رسالة الاتحاد
60 سنة من الغياب
60 سنة من الحضور
60 سنة من الوفاء!
مرت ستون عاما على اختطاف القائد الوطني والزعيم الاتحادي الكبير الشهيد المهدي بنبركة، في مثل هذا اليوم، من قلب العاصمة الفرنسية باريز.
العملية الآثمة التي حرمت كل التقدميين في العالم والديموقراطيين والوطنيين في القارات الخمس وأجيالا من المغاربة، من الإشعاع الكوني للشهيد بنبركة القائد المؤسس للحركة الاتحادية، والعقلاني الوفي لمبادئ التحرر السياسي والاقتصادي والثقافي، وأحد أبرز قادة العالم المناصر للحركات التحررية في القارة السمراء، وكل القضايا العادلة في العالم.
والاتحاد الاشتراكي إذ يخلد الذكرى السنوية لرحيل الزعيم المهدي ببركة، يستحضر كل القيم التي من أجلها نذر حياته، خدمة للتقدم والتطور والاستقلال الوطن، في أي موقع اختارته الظروف له، سواء في بناء الدولة الوطنية الديموقراطية القوية في بداية الاستقلال أو في البناء السياسي الوطني التحرري من بعد ذلك.
كما يستحضر التأثير القوي لفكر الشهيد في بناء الهوية النضالية لحزب القوات الشعبية، وللدولة المغربية الفتية. وما تحقق في الطريق الشاق الذي اختارته بلادنا في بناء الوطنية القوية والوحدة والديموقراطية والعدالة الاجتماعية وحرية المرأة .
وتأتي هذه الذكرى في وقت لا تزال فيه العديد من التساؤلات مطروحة دون إجابات كما عبر عن ذلك جلالة الملك في رسالته بمناسبة الذكرى ال50.
وتعود ذكراه، ويعود معها حضوره المضيء، فكرا وممارسة، سياسة وتنظيما، رجل الحقيقة في الأخلاق والنسبية الواقعية السياسية في تدبير الواقع، صديق قادة العالم وشعوبهم..ويترسخ قائدا لا نظير له، لم ينل منه مرور العقود والأزمنة وتغير المعادلات، لأنه كان ينطلق من ثوابت الإنسان في كل زمان ومكان، أي الحرية والكرامة والعدالة والتضحية ونكران الذات، وفي قلب الوطنية التقدمية التي لا تبلى ولا تتزعزع القناعة بها.
1ـ في اسمه تتكثف أسماء الشهادة والشهداء: فالمهدي بنبركة الذي بصم المغرب المستقل ببصمته، ظل شامخا بالرغم من كل محاولات النيل منه من طرف من ساهموا في اغتياله أو اغتيال ذاكرته وفكرته وممن ورثوا عنهم الأحقاد..
توزع دمه بين المخابرات والأنظمة.. لكنه ظل مضيئا بما حباه الله من وطنية وعقل راجح ونكران ذات. وظل حاضرا عند كل رفاقه وأبناء كل جيل وفي كل ضفاف النضال الوطني الديموقراطي ضد الاستبداد والإقصاء والتخلف. وبالنسبة للاتحاد، في اسم المهدي عريس الشهداء تكثفت أسماء كل الشهداء الذين سقطوا في طريق التحرير والديموقراطية والبناء الوطني المستقل.
تكثفت في استشهاده أسماء كل الشهداء، وفي تاريخ اختطافه، تلخصت أيام الاستشهاد الذي خطف كل الذين سقطوا في ساحات الشرف: وحيث ما أدركتهم الشهادة، فوق التراب الوطني وفي الأقبية وفي ساحات الإعدام، وفي المعتقلات السرية وفي الشارع العام..كل الشهداء يرون فيه صورهم وأسماءهم وقصة وفائهم وتضحياتهم..
2ـ في اسمه يتجدد الالتزام الشبابي مع كل ذكرى تمر من ذكريات اغتياله:
يتجدد موعده مع التاريخ كلما حمل الشباب مشعل التغيير وواصل معركة الوطنية: منذ التحاقه بالعمل السياسي الوطني، وعمره 24 سنة عندما تخطى حاجز الخوف الاستعماري بتوقيع وثيقة الاستقلال في علاقة مع التيار الوطني، والملك الوطني محمد الخامس، في ارتباط وجداني وسياسي وفكري ووطني ظل قائما إلى أن غادر أب الأمة الدنيا ..
وتزعم وقاد حزب الاستقلال، وهو في مقتبل العمر … وكلما نهضت حركة حقوقية في العالم ينبثق اسمه ويتكثف فيه النضال الحقوقي، وكل الحقوقيين الذين قادوا تجربة المغرب الرائدة في ترسيخها والدفاع عنها وتوثيقها دستوريا، هو الذي سافر عام 1948إلى باريس ليقدّمَ تقريراً عن أوضاع حقوق الإنسان بالمغرب إلى الجمعية العمومية للأمم المتحدة المنعقدة بقصر شايو بالعاصمة الفرنسية، وكان من جدول أعمالها إعداد تصريح حول حقوق الإنسان.
3ـ يعود اسمه نبراسا للوعي الديموقراطي كلما تجدد الحديث عن تجديد الالتزام بالديموقراطية التمثيلية، من ما قدمه خلال تاريخ المجلس الاستشاري الوطني، التجربة البرلمانية الجنينية في المغرب الحديث..ومعه نستحضر واقعية مناضلة وهو يخوض في ماي 1963 معركة البرلمان ويفوز بمقعد نيابة عن دائرة يعقوب المنصور؛ الحي الشعبي الكبير بالعاصمة. ومعه نستحضر زعيم حركة العالم الثالث والوحدة الإفريقية وهو في عز شبابه..
-4 في اسمه يتجدد الالتزام بالتماسك الوطني والمصالحة، إذ إن المهدي بنبركة، في المغرب الجديد، عنوان مصالحات عديدة،
ما زالت تنتظر استكمالها بالكشف عن الحقيقة وراء اغتياله والضالعين فيه من الدول والأجهزة.
والاتحاديات والاتحاديون يعتبرون بأنه كان محفزهم الأول على المصالحة الوطنية، وخدمة وطنهم، والدفاع عن قضاياه.. في الوحدة الترابية والتقدم والبناء الوطني، الذي جعله ميزة من ميزات أقوياء النفوس من الفاعلين السياسيين. ويتجدد حضوره مع تجدد البحث عن الحقيقة. التي تشكل قوة دفع إلى الأمام، ومن أجل المستقبل، لا قوة شد إلى الخلف، وإلى التغيرات التي قد تطرأ على الحقل الوطني..
5ـ إن الاحتفاء بيوم الوفاء، هو التعبير عن هذا الأفق الذي اختارته الاتحاديات والاتحاديون في تخليد ذكرى استشهاد عريس الشهداء كلهم، كي يظل اسمه منارة لكل المناضلات والمناضلين، من كل ضفاف الحركة التقدمية وفي
مقدمتها الحركة الاتحادية الوفية. ويظل موضع سمو ونبل كما كان في حياته، تنأى عن اسمه كل محاولات التوظيف السياسي، البعيدة عن نبل المقاصد من وراء الوفاء..
إنه الوفاء حتى الخلود..

تعليقات الزوار ( 0 )