حرص الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية على أداء عمله التشريعي والرقابي لتعزيز مبادئ وقواعد المنظومة الصحية كمجال من مجالات التشريع التي حددها الفصل 71 من الدستور.
وساهم الفريق من موقعه في المعارضة على تطوير الأداء التشريعي المتعلق بالمنظومة الصحية الوطنية من خلال تقديم مقترحات قوانين تتعلق بالميثاق الوطني للصحة، وبالوظيفة الصحية، وبمجال الأدوية والصيدلة.
وهكذا تم تقديم أربعة مقترحات قوانيين، وهي مقترح قانون يتعلق بقواعد ومبادئ تنظيم النقل الطبي، ومقترح قانون يتعلق بتغيير القانون رقم 12.08 المتعلق بالهيئة الوطنية للطبيبات والأطباء الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 16-13-1 بتاريخ فاتح جمادى الأولى 1434 (13 مارس 2013)، ومقترح قانون يقضي بتتميم نص المادة 111 كما ورد في القانون رقم 17.04 بمثابة مدونة الأدوية والصيدلة، ومقترح قانون يقضي بتغيير وتتميم القانون رقم 131.13 المتعلق بمزاولة مهنة الطب.
وسجلت حصيلة عمل الفريق الاشتراكي في مجلس النواب المعارضة الاتحادية بشكل مشرف، حيث تم طرح 228 سؤالا شفويا، و527 سؤالا كتابيا، و16 طلبا لعقد اجتماعات اللجان النيابية، و07 مواضيع طارئة.
وفي مداخلة للفريق الاشتراكي بمجلس النواب تعقيبا على جواب رئيس الحكومة حول موضوع استراتيجية تأهيل النظام الصحي الوطني، أكد على أن النهوض بوضعية الصحة في بلادنا لن يتم دون الارتقاء بالموارد البشرية وتعزيز مؤهلاتها المهنية، ودون القدرة على تدارك العجز الحاصل على هذا المستوى لاحترام المعايير الأساسية لمنظمة الصحة العالمية، حيث نحتاج إلى 32 ألف طبيب إضافي للعدد الموجود حاليا: 23 ألف طبيب.
ونحتاج اليوم إلى تعبئة الموارد البشرية الصحية اللازمة وتوزيعها على الصعيد الجهوي بشكل متوازن إذ لا يعقل أن يتمركز أكثر من38 % من الأطباء الأخصائيين في جهتي الرباط سلا القنيطرة والدار البيضاء الكبرى.
وأن مؤشر كثافة أطباء القطاع العام والخاص هو 7,1 طبيب لكل 10.000 نسمة بدل المعيار الدولي المحدد في 23 طبيب لكل 10.000 نسمة، ومؤشر كثافة الأطر التمريضية هو 16,5 لكل 10.000 نسمة بدل الحد الأدنى المطلوب المحدد في 44,5لكل 10.000 نسمة.
وأن الحكومة مطالبة بضرورة إقرار باعتماد مخطط استعجالي يستند إلى توظيف كل الخريجين من الكليات والمعاهد والاحتفاظ بمناصب المحالين على التقاعد، مع تعزيز الأعداد بتشجيع عودة المهنيين المغاربة من الخارج، وخاصة الأطباء الذين يبلغ عددهم حوالي 14 ألف طبيب مغربي بالخارج.
الحكومة مطالبة أيضا باعتماد التحفيزات الضرورية لإعادة انتشار موظفي الصحة في المناطق التي تشكو من ضعف الخدمات، خاصة في العالم القروي، وبإعادة النظر في التكوين والتأطير في الصحة والطب من خلال إصلاح أنظمة تكوين المهنيين الصحيين، وإقرار وتنظيم التكوين في تدبير وتسيير المؤسسات الصحية، مع إعادة النظر في دور مختلف المتدخلين، وخاصة المدرسة الوطنية للصحة العامة.
علاوة على تعزيز الموارد البشرية، يجب العمل على ضمان الانتقائية وتناسقية السياسات والبرامج، انسجاما مع توصيات التقرير العام للنموذج التنموي. فمن الضروري استثمار التقاطعات الموجودة بين مختلف المخططات الموجهة لمحاربة الأمراض والأوبئة، وحماية الطفولة والشباب، ورعاية النساء.
وإدماج المسنين في سياسة الصحية من خلال بلورة مخطط استباقي يأخذ بعين الاعتبار الإسقاطات الديمغرافية التي أنجزتها المندوبية السامية للتخطيط، والتي تبرز أن عدد الأشخاص المسنين سيتجاوز 6 ملايين نسمة في أفق سنة 2030 ، أي بزيادة نسبتها % 42 مقارنة مع العدد الحالي.
وإرساء إطار متكامل لتعزيز البحث العلمي يكون المجال الصحي جزءا لا يتجزأ منه، مع دعم الاستثمار التكنولوجي والابتكار، وخلق المناخ الملائم في المؤسسات الجامعية والمختبرات بشراكة حقيقية مع الباحثين، وبعيدا عن أي احتقان لا طائل منه.
والتدخل العاجل لمعالجة الإشكالات الحقيقية لسوق الأدوية في البلاد على مستوى الاحتكار وهيمنة بعض الأصناف الدوائية، وارتفاع الأثمنة، وضعف استهلاك الأدوية الجنيسة. ووضع سياسة صناعية دوائية طموحة تكون قادرة على مواكبة المبادرات الملكية في مجال صناعة الأدوية واللقاحات.
ولا نفهم، ولا يفهم الرأي العام الوطني، سبب تأخر حكومة في إحداث المنظومة الوطنية المتكاملة للمخزون الاستراتيجي للمواد الأساسية التي تعتبر المواد الصحية جزءا منها، وهي المنظومة التي دعا إليها جلالة الملك منذ أكتوبر 2021.
وإذا كانت المسؤولية تفرض علينا الإقرار بأن المنظومة الصحية بالمغرب، لازالت تعرف مجموعة من النواقص ومن الاختلالات، التي من شأنها إن لم تعطل مسار إدراك هذا الشعار، فهي ستؤخر وتأجل زمن الوصول إليه، حيث نتذكر جميعا كيف عرّت أزمة جائحة كورونا والتداعيات الناتجة عن زلزال الحوز عن واقع وعمق هذه الاختلالات، وعن حجم ضعف الوظائف الصحية ببلادنا، فهي تفرض علينا كذلك أن نقر أنه لولا القرارات الملكية الحكيمة والحس الاستباقي الذي طبعها والرد السريع والصارم الذي عبرت عنه السلطات العمومية ومختلف فصائل القوات المسلحة الملكية، وصمود الشغيلة الصحية بجميع فئاتها حين هذه الأزمات، لكانت التداعيات أكبر مما عشناه.
إن إدراك شعار “الصحة للجميع” لا يمكن أن يتحقق على أرض الواقع، إلا بسن سياسات ناجعة، تتضمن العديد من القرارات العملية والإجراءات الفعلية، التي تهدف إلى تطوير وتجويد العرض الصحي بالمغرب، وهو الهدف الذي حكم مضامين مجموعة من الخطب الملكية، التي تضمنت توجيهات مباشرة، بضرورة إطلاق إصلاح وتأهيل عميقين للقطاع الصحي، كان آخرها إعلان جلالته عن ورش الحماية الاجتماعية.
وثمن الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية التوجيهات الملكية السامية الرامية إلى تعميم ورش الحماية الاجتماعية والقاضية بضرورة الإصلاح الشامل للمنظومة الصحية الوطنية، وأكد على أن التفاعل الإيجابي مع توجيهات جلالته كان يعني العمل على ضرورة إقرار منظومة حماية اجتماعية فعلية، مضمونها القطع مع منطق المساعدة الاجتماعية، مـن خـلال تكريس مبدأ حق الجميـع فـي الصحـة، باعتباره أحد أهم مقومات الدولة الاجتماعية التي باتت تشكل هدفا وطموحا جماعيا للمغاربة.
وأكد الفريق بكل مسؤولية “أننا لم نجد انعكاسا فعليا لشعار الدولة الاجتماعية الذي رفعتموه على أوضاع هذا القطاع الحيوي الذي يعتبر عصب هذه الدولة، لم نجد كذلك أي أثر لوعودكم الحالمة التي تضمنها برنامج حزبكم الانتخابي، باعتباره قاعدة التعاقد الذي جمعكم مع المغاربة، في جميع القرارات والإجراءات التي اتخذتموها في المجال، كما أننا لم نلمس فيكم الجدية المطلوبة في تفعيل التوجيهات الملكية باعتبارها نبراس إصلاح المنظومة الصحية ببلادنا، خاصة ما تعلق منها بورش تعميم التغطية الصحية، والذي وضع له جلالته مخططا عمليا شاملا، كما حدد له البرنامج الزمني والإطار القانوني وخيارات التمويل الكفيلة بتحقيقه”.
وسجل الفريق الاتحادي “التأخر الملحوظ في تعميم الاستفادة من التأمين الصحي الأساسي الذي يغطي تكاليف العلاج والأدوية والاستشفاء سواء في القطاع العام أو الخاص. حيث من الفروض أن تكون الحكومة قد انتهت من تنزيل توسيع التغطية الصحية الاجبارية في نهاية 2022، على النحو التالي:
– إدماج 000 800 تاجر وصانع خاضعين للمساهمة المهنية الموحدة عند نهاية مارس من سنة 2021؛
– إدماج 1.6 مليون فلاح و000 500 صانع تقليدي عند نهاية شتنبر من سنة 2021؛
– إدماج 000 220 حرفي في قطاع النقل و000 80 من أصحاب المهن الحرة والمقننة عند نهاية سنة 2021؛
– إدماج 11 مليون مستفيد للفئات المعوزة المستفيدة من نظام راميد في متم 2022.
وبالنظر إلى مستويات الإنجاز المحققة إلى غاية نهاية 2023، اسمحوا لنا أن نعرب لكم أنه ينتابنا شعور بالقلق بخصوص قدرتكم على احترام الأجندة الزمنية التي التُزِم بها أمام جلالة الملك، وبالتالي بخصوص انخراطكم بالجدية والفعالية اللازمين، لإعمال التوجيهات الملكية بخصوص التغطية الصحية الشاملة”.
إن هذا المشروع المجتمعي الذي انخرطت فيه بلادنا، يتطلب في جميع مراحل تنزيله، مستويات غير مسبوقة من التعبئة المالية بطبيعة الحال مع ضمان استدامتها، من أجل بلوغ مختلف الأهداف موضوع الاتفاقيات الموقعة أمام أنظار جلالة الملك، الأمر الذي يتطلب مجهودا وطنيا في هندسة المالية العمومية. حيث تقدر الكلفة السنوية لتعميم التغطية بالتأمين الاجباري عن المرض ب 14 مليار درهم، وتعميم التعويضات العائلية ب 20 مليار درهم، وتوسيع قاعدة المنخرطين في نظام التقاعد ب16 مليار درهم، وتعميم الولوج للتعويض عن فقدان الشغل ب 1مليار درهم. أي ما يمثل تكلفة إجمالية مقدرة ب 51 مليار درهم سنويا، منها 28 مليار درهم متأتية من اشتراكات المستفيدين، و23 مليار درهم تتحملها الدولة بشكل تضامني، لتغطية اشتراكات الأشخاص الذين لا تتوفر لديهم القدرة على المساهمة في التمويل.
وهو ما لا يمكن الوفاء به أمام معطى غياب الموارد المتأتية من إصلاح المقاصة، ومحدودية العائدات الضريبية المخصصة لتمويل الحماية الاجتماعية، بمعنى أن المخصصات المالية من الميزانية العامة غير كافية لتغطية 23 مليار درهم سنويا كمساهمة للدولة، لاسيما أن حكومتكم تفتقد لتصور واضح، حول مصادر واستقرار التمويل بخصوص حصة الدولة (23 مليار درهم سنويا) في تمويل هذا المشروع، وهو ما يتضح جليا في لجوئكم المضطرد عند كل قانون للمالية، إلى إضافة مقتضيات في الجانب الدائن، تعززون بها موارد “صندوق دعم الحماية الاجتماعية والتماسك الاجتماعي، حيث تمت إضافة 50 % من حصيلة المساهمة الإبرائية لسنة 2020، وتمت إضافة حصيلة المساهمات الاجتماعية للتضامن على الارباح والدخول، كما تم تضمين مشروع قانون المالية لسنة 2024، “حصيلة المساهمة الإبرائية المتعلقة بالتسوية التلقائية برسم الممتلكات والموجودات المنشاة بالخارج المحدثة بموجب المادة 8 من مشروع قانون المالية 55.23″……..إلخ. وهي كلها موارد استثنائية ومحدودة في الزمن، وبالتالي فهي لا يمكن أن تمثل بديلا عن تمويل قار محدد في بند من الميزانية العامة للدولة، وهو ما كان من المفروض عليكم أن تضمنوا توافره.
وسجل الفريق الاشتراكي أن هناك ثلاث مداخل أساسية لربح رهان إصلاح المنظومة الصحية ببلادنا، وهي تطوير البنيات التحتية بالقطاع، تأهيل الموارد البشرية المشتغلة فيه، ثم تحقيق مبدأ العدالة المجالية فيما يخص تقديم الخدمات الصحية.
وهو ما كان يفرض، أن يتضمن جوابكم معطيات ملموسة حول ما قدمته حكومتكم من مجهود مرتبط بهذه المداخل، كالإعلان عن مستوى تقدم عملية تحسين وتوسيع البنيات التحتية الصحية، وعن المستوى الذي بلغه تعميمها على جميع أقاليم وجهات المغرب، باعتبارها شرطا أساسيا لضمان حق الجميع في الولوج إلى الخدمات الصحية ولإنجاح ورش تعميم التغطية الصحية الإجبارية، حيث أن أهم المآزق التي تعترض المغرب في مسار تفعيله لشعار الصحة للجميع، هو التباين الكبير في العرض الصحي ببلادنا، خاصة بين المجالين الحضري والقروي، ذلك أن المستوصفات المتواجدة بالعالم القروي لازال جلها في وضعية مزرية.
فالواقع يبين أن الموارد البشرية في قطاع الصحة لازالت تعاني من تأثير العديد من النقائص التي تعتبر نتيجة طبيعية لغياب سياسة حكومية فعلية موجهة لها، ولمحدودية التدابير والإجراءات التي اتخذتموها في المجال. وهو ما كان يتطلب أولا التفكير في آلية لمعالجة الخصاص الحاصل على هذا المستوى، من خلال اعتماد مخطط استعجالي يستند إلى توظيف كل الخريجين من الكليات والمعاهد حسب الخصاص من مختلف الأطر التقنية والتدبيرية، وإلى وضع آليات مناسبة للحد من ظاهرة هجرة الأطباء التي أصبحت أكثر حدة في السنوات الأخيرة، ولم لا الاحتفاظ حتى بمناصب المحالين على التقاعد، وبطبيعة الحال مع الحرص على التوزيع الجغرافي العادل لهذه الموارد، وعلى اعتماد حوافز مالية وغير مالية من أجل إعادة انتشار موظفي الصحة في المناطق التي تشكو من ضعف الخدمات، حتى يتم ضمان تغطية كاملة للسكان بالعاملين الصحيين.
وأكد أن تحقيق العدالة المجالية والمساواة والولوج المتكافئ للخدمات الصحية، كان يتطلب العمل على ربط جميع الإصلاحات التي يعرفها قطاع الصحة بالجهود التي تبذلها الدولة في مجال تقليص التفاوتات المجالية، وهو ما يقتضي العمل على معالجة إشكاليات التحديد المجالي للخريطة الصحية ببلادنا وملاءمتها مع خصوصيات مختلف جهات المملكة لمواجهة التحديات التي تواجهها المنظومة الصحية التي لازالت تتسم بوجود مجموعة من التفاوتات المجالية والجهوية فيما يتعلق بالبنيات التحتية الصحية، والتوزيع غير العادل للأطر الطبية وشبه الطبية على مستوى مختلف الأقاليم والجهات، وفي هذا الإطار فإن العديد من التقارير تسجل وجود تفاوت حاد في توزيع الموارد البشرية الطبية بين المجالين الحضري والقروي، حيث تتجاوز نسبة تغطية أطباء وزارة الصحة في المجال القروي نظيرتها بالعالم القروي بثلاث مرات، إذ أن 88,5 % من الأطباء يغطون 63,4 % من السكان بالمجال الحضري، بينما 36,6 % من السكان بالمجال القروي يحظون فقط بتغطية 11,5 % من أطباء الوزارة، وهو الواقع الذي يفيد، حسب ذات التقارير، أن عددا كبيرا من المغاربة يتخلون عن خدمات الرعاية الصحية.
تعليقات الزوار ( 0 )