لازالت الإدارة المغربية، تعاني من العديد من الاختلالات، المرتبطة أساسا بصفات تقليدية تتمثل في بطء التدخل وتعقد المساطر وانعدام الشفافية في مجمل المعاملات الإدارية، وهذا ما يترتب عنه نقص في مردوديتها، وسوء في نجاعتها.

و لأن الإدارة أصبحت تشكل في الوقت الراهن، مظهرا مهما من مظاهر تحديث الخدمات القطاعية (الإدارية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية) وعقلنة تدبير الشأن العام، استجابة للحاجيات المتزايدة للمواطنين. و بعدما أصبح مقتضى تطوير الإدارة العمومية مقترنا بالحكامة الإدارية وما تستلزمه من آليات وظيفية وتقنية للرفع من مستوى أدائها ومردوديتها، وضمان شفافية تسييرها ونجاعة تدخلاتها، وأمام المعطيات التي تعكس بشكل واقعي حالتها. فهي تستوعب اليوم إلى حدود 860 ألف موظف، موزعين إلى 521 ألفا و553 موظفا تابعين للقطاعات الوزارية، و190 ألفا و442 موظفا تابعين للمؤسسات العمومية، وما يفوق 150 ألف موظف تابعين للجماعات المحلية، مع هيمنة التربية الوطنية (54,09 % من العدد الإجمالي للموظفين) والداخلية (15,64 %)، و الخطير هنا، هو أنه 53 % من الموظفين تتجاوز أعمارهم 45 سنة، في حين لا تتعدى الفئة المتراوح أعمارها بين 25 و35 سنة، 21.5 %، ما يعني أنها إدارة تتجه وبخطى ثابتة نحو الشيخوخة، فالمطروح على المغرب اليوم، ومن أجل تأهيل الإدارة، وجعلها آلية للرفع من قدرات التنمية الاقتصادية والبشرية من خلال الارتكاز على مبادئ القرب والتواصل والحكامة. و بناء على المكتسبات المحققة في عهد حكومة التناوب ، هو العمل على إقرار تصور شامل وعصري يروم الإصلاح الحقيقي للإدارة المغربية من خلال تحديث بنياتها وتطوير وسائل اشتغالها وتمكينها من الموارد البشرية والمالية والتقنية اللازمة، ثم وضع مجموعة من التدابير الضرورية الرامية إلى المراجعة الشاملة للمنظومة الإدارية وتخليق المرفق العمومي وتعميم الخدمات العمومية.

هذه المنطلقات، شكلت مدخلا لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وهو يناقش واقع الإدارة المغربية، ليقترح تدابيرا لتأهيلها، ضمها في برنامجه الانتخابي بخصوص الانتخابات التشريعية الأخيرة، كان أهمها استهداف إعادة النظر في الإطار القانوني للمجلس الأعلى للوظيفة العمومية من أجل تنظيمه بشكل جيد عن طريق تغيير طريقة تشكيله وصلاحياته، وتحديد آليات تواصله مع الموظفين، ثم الدفع من أجل تحيين النصوص القانونية والتنظيمية المتعلقة بالمنظومة الإدارية وتوسيع مجالات تبسيط الإجراءات والمساطر الإدارية، مع الاستثمار الأقصى للتقنيات الحديثة للمعلومات والتواصل ودعم الإدارة الإلكترونية، بالإضافة إلى اعتماد منهجية موضوعية في مراجعة النظام الحالي للأجور بغية التقليص من حدة الفوارق بين الأجور الدنيا والأجور العليا، وتحفيز الموظفين على الرفع من أدائهم الإداري، بما يعيد الاعتبار للراتب الأساسي والمسار المهني للموظفين وبما يضمن العدالة الإدارية وفي نفس الوقت تحفيز الموارد البشرية، و اتخاذ إجراءات تهدف إلى عقلنة التدبير داخل الإدارة العمومية من خلال التخفيف من

حدة البيروقراطية، وإعادة تنظيم الهياكل الإدارية، وإقرار سياسة لامركزية قوية عبر منح اختصاصات فعلية للمصالح الخارجية ومدها بالموارد البشرية والمالية اللازمة.

هكذا، ومن خلال هذه التدابير وغيرها ، رأى الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أنها السبيل الوحيد لمجابهة الإكراهات التي تواجه الإدارة المغربية.

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

انتخاب عمرو عرجون رئيسا جديدا لجماعة البركانيين بإقليم الناظور

تشييع جنازة المناضل والإعلامي الكبير جمال براوي في موكب مهيب

الكاتب الأول يقدم التعازي لجلالة الملك، أصالة عن نفسه ونيابة عن الاتحاديات والاتحاديين

الكاتب الأول يحضر اللقاء التواصلي الأول لنقيب المحامين بالرباط