تروج هذه الأيام تعليقات وكتابات وصور وفيديوهات، لرواد شبكات التواصل الاجتماعي الرقمي، حول ظواهر الهجرة السرية عبر القوارب لشباب مغاربة، ولا يمكن لأي مهتم بالشأن العام، إلا أن ينتبه لخطورة التصور الذي تثيره هذه الكتابات والصورحول هذه القضية، كيفما كانت درجة واقعية ودقة الأخبار التي تنتشر حولها، لأن آثارها في العقل الجمعي الافتراضي، أهم من وجودها الواقعي.
وهنا يمكن التذكير بالصور والتعليقات التي كانت تروج حول «ظاهرة التشرميل»، حيث تأكد أن التصور الرقمي، كان أقوى من الواقع، لكن ما يهمنا هنا هو التنبيه إلى خطورة هذه التصورات التي تذكي مشاعر الإحباط واليأس، خاصة لدى الشباب، الذي من المفترض أن يكون متشبعا بطموحات الأمل والنجاح في بلده، غير أَن الذي يحصل هو تطور الشعور بعدم الثقة في المؤسسات وقدرتها على تجاوز الصعوبات وتوفير مستقبل أفضل.
ويمكن القول، إن ما حصل في المغرب، هو أن مجمل المؤسسات، الرسمية وغير الرسمية، تفاجأت بهذه الفورة لدى الشباب، والتي تتجلى في عدة مظاهر، وكأن الأمر لم يكن منتظراً، في الوقت الذي كانت فيه كل المؤشرات الإحصائية، تفيد بأَن نسبة الشباب في الخريطة الديمغرافية تتزايد، وأن طلبهم للشغل سيتزايد أيضاً، كما أن الهدر المدرسي والبطالة والخصاص والتهميش، سينتج ظواهر سلبية وانحرافات وغيرها من الآثار الحتمية.
لذلك، فالواقعية تستلزم معالجة هذا الوضع على مستويين اثنين: الأول، يتعلق بالعمل على إيجاد الحلول المستعجلة لتشغيل الشباب، وهي مسألة ممكنة، رغم كل الصعوبات الاقتصادية، والثاني، هو زرع الثقة في مستقبل البلاد، وهذه مهمة لن تكون سهلة، لأنها ليست مجرد ترويج لخطابات وردية، بل بإصلاحات حقيقية في أنظمة الحكامة والشفافية وتكافؤ الفرص وربط المسؤولية بالمحاسبة، وغيرها من مبادئ الديمقراطية، التي تحترم حقوق المواطن في الإطلاع ومعرفة كيفية تدبير الشأن العام، حتى يمكنه المساهمة بإيجابية في تغييره.
الكاتب : يونس مجاهد
تعليقات الزوار ( 0 )