قال يوسف إيدي، في مناقشة تقرير اللجنة الموضوعاتية
المؤقتة المكلفة بالتحضير للجلسة السنوية لمناقشة وتقييم السياسات العمومية في المجال السياحي، إن الأمر تطلب هامشا كبيرا من النقاش المؤسساتي والعمومي، لكونه يشكل قطب الرحى للعديد من القطاعات الحيوية التي تؤسس للتوجهات الإستراتيجيات الكبرى لبلادنا، لا من حيث ارتباطه بمعدل الدخل الوطني الخام، ولا من حيث مساهمته في تحسين مستوى عيش المواطنين، ولا من حيث تعزيز الإشعاع التاريخي والثقافي للمملكة المغربية الشريفة التي تمتد على أزيد من 12 قرن، والتي تتميز بمؤهلات سياحية وثقافية وتراثية، قد تجعلها القبلة الأولى للسياح الأجانب داخل القارة الإفريقية ومنطقة البحر الأبيض المتوسط كدرجة أولى.
وأوضح رئيس الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية بمجلس المستشارين أن جل مخططات التنمية الاقتصادية، عرفت منذ حكومة عبد الله إبراهيم، حضورا لافتا لقطاع السياحة ومحاولات الرفع من مساهمته في الاقتصاد الوطني، وجعله رافداً أساسياً من روافد اقتصاد مندمج وعاملاً أساسياً من عوامل الإقلاع الاقتصادي. لكن الحدث المؤسس للسياسة السياحية بالمغرب كان تنظيم المناظرة الوطنية الأولى للسياحة بمراكش بتاريخ 10 يناير 2001 أمام جلالة الملك وبأمر منه حفظه الله، وكان لها الدور الحاسم في تدشين مرحلة جديدة في التعاطي مع قطاع السياحة، وانطلاقة حقيقية لمسار سياسة سياحية بشكل مغاير. سيتم، خلال فعاليات المناظرة، التوقيع على الاتفاق الإطار «رؤية 2010» بين الحكومة والاتحاد العام لمقاولات المغرب، والذي يعتبر بحق الحدث المؤسس للسياسة السياحية ببلادنا.
ورغم الأزمة المالية التي عصفت باقتصاديات الدول المتقدمة، والكساد الذي شهدته البلدان المصدرة للسياح، وإعلانها خططَ تقشفٍ، مما أثر سلباً على معنويات الأسر ودفعها لتقليص نفقاتها وتخفيض ميزانيات السفر. ومع ذلك تم وضع قطار التنمية السياحية على السكة الصحيح. إلى جانب العوامل الداخلية أهمها ضعف تنوع العرض السياحي الذي بقي مركزا في أربع مدن رئيسية (مراكش، أكادير، الدار البيضاء، وطنجة)
وأضاف إيدي، ومن أجل التغلب على هذه الصعوبات، ومعالجة أوجه القصور التي أبانت عنها التجربة، قامت الدولة بإطلاق استراتيجية سياحية جديدة للسياحة «رؤية 2020». غير أن هذه الاستراتيجية لم تصل إلى الأهداف المرسومة، بحيث إن الاتجاه التنازلي الذي ميز النشاط السياحي الوطني خلال الفترة ما بين 2011 و2019، نتج عنه فجوات بين الإنجازات المحققة والأهداف المحددة في «رؤية 2020»، لكنها لم تتمكن من مراجعة الأولويات واتخاذ الإجراءات اللازمة، فضلا عن الأعطاب الواضحة على مستوى الحكامة وتعبئة الميزانيات اللازمة لذلك.
وكشف إيدي أن الغريب في الأمر أن الوزارات المتعاقبة قامت بعمليات تقييمية للرؤية دون أن نعرف عن هذه الدراسات شيئا سوى ما كتبته الصحافة آنذاك عن شبهات فساد حامت حولها. وكان من الأجدى اتباع منهجية مدروسة وشاملة تأخذ في الاعتبار التحديات والفرص المستقبلية. وتعتمد هذه المنهجية أساساً على ما يلي:
– وضع أهداف واضحة وقابلة للقياس، تُساعد في تقييم التقدم المحرز وتحديد ما إذا كانت الاستراتيجية تحقق النتائج المرجوة؛
– إشراك جميع الأطراف المعنية لضمان الدعم والمشاركة الفعالة؛
– التأكد من توفير الموارد المالية والبشرية اللازمة لتنفيذ الاستراتيجية بنجاح، أي تقدير التكاليف المطلوبة وتحديد مصادر التمويل الممكنة، وتحديد الاحتياجات من الكفاءات البشرية وتطوير خطط لتكوينها وتأهيلها؛
– القدرة على التكيف مع التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتحديث المستمر للاستراتيجية؛
– وضع نظام لمراقبة وتقييم الأداء بشكل دوري وتعديل الاستراتيجية بناءً على النتائج؛
– التركيز على الاستدامة البيئية والاجتماعية والاقتصادية كجزء أساسي من الاستراتيجية؛
– وضع خطة تواصل فعّالة لنشر الوعي حول الاستراتيجية وأهدافها، وضمان الشفافية في جميع مراحل التنفيذ؛
– دراسة النجاحات والإخفاقات السابقة في تنفيذ استراتيجيات مماثلة والاستفادة منها في تحسين التنفيذ؛
– وضع خطط عمل تفصيلية تشمل الإجراءات والأنشطة المطلوبة لتحقيق الأهداف في كل مرحلة، ووضع جداول زمنية واضحة لكل مرحلة من مراحل التنفيذ.
لكن ذلك لم يقع للأسف فتعمقت الهوة ما بين الأهداف المحددة والنتائج …
وأخيرا، وفي سياق التوصيات والمقترحات التي جاء بها التقرير، فإننا نتفق مع مضامينها، ونعتبرها مقترحات فعالة ومعقولة، وتفعليها سيكون محركا جديدا لتطوير القطاع السياحي في بلادنا. وبالتالي فالكرة اليوم في ملعب الحكومة للتحرك من أجل استنباط وتنزيل هذه التوصيات من أجل تدارك النقائص وتعزيز المكتسبات وضمان مستقبل القطاع السياحي.
1 أغسطس 2024
تعليقات الزوار ( 0 )