عقدت اللجنة الادارية الوطنية لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية دورتها الثانية، يومي 20 و21 ابريل 2013، بمقر الحزب بالرباط، حيث أشرف على اشغالها رئيسها الأستاذ الحبيب المالكي، الذي اعتبر أنها دورة تأسيسية، لما يتضمن جدول أعمالها من قضايا سياسية هامة ومحورية في مستقبل بلادنا، ومشاريع قوانين تنظيمية وهيكلية تسعى لانتقال الحزب، إلى مأسسة بنياته ومختلف انشطته ومبادراته.

وبعد الاستماع إلى عرض المكتب السياسي، المقدم من طرف الكاتب الأول، الأستاذ إدريس لشكر، وبعد المناقشات المستفيضة، تداولت اللجنة الادارية الوطنية مجمل المشاريع القانونية والتنظيمية المعروضة عليها، واتخذت القرارات والتوصيات التالية:

على المستوى السياسي:

تسجل اللجنة الادارية بقلق شديد ما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ببلادنا، نتيجة سياسية الارتجال التي تنهجها الحكومة، والتي تنم عن غياب تحليل صحيح للظرفية المحلية والإقليمية والدولية، وعن ضعف كبير في الاداء وعدم القدرة على معالجة مختلف الإشكالات التي يطرحها تدبير الشأن العام.

إن تأزم الاوضاع الاقتصادية والسياسية ينذر بعودة بلادنا الى سياسة التقويم الهيكلي وخضوعها المطلق لإملاءات المؤسسات التمويلية الدولية، مما يعني تشديد الخناق على الطبقات المتوسطة والفقيرة، وضرب القدرة الشرائية للمواطنين وتعميق الفوارق الاجتماعية، بما يترتب عنها من توترات قد تزج بالمغرب في آفاق مجهولة.

وتعتبر اللجنة الادارية الوطنية بأن تخفيض ميزانية الاستثمار، الذي أقدمت عليها الحكومة والزيادة في أثمان المحروقات وتقليص فرص التشغيل وفرض اجراءات تقشفية، مثال صارخ على سوء التدبير وعلى اللجوء الى حلول سهلة ذات طبيعة تبسيطية، بدل الانكباب على معالجة الاسباب الحقيقة للأزمة والمتمثلة في ضرورة التلاؤم مع التحولات الحاصلة في المجتمع وأنماط تمويل الخدمات العمومية وتدبير الندرة والتوجه نحو الطاقات المتجددة والمراجعة الشاملة للنموذج الاقتصادي، الذي ساد لحد الآن.

إن اللجنة الادارية الوطنية إذ تحذر من خطورة هذا التوجه الاقتصادي والاجتماعي، الذي تدفع فيها الحكومة، تعتبر أنه سيرهن بلادنا في السنوات المقبلة، وسيؤدي الى تفاقم الاوضاع وتخفيض النمو، وعرقلة الإقلاع الذي تنتظره الاجيال الشابة والفئات المحرومة.

وتؤكد أنه بالإضافة إلى هذه المخاطر ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي، فإن ما تم الإقدام عليه من طرف الجهاز التنفيذي، يتميز بتهميش تام للمؤسسة التشريعية، في تناقض مطلق مع مبادئ الدستور، الذي يخول للبرلمان وللمعارضة دورا محوريا في الحياة السياسية، وتسجل باستنكار شديد البطء الكبير الذي اتسمت به سياسة الحكومة في تفعيل مبادئ الدستور، في محاولة واضحة للمماطلة والتسويف، والالتفاف على المعالم الكبرى التي تضمنها الاصلاح الدستوري، سواء تلك التي تتعلق بالمرجعية الكونية لحقوق الانسان أو بالديمقراطية التشاركية او بالحكامة الجيدة.

وبدل ذلك، يتم اللجوء الى ابداع مسرحيات من قبيل الحوارات الوطنية وتشكيل لجان يغلب عليها طابع الزبونية والاستحواذ عليها من طرف المقربين من الحزب الاغلبي، بهدف فرض توجه ايديولوجي معين داخل الإدارات و المؤسسات و المجالس، وكذلك على على آليات ادارة الشأن العام، وتكريس تأويل رجعي لمبادئ الدستور، مما يعرقل إلإصلاح العيمق للدولة و المحاربة الفعلية للفساد.

وتندد اللجنة الادارية الوطنية بالعودة إلى استعمال الاساليب القمعية، من قبيل الاعتداء على المتظاهرين، ومواجهة الاحتجاجات بالعنف المفرط، والاقتطاع من أجور المضربين، وانتهاك الحقوق النقابية، والاعتقال بسبب ابداء الرأي، والتضييق على العمل الصحافي والتدخل السافر بهدف توجيه الإعلام العمومي، و تغليب الرأي الواحد، المدافع عن الحكومة، و التأخرفي إصلاح منظومة العدالة.

ومن أجل التصدي لهذا الانحراف الخطير، الذي ينذر بإفشال الانتقال الديمقراطي ببلادنا، تدعو اللجنة الادارية الوطنية كافة القوى السياسية الديمقراطية والمنظمات النقابية والجمعيات الحقوقية والمدنية الى التصدي للمخطط الرجعي اليميني، والرأسمالي المتوحش، الذي لا همَّ له إلا محاولة إعادة انتاج تماذج مجتمعية متخلفة، يسودها الاستبداد السياسي، والتفاوت الطبقي والتزمت الاجتماعي والانغلاق الفكري.

إن اللجنة الادارية الوطنية وهي تقف على هذه المخاطر، التي تهدد المشروع المجتمعي الديمقراطي والحداثي، الذي تصبو اليه أجيالنا الشابة، تؤكد أن مواجهته الفعلية لا يمكن أن تتم إلا عبر تشكيل جبهة قوية من القوى الديمقراطية وتكتل اليسار و السعي الى توحيد العمل النقابي و العمل جنبا الى جنب مع الهيآت الحقوقية والشبابية والنسائية، ومع المثقفين والمفكرين والفنانيين، ومختلف الفعاليات التواقة الى الحرية والتقدم واحترام المبادئ الكونية لحقوق الانسان.

وفي ملف الوحدة الترابية، تعتبر اللجنة الإدارية الوطنية أن المشروع الأمريكي، الذي ينص على تحويل صلاحيات البعثة الاممية في الصحراء، ومنحها حق مراقبة احترام حقوق الإنسان، يشكل ضربا للسيادة المغربية على الاقاليم الصحراوية، ومحاولة لخلق واقع سياسي وإداري جديد، يكرس المشروع الانفصالي، الذي ترعاه الجزائر، ضدا على تاريخ ومصالح ومستقبل الشعوب المغاربية.

واللجنة الإدارية الوطنية إذ تذكر بأن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي وضع قضية الوحدة الترابية في أولويات برنامجه السياسي وربط بين تحرير الارض والإنسان، تؤكد الرفض التام للمشروع الأمريكي، الذي يتبنى مقاربة متحيزة، تعتمد على تقارير غير موضوعية، شاركت في صياغتها أطراف انفصالية ومنظمات سياسية، تدعي انتماءها لمنظومة حقوق الإنسان، في الوقت الذي يعرف الجميع خلفياتها المتعاطفة مع خصوم الوحدة الترابية للمغرب، واعتمادها، في العديد من الأحيان، على التضليل والدعاية والإشاعة الكاذبة،.

إن قضية الصحراء المغربية، مسألة محورية وحاسمة في مستقبل بلادنا، ولا يمكن للشعب المغربي الذي أدى من أجلها التضحيات الجسيمة، أن يسمح لأي قوة كيفما كانت، سواء اقليمية أو دولية، بأن تدخلها في متاهات ونفق الانفصال أو في دهاليز صراع النفوذ العالمي.

لأجل ذلك تشدد اللجنة الادارية الوطنية على ضرورة الصمود والمواجهة والتحدي، وعدم التفريط في أي شبر من التراب المغربي. وانطلاقا من هذا البعد الوطني، و تُنبه إلى أهمية تدبير هذه القضية الكبرى، بمنهجية ديمقراطية، تشاركية، وتجنب كل الهفوات التي قد تستغل من طرف أعداء الوحدة الترابية، سواء تعلق الأمر بالسياسة التنموية أو بملف حقوق الإنسان .

على المستوى التنظيمي:

بعد مصادقة اللجنة الادارية الوطنية، على مقترح جدول الأعمال، المقدم من طرف رئاستها، انكبت على مناقشة المقترحات المعروضة عليها بخصوص اللائحة الداخلية لسير اشغالها ومقتضيات النظام الداخلي المتعلقة باللجنة الادارية الوطنية واللجنة الوطنية للتحكيم والأخلاقيات واللجنة الوطنية لمراقبة المالية والإدارة والممتلكات ومشروع ميزانية 2013.

وبعد المصادقة بالإجماع على المقتضيات القانونية المشار إليها أعلاه، مع التعديلات، قررت مواصلة العمل في إطار لجنة التنظيم والحكامة الحزبية ، للعمل على تقديم مقترحات القوانين الداخلية للجهات والأقاليم والفروع، وتدارس الآليات الديمقراطية لتدبير الاقتراحات المقدمة من طرف الاعضاء على مختلف الأصعدة التنظيمية.

كما صادقت على قرار بتشكيل المؤسسة الاتحادية للتضامن و فوضت أمر البث في قانونها، بعد الملاحظات الوجيهة التي تقدم بها أعضاء اللجنة الإدارية، إلى لجنة التنظيم و الحكامة الحزبية، للتداول في حيثياتها.

وإذ تؤكد اللجنة الإدارية على حرية الرأي والحق في الاختلاف، المنصوص عليهما دوما في قوانين الحزب وأدبياته، تدعو إلى ممارسة هذا الحق وفق المقرر التنظيمي للمؤتمر والقانون الاساسي للحزب والنظام الداخلي.

وتسجل اللجنة الإدارية الوطنية تضامنها المطلق مع الكاتب الأول، الاخ ادريس لشكر، تجاه ما تعرض له من تهجم تكفيري، وتدعو كافة وسائل الاعلام الى عدم الترويج لمثل هذه الدعايات الخطيرة، والى احترام أخلاقيات الصحافة والعمل بموضوعية ونزاهة وتقصي للحقائق، لتقديم المعطيات الصحيحة للرأي العام.

وبعد ان ثمنت اللجنة الإدارية المساعي الرامية الى توحيد الحركة الاتحادية، قررت أن يكون يوم 29 أكتوبر من كل سنة، يوم الوفاء، الذي يصادف تاريخ اختطاف الشهيد المهدي بنبركة و الأخ الحسين المانوزي. و دعت كافة الاتحاديات و الاتحاديين، الى المشاركة القوية في تظاهرات فاتح ماي، تعبيرا عن مساندتهم لمطالب الشغيلة و رفضا للسياسة الإجتماعية و الإقتصادية للحكومة.

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

بيان منظمة النساء الاتحاديات

من مقترحات تعديلات المعارضة الاتحادية إعفاء جمعيات المجتمع المدني 

يوسف إيدي لرئيس الحكومة: «أين نحن من الاكتفاء الصناعي؟»

حفل تسليم شهادات نهاية الدورة التدريبية بتعاون مع مؤسسة فريدريك إيبرت التابعة للحزب الاجتماعي الديمقراطي الألماني