يونس مجاهد

من الواضح أن المغرب، مثله مثل العديد من البلدان المماثلة، ينتمي لمنطقة من العالم، تنتج حالياً فكراً متطرفاً، يستمد مرجعيته من التشدد الديني، ويترجم ذلك في جمعيات وجماعات ودعاة.
وبموازاة ذلك، تتناسل الخلايا الإرهابية، التي يتم تفكيكها باستمرار، بفعل النجاعة والكفاءة التي تتوفر عليها الأجهزة الأمنية، غير أن العملية الوحشية التي ارتكبت في إمليل، بإقليم الحوز، تكشف ما كان ينبغي أن يثار منذ سنوات طويلة، بخصوص الخطر الذي مازال متواصلاً ومستمراً، رغم كل محاولات تجاهله، من طرف أغلبية المؤسسات، الرسمية وغير الرسمية.
ومن المؤسسات التي تتجاهل هذا الواقع، وسائل الإعلام العمومية، التي لم تتعرض لهذه الإشكاليات المطروحة في مجتمعنا، بأي شكل من الأشكال، رغم أن المسؤولية الاجتماعية، وكذا التزاماتها كمرفق عام، تفرض عليها أن تخصص لهذه المسألة برامج سياسية وثقافية وغيرها من الأدوات التي يمكن استعمالها، في إطار محاربة التطرّف والإرهاب، غير أن أي شيء من هذا لم يتحقق، كما لو أن هذه المرافق العمومية في الإعلام، تعيش خارج السياق.
ومن حقنا أن نتساءل، لماذا هذا الموقف، هل يتعلق الأمر بتجاهل للآفة، أم بعدم تقدير صحيح للخطر، أم بسلوك معتاد من طرف وسائل الإعلام العمومية، التي تتعامل مع الوضع في المغرب، كما لو كان وردياً باستمرار، في الحاضر والمستقبل، مهما كانت درجة التحدي الذي يواجهه المغرب، على مستوى انتشار الإيديولوجية الدينية المتطرفة.
ويمكن القول، إن وسائل الإعلام العمومية، بصفة عامة، تتعامل مع مختلف هذه القضايا، بمنطق وكالات الدعاية والإشهار أومكاتب ترويج السياحة، لتسويق صورة جميلة عن المغرب، رغم أن هذا ليس دور وسائل الإعلام، كانت عمومية أو خاصة، لذلك تتخلى عن مسؤوليتها المهنية، لإنتاج برامج ومواد تتجاوب مع حاجة الدولة والمجتمع، في مواجهة التطرّف والإرهاب.
وفي جميع الأحوال، إن محاربة التطرّف والإرهاب، لا يمكن أن تكون مجرد عملية أمنية، بل عملا سياسيا وثقافيا وإعلاميا، أولا وقبل كل شيء.

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

أزمة في جوهر النظام الترابي

الاتحاد لا يحتاج إلى شهادة حياة، لأنه هو من يسلمها!

ما بعد وقف إطلاق النار وجواب الاتحاد …

الاتحاد الاشتراكي… حزب لا يُرهب ولا يُرْهب