تمكن الكاتب العام للحزب الإشتراكي العمالي الإسباني، بيدرو شانتشيز، من تولي رئاسة الحكومة في بلاده، بعد نجاح حزبه في إسقاط حكومة ماريانو راخوي، زعيم الحزب الشعبي اليميني، عبر ملتمس رقابة، حصل على الأغلبية الكافية، لإرغام الحكومة على الاستقالة، مما شكل أول تجربة سياسية، في اسبانيا تسقط فيها الحكومة، بملتمس رقابة.
غير أنه بالإضافة إلى أهمية هذا التغيير السياسي في إسبانيا، فإن الأسباب التي أسقطت الحكومة اليمينية، تستحق التأمل، وتتعلق بفضيحة فساد كبرى، تورط فيها أمين مال سابق في الحزب الشعبي، لويس بارصيناص،الذي كان يتلقى أموالاً من المتهم الرئيسي، في ماسمي بفضيحة «گورتيل»، فرانسيسكو كوريا، والتي كان يحصل عليها من عمليات مشبوهة لمشاريع مع شركات، يتوسط فيها منتخبون من الحزب الشعبي.
وقد أدانت العدالة الإسبانية، 29 متهماً في هذه القضية، بمجموع 51 سنة سجناً، بالإضافة إلى غرامات باهظة، من بينهم العديد من أعضاء الحزب الشعبي اليميني، الأمر الذي أدى إلى طرح ملتمس رقابة، تجمع حوله عدد من الأحزاب، ليؤدي في نهاية المطاف إلى عزل رئيس الحكومة، ماريانو راخوي، ووصول بيدرو سانتشيز إلى رئاسة الحكومة، خلفًا له، رغم أنه جاء في المرتبة الثانية في الانتخابات التشريعية.
وهذه هي المرة الثانية، التي يسقط فيها الحزب الشعبي، جراء محاسبته على سلوكه، مثلما حصل في انتخابات سنة 2004، حيث تمكن الاشتراكيون من الحصول على المرتبة الأولى، بعد حملة مظاهرات وإدانة شعبية، للتصريحات الكاذبة، لوزراء الحزب الشعبي، الذين وجهوا اتهامات لمنظمة «إيتا» الإسبانية، كمسؤولة عن العمل الإرهابي الذي عرفته محطة القطار «أطوتشا»، رغم توفرهم على معلومات تفيد بأن المسؤول هم عناصر من منظمة «القاعدة».
وتؤكد هذه التجربة الإسبانية، الأهمية القصوى التي تعطيها الشعوب والنخب في البلدان الديمقراطية، للمصداقية وللنزاهة، في تدبير الشأن العام، وهو الدرس الذي قدمته العدالة الإسبانية، في إسقاط حكومة ماريانو راخوي.
الكاتب : يونس مجاهد
تعليقات الزوار ( 0 )