظم من الشعب بالتفقير والتهميش·
وتؤكد كذلك ان من مستلزمات الدخول في العهد الجديد الذي تتوق إليه البلاد، استتباب جو عام من الانفراج السياسي والاجتماعي، وذلك بإطلاق سراح كل المعتقلين من أجل أفكارهم أو نضالهم السياسي والاجتماعي، والسماح بعودة المغتربين الى أرض الوطن، وإعادة المطرودين الى عملهم، وتوقيف مسلسل المتابعات والمضايقات، والدخول فورا في حوار جدي ومسؤول بهدف تلبية المطالب المادية والمعنوية للشغالين، والاستجابة لمطامح الشباب وعموم الكادحين في العيش الكريم·
وإن الأحزاب الوطنية الديمقراطية، انطلاقا من شعورها بمسؤولياتها التاريخية في هذا الظرف الدقيق والمصيري في تاريخ المغرب المعاصر، تعلن عن تأسيس “الكتلة الديمقراطية” إطارا عاما مفتوحا، من أجل تنسيق مواقفها وتوحيد جهودها في نضالها الموحد من أجل تحقيق أهدافها المشتركة·
وتقرر من أجل ذلك إحداث هيئة عليا دائمة تتشكل من الأمناء العامين للأحزاب المنضوية، تجتمع بصفة دورية ومنتظمة لتحديد المواقف واتخاذ المبادرات الموحدة في نضالها المشترك الذي يتوجب ان تخوضه بإسهام أوسع الجماهير، وبتعبئة كل ما يزخر به مجتمعنا من طاقات حية وفعاليات مؤمنة بحتمية التغيير والديمقراطية والعدالة الاجتماعية·
وتوجه الكتلة الديمقراطية النداء الحار الى كل الشعب المغربي وجميع قواه الحية من هيئات ومنظمات وطنية والى جماهير الشباب، للتعبئة والالتفاف· بكل وعي وهمة ومسؤولية ـ حول هذا المشروع الوطني الديمقراطي، من أجل مواجهة التحديات المصيرية، والانفتاح على آفاق المستقبل ـ بكل ما تملكه من طاقات وقدرات ـ للانطلاق نحو نهضة وطنية شاملة·

1412
17 ماي 1992
” حزب الاستقلال الأمين العام محمد بوستة
” الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الكاتب الاول
عبد الرحمان اليوسفي
” الاتحاد الوطني للقوات الشعبية الأمين العام
عبد الله ابراهيم
” حزب التقدم والاشتراكية الأمين العام علي يعتة
” منظمة العمل الديمقراطي الشعبي الأمين العام
محمد بنسعيد

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

شريط وثائقي يضم مسيرة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية خلال ستين سنة

مـــوقفنـــــا

في ذكرى أحداث يونيو 1981

عن مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة