محمد بنعبد القادر يؤكد أن إصدار ميثاق للمرافق العمومية   سيكرس الحكامة الجيدة ويرفع من جودة الخدمات العمومية

قال محمد بنعبد القادر، الوزير المكلف بإصلاح الإدارة والوظيفة العمومية إن ” أسئلة الحكامة في المغرب، هي باختصار شديد أسئلة تهم تدبير الشأن العام في البلاد، أي بمعنى كيف يشتغل الجهاز الإداري للدولة، كما هي أيضا تقييم السياسات العمومية في بلادنا “، مضيفا في عرض ألقاه ضمن فعاليات اليوم الدراسي الوطني بتطوان حول موضوع: “الحكامة العمومية في ضوء العلوم الاجتماعية”، الذي نظمته جمعية “أصدقاء السوسيولوجيا” بتطوان ووزارة إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية، ” أنه في ارتباط بهذا التقييم يطرح السؤال، هل لدينا ثقافة لتقييم السياسات العمومية؟ حيث إن الفرق شاسع بين التقييم والنقد وغيرها من المصطلحات الشائعة، هذه التعابير مشروعة وعفوية ومحدودة ولا تنتج موقفا و لا أطروحة بالضرورة .
المسؤول الحكومي اعتبر أن « التقييم للسياسات العمومية أصبح علما قائما بذاته ويدخل في نطاق الحكامة، وأسئلة الحكامة في المغرب هي أسئلة الثقافة الإدارية التي لا تتغير بالمراسيم والقوانين والخطاب اليومي، وعندما نسائل الحكامة في المغرب نسائل هذه الثقافة الإدارية، ولا يمكن أن نسائل الحكامة العمومية دون أن نسائل الوظيفة العمومية في المغرب، حيث إن هناك أسئلة متداخلة تتعلق بجودة الخدمة العمومية بالمرفق العام ومدى نجاعته».
وهاته الأسئلة، يقول المتحدث، هي نفسها التي تطرح في العديد من الأقطار بالنظر للثورة الرقمية التي تطرح تحديات جمة على العالم، ومن هنا تأتي العلوم الاجتماعية التي عليها المساهمة في نحت وتطوير وإرساء هاته الأسئلة بشكل منظم، فالحكامة تقع في مفترق الطرق وعلى عتبة الأبحاث، وهي متعلقة بالقانون الإداري وعلم الاقتصاد السياسي والاجتماعي وبناء القرار السياسي، حيث لا توجد أية تجربة عالمية في إصلاح الإدارة لا تستند إلى المعرفة العلمية، وبالتالي، يضيف الوزير فإن « العمل الحكومي يجب أن ينفتح على فعاليات المجتمع المدني وعلى المؤسسات البحثية والجامعات، لأن ذلك مفيد جدا ومن شأنه أن يؤسس لنظرة موضوعية لمعرفة انتظارات وقلق المجتمع من خلال هاته المؤسسات»، وبالتالي، يؤكد محمد بنعبد القادر « لا يمكن أن نستلهم التطورات الحاصلة في المعرفة الإنسانية، دون اللجوء إلى العلوم الاجتماعية، كما أن هاته الأخيرة، بالمعنى الأكاديمي، ليست وحدها التي تناولت ظاهرة الإدارة والوظيفة أوشخصية الموظف، فهناك أيضا الآداب العالمية، سواء في أمريكا أو العالم العربي، التي تناولت من زوايا مختلفة مجموعة من الظواهر الاجتماعية كالهجرة والحروب والمعاناة و الإدارة «.
وفي نظر المتحدث فإن الأدب التقط ظاهرة الإدارة و ما يحيط بها من معطيات، مستحضرا شخصية معروفة في العالم العربي( عثمان بيومي)، التي تمثل نموذجا للشخصية المصرية منذ الفراعنة إلى الآن، ويتعلق الأمر ببطل رواية نجيب محفوظ «حضرة المحترم «، الموظف المنضبط المتفاني في عمله والذي ينظر إلى الإدارة نظرة احترام
وتقدير، وبالإضافة إلى هذا النموذج هناك تمثلات أدبية أخرى تطرقت لشخصية الموظف لكنها تقع على طرف النقيض، فكثير من الروايات العالمية تنبض بسخرية لاذعة للإدارة، بل هناك من الأدباء من شن هجوما كبيرا عليها وعلى البيروقراطية بسبب الفساد الذي كان مستشريا خصوصا خلال القرن19 .
بعد ذلك انتقل المتحدث إلى الوضعية الإدارية بالمغرب موضحا أن «هناك مفارقات تظهر عندما نتحدث عن الإدارة، إذ أن هناك اتجاها ينتقد ما يعتريها من نقص في الجودة والفعالية، لكن بمجرد الحديث عن الوظيفة العمومية يتغير الحديث وينتقل من النقد إلى المحافظة وتنقلب المواقف من النقد إلى التعاطف والتضامن مع الموظف وبالتالي فالرأي العام يحمل معه مجموعة من المتناقضات»، مؤكدا على ضرورة استحضار العلوم الاجتماعية لفهم هاته الظواهر ضمن هاته السياقات المتعددة .
كما عرج الوزير على بعض المراحل التاريخية التي مرت بها الإدارة المغربية بداية من الحماية، التي فرضت على المغرب سنة 1912، حيث عرف الاستعمار آنذاك كيف يبسط سيطرته الإدارية ويتحكم في كل شيء، مع الحفاظ على تلك البنيات الإدارية التقليدية التي كانت سائدة من قبل، والتي وصفها المتحدث « بالصولة»، أي النفوذ والسيطرة، مقتبسا ذلك من» العز والصولة في معالم نظم الدولة «، وهو مرجع اعتبره هاما جدا في فهم الإدارة التقليدية بالمغرب، مشيرا إلى أن « المغرب وجد نفسه بعد الاستقلال أمام نموذجين، واحد متحرر من القيود و الآخر له جذور تاريخية وتطغى عليه السلطة، وأمام هذين النموذجين أقدم المغرب على بناء نموذج عصري قائم على إدارة حديثة عصرية، لكن امتزجت فيه، مع ذلك، تلك الجينات القديمة»، وهذا هو التحدي الذي كان مطروحا على الدولة والذي أورده المتحدث على شكل سؤال: « كيف ننتقل من سلطة ممركزة إلى إدارة غير ممركزة و إدارة مواطنة شفافة و فعالة؟ « وهي من شروط الحكامة المعاصرة التي تضمن خدمات عصرية للموطنين الذين أصبحوا يلجون المعرفة، يؤكد المتحدث.
موضوع الحكامة، كمفهوم أساسي في العلوم الإدارية والتدبيرية، دفع الوزير المكلف بإصلاح الإدارة والوظيفة العمومية إلى الوقوف عند الدستور المغربي الذي تطرق إلى الحكامة وأصولها من خلال 17 فصلا، وكذا إلى مؤسساتها ( مجلس المنافسة، الوسيط ، المجلس الأعلى للحسابات ،المجلس الاقتصادي والاجتماعي، المجلس الأعلى للتربية والتكوين …)، وفضلا عن ذلك يقول المتحدث إن « الدستور المغربي أقر بأن الخدمة العمومية يجب أن تحتكم إلى قواعد الحكامة الجيدة بما فيها الاحتكام إلى القانون، ومن ثمة الحاجة إلى ترجمة بعض ماورد في الدستور في هذا المجال إلى نصوص وقوانين تنظيمية، مذكرا بما اعتبره أهم النصوص التي تشتغل عليها وزارته، ويتعلق الأمر بإصدار ميثاق للمرافق العمومية والذي يوضح جميع مبادئ الحكامة وواجبات الموظف انطلاقا من ثلاثة مبادئ أساسية وهي الاستمرارية، الجودة والحياد.

 

الكاتب : تطوان: عبد المالك الحطري

 

 

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

انتخاب عمرو عرجون رئيسا جديدا لجماعة البركانيين بإقليم الناظور

تشييع جنازة المناضل والإعلامي الكبير جمال براوي في موكب مهيب

الكاتب الأول يقدم التعازي لجلالة الملك، أصالة عن نفسه ونيابة عن الاتحاديات والاتحاديين

الكاتب الأول يحضر اللقاء التواصلي الأول لنقيب المحامين بالرباط