ان تكون اتحاديا او لا تكون… لا منزلة بين المنزلتين…
كانوا اتحاديين وكن اتحاديات. واقتنعوا واقتنعن ذات لحظة خلاف او توتر او غضب او تعب او بحث عن بديل بمغادرة البيت الاتحادي طوعا وعلانية فمارسوا ومارسن حقهم في اللا انتماء كما مارسوا ومارسن من قبل حقهم في الانتماء. ولهم ولهن ذلك. لم يطردهم ولم يطردهن احد ولم يخرجهم ويخرجهن احد من بيت اتحادي يتسع لكل الآراء ويضم منذ تاسيسة حساسيات فكرية وقوى اجتماعية متنوعة تنوع الاصول الاجتماعية والثقافية للحركة الوطنية والتقدمية المغربية. حزنا لابتعادهم عن الاتحاد، وما زالت غصة فراقهم في القلب، وما كان لنا الا ان نحزن لفراق اعزاء وعزيزات ما زلنا نحن للقياهم ونامل ان يعودوا الينا ونعود اليهم بقلوب صافية واذهان متيقضة.
بعضهم وبعضهن اختار بناء بيوت اخرى بعناوين بديلة، وربما بطموحات قوية وشعارات جذرية، منهم ومنهن من اقتنع بالعودة للبيت الكبير بعد تجربة سياسية مريرة، ومنهم ومنهن ما زال متشبثا باطاره السياسي والتنظيمي الجديد دون ان يتقدم خطوة على سكة تحقيق الفكرة المؤسسة لذاك الاطار. كل هؤلاء يستحقون الاحترام والتقدير، ونسعى دوما الى طي المسافات في اتجاههم، واخماد الخلافات معهم، يحذونا الامل في مد الجسور مجددا نحو وحدة ما على اساس تصور مشترك لمغرب الغد، جوهره التنمية المنصفة والديمقراطية التشاركية.
الى جانب هؤلاء واولائك فئة ثالثة، ما هي بقيت داخل الاتحاد، ولا هي ابتعدت عن الشان التنظيمي للاتحاد ( واركز على التنظيمي لان الشان الفكري والسياسي الاتحادي ملك لكل المغاربة ومن حقهم الحديث فيه وعنه). غضبوا وغضبن، وقد نتفهم غضبهم وغضبهن، انسحبو وانسحبن وعملنا ما في وسعنا ليراجعوا موقف الانسحاب، صرح بعضهم وبعضهن بموت الاتحاد او انه في حالة احتضار، لكنهم لم يذكروا ولم يذكرن ابدا ميتهم (ن)بخير، ولم يذرفوا ولم يذرفن دمعة واحدة على دوحة استظلوا طويلا بظلها واكلوا من طيبات ثمارها، ومنهم ومنهن لم يسهم يوما في غرس الدوحة ولا في سقي جذورها ورعاية فروعها..بعد انسحابهم صعدوا ربى من رمال، وتابطو الشرور كلها، وامتشقوا سيوف سامة وسهاما مسمومة، وانبروا لغرسها في ضهر الاتحاد وقياداته، بلا رحمة ولا شفقة ولا مروءة وتروي. ومع ذلك، مد الاتحاد يده الى الجميع، وقام بمبادرة قلما اقبل عليها حزب سياسي في العالم، واطلق شعار المصالحة غير المشروطة وغير المحدودة، وانتظرنا بشغف وفرح طفولي ان نعانقهم بمناسبة احياء الذكرى الستين بمسرح محمد الخامس رمز وحدة الملك والشعب. فرحنا بهامات وقامات تاريخية اضاءت فضاء المسرح العتيق، كما اضاءت دروب الاتحاد زمن الاقبية المظلمة والمعتقلات الظالمة. ولم يكن البعض في الموعد، فالتمسنا للغياب كل الاعذار، وما زلنا مؤمنين ايمان العجائز بحتمية راب الصدع في سياق استجماع قوى الاتحاد والتحضير للمؤتمر الوطتي المقبل الذي على الجميع، ممن يريدون وتردن، الاسهام في جعله مؤتمر التجديد الفكري والتحديث التنظيمي لحزب من طراز جديد قادر على تقديم مشروع سياسي في مستوى التحديات لما بعد الجائحة.
لكن وجب الاستدراك، ان نداء المصالحة والانفتاح ليس علامة ضعف اتجاه عدوانية البعض، ممن اختاروا سبيل التعيير السياسي واطلاق العنان لقاموس لا اخلاقي يفيض تبجحا ونرجسية لم يقابلها اي عطاء حقيقي للحزب، وانه (النداء) ليس ايذانا بتسليم مقاليد الاتحاد لمن تخلى عن حقه في الانتماء الذي يكفل له حق النقد المسؤول وحق تحمل المسؤولية وحق بلورة القرار الحزبي. لا يعني النداء تسليم مفاتيح الاتحاد لمن ” ترحم ” يوما على قبر الاتحاد متوهما ان الاتحاد بدونه جثة هامدة. ان حدث، سيكون ذلك طعنة غادرة في وجه الاتحاديات والاتحاديين الاوفياء الذين تشبثوا بالاتحاد الفكرة وبالاتحاد التنظيم، وامسكوا وامسكن على الجمر في لحظات عصيبة. الدعوة الى الحوار لاعادة اللحمة دعوة نبيلة قائمة، لكن لا مجال للابتزاز والمساومة والتعالي، فلا فضل لاتحادي (ة) على اتحادي(ة) الا بالعمل والعطاء والخلق الاتحادي واحترام قواعد العممل المؤسساتي. وان اختلفنا في التقدير السياسي او اتجاه موقف او قضية ما، وجب اخلاقيا وتنظيميا بسط ما نختلف فيه للنقاش الداخلي وللمنهجية الديمقراطية.
وفي الختم نتوجه لكل من يعتبر نفسه اتحاديا بالفعل او القوة، بالممارسة او بالوجدان، ان الانتماء التنظيمي والسياسي للاتحاد غير قابل للتجزئة، فاما ان تنتمي للاتحاد وتلتزم بمبادئه المؤسسة ولوائحه الداخلية ومقررات مؤتمراته، فتكون لك كل الحقوق وعليك كل الواجبات، او لا تكون اتحايا بالفعل، ولن يكون من حقك في هذه الحالة ان تتدخل في ما لا يعنيك….مع كل التقدير والمودة لكل اتحادي غيور واتحادية غيورة مهما كان الاختلاف في الراي والموقف

عبد السلام الرجواني

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

الاتحاد لا يحتاج إلى شهادة حياة، لأنه هو من يسلمها!

ما بعد وقف إطلاق النار وجواب الاتحاد …

الاتحاد الاشتراكي… حزب لا يُرهب ولا يُرْهب

في زمن الالتباس… الاتحاد يصدح بصوت الوطن والمواطن