يونس مجاهد

من الممكن اعتبار الإجراءات التي تم الإعلان عنها، بخصوص البرنامج الاستعجالي في جرادة، خطوة في الاتجاه الصحيح، من أجل تقديم أجوبة ملموسة وعملية على المطالب التي أعلنت عنها الساكنة، والتي كانت مثار الاحتجاجات الأخيرة التي عرفتها هذه المنطقة المعروفة بواقعها الاقتصادي والاجتماعي، الهش، بعد إغلاق المنجم.
وكانت السلطات قد كشفت عن برنامج استعجالي بتكلفة 900 مليون درهم، ينجز من خلاله 22 مشروعا، يهم العديد من المجالات الصناعية والفلاحية والبيئية والصحية، ويسمح بتشغيل عدد هام من طالبي الشغل، بالإضافة إلى التخفيف من فاتورة الكهرباء، وغيرها من الإجراءات الكفيلة بتقليص نسبة الخصاص الذي طال هذه المنطقة، بسبب تراكم مشاكلها، وغياب سياسة تنموية.
ومن المعلوم أن جرادة، تمثل أحد أوجه خريطة الفقر في المغرب، حيث إن هناك مناطق أخرى تعرف نفس المشاكل، وقد تم تشخيصها من طرف مؤسسات وإدارات رسمية، وتحتاج كذلك إلى برامج استعجالية، في محاولة لسد الخصاص، ولو بصفة نسبية، من أجل تخفيف وطأة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
ويمكن القول، إن العمل على معالجة استعجالية واستثنائية، لخريطة الفقر، أخذت تفرض نفسها، أكثر من أي وقت سابق، لأن تراكم المشاكل والهشاشة، دون أن تجد حلولا لمعالجتها، يؤدي إلى الدخول في نفق خطير من المشاكل وسوء الأوضاع، تزداد تعقيدا مع الزمن وتتضخم، بشكل يستعصي معه أحيانا تقديم أجوبة لها.
فإذا كان المغرب يعيش بسرعتين، حيث هناك مجالات ومناطق وفئات، تتطور وتزدهر، أفضل من الأخرى، فإن حدة الفوارق تزداد وتبدو صارخة، وتشكل عائقا كبيرا أمام التنمية الشاملة، مما يطرح ملحاحية تصور وتمويل برنامج استعجالي، كخطوة أولى، قبل التقدم في البديل التنموي، الذي تحتاجه بلادنا، والذي لا يمكن أن يتحقق في ظل الهوة التي تزداد اتساعا بين الطبقات والجهات، الأمر الذي يعني أنه بالإضافة إلى القدرة على التخطيط لبدائل اقتصادية، لكن دون إرادة سياسية، لتقليص الفوارق وتغيير النموذج الطبقي، فإن الهوة ستستمر.

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

أزمة في جوهر النظام الترابي

الاتحاد لا يحتاج إلى شهادة حياة، لأنه هو من يسلمها!

ما بعد وقف إطلاق النار وجواب الاتحاد …

الاتحاد الاشتراكي… حزب لا يُرهب ولا يُرْهب