تاريخ الحزب

[ultimate_heading main_heading=”تاريخ الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية” spacer=”icon_only” spacer_position=”bottom” icon=”Defaults-calendar” icon_size=”32″ icon_color=”#ffffff” icon_style=”circle” icon_color_bg=”#e20040″][/ultimate_heading]

ترجع جذور حزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية لحركة التحرير الوطني من أجل إستقلال المغرب. حيث أن أبرز مؤسسي الحزب الشهيد المهدي بن بركة  و المرحوم عبد الرحيم بوعبيد   كانا من بين الموقعين على عريضة المطالبة بالإستقلال بتاريخ 11 يناير 1944 و هي نفس السنة التي أسس فيها أول حزب مغربي هو حزب الإستقلال.

إستمر النضال من أجل إستقلال المغرب ما يزيد عن عشر سنوات بعد ذلك، تكللت بإستدعاء فرنسا ممثلي حركة التحرير الوطني برئاسة كل من محمد اليزيدي والمهدي بن بركة و عبد الرحيم بوعبيد للتفاوض من أجل إستقلال المغرب. اصر حينها عبد الرحيم بوعبيد على ضرورة عودة الملك محمد الخامس من المنفى لإستكمال المفاوضات.

كانت الفترة الممتدة من 1955 إلى 1959 زمن مخاض أنتج الحركة الإتحادية التي بصمت تاريخ المغرب الراهن. فتدبير شؤون المغرب المستقل و الأسئلة التي طرحها المجتمع المغربي بعيد الإستقلال، حول أي مجتمع نريد بناءه لمرحلة مابعد الإستقلال أدت إلى إنتفاضة تأسيسية بدأت في 25 يناير 1959 على إثر لقاءات جهوية لمناضلي حزب الإستقلال و من بينهم المقاوم و النقابي و المناضل السياسي، في مختلف جهات المغرب. و تم عقد المؤتمر التأسيسي لحزب الإتحاد الوطني للقوات الشعبية يوم 6 شتنبر 1959.

في السنة الأولى للاستقلال ترأس المهدي بنبركة أول مؤسسة  من مؤسسات دولة المغرب المستقلة،حيث كانالمجلس الوطني الاستشاري يشبه إلى حد كبير المجالس البرلمانية على الرغم من طابعه الاستشاري، وذلك بالنظر إلى الاختصاصات الموكولة إليه، والأعمال التي أنجزها على مستوى مناقشة الميزانية والسياسة الحكومية العامة والقطاعية، ومساءلة أعضاء الحكومة، وبالإضافة إلى نشاطه الدبلوماسي؛ وبالنظر أيضا إلى تركيبته التي تمثل جميع الحساسيات السياسية الحزبية والمستقلة، والمنظمات الاقتصادية والاجتماعية، وهيئات مختلفة، ثم بالنظر أيضا إلى طريقة اشتغاله وتسييره.

في 24 دجنبر 1958 تم تشكيل حكومة برئاسة عبد الله ابراهيم عضو الكتابة الوطنية للاتحاد الوطني للقوات الشعبية، وهي الحكومة التي تولى فيها عبد الرحيم بوعبيد منصب نائب لرئيس الحكومة ووزير الاقتصاد الوطني والمالية. في ظل حكومة عبد الله ابراهيم سيتم فصل الفرنك المغربي عن الفرنك الفرنسي وسيتحول البنك المخزني إلى بنك المغرب وسيتم إنشاء صندوق الإيداع والتدبير، البنك المغربي للتجارة الخارجية، البنك الوطني للإنماء الاقتصادي، والمكتب الوطني للري، الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ومكتب الأبحاث والمساهمات الصناعية والاتفاق مع الإيطاليين لبناء مصنع تكرير البيترول «لاسمير» وغير ذلك من القرارات التي مهدت للإعلان عن إجراءات هدفها التحرير الاقتصادي لبلادنا، إجراءات تُعرف بقرارات 22 اكتوبر 1959، وهي قرارات تزامنت مع صدور ظهير شريف أعلن عن تأسيس الدرهم كعملة وطنية غير قابلة للتحويل. قال عبد الرحيم بوعبيد، عن قرارات 22 اكتوبر1959 : “إن عهد الاستقلال يتطلب منا أن نتحرر من التبعية وأن لاننساق وراء عجلة نظام كانت قراراته المهتمة باقتصادنا يتم اتخاذها خارج المغرب ودونما مراعاة لظروف المغرب النوعية، ولا يمكن لأي تعاون دولي صحيح أن يزدهر ويكتسي مدلوله الحقيقي إلا إذا كان كل من يساهم فيه، يبذل جهوده بوسائله الخاصة قبل كل شيء، وهذا شرط أساسي لقيام علاقات الاحترام المتبادل بين الدول المستقلة. لهذا نحن الآن في سياق سياسة اقتصادية ونقدية مستقلة“.

في 19 ماي 1960 تمت تصفية حكومة عبد الله إبراهيم.

عقد سنة 1962 المؤتمر الثاني للا تحاد الوطني للقوات الشعبية و طرح سؤالا عريضا، “ما العمل؟”. اتخذت خلال المؤتمر قرارات تخص نهج خط سياسي مرحلي و تشكيل أجهزة قيادية كان طابعها الأساسي هو الإزدواجية بمناضلين ينتمون للحزب و آخرين لهم مسؤوليات نقابية داخل الإتحاد المغربي للشغل، و تركيز نضال الحزب على العمل من أجل إستفادة الشعب المغربي من الإستقلال و مشاركته في تسيير شؤونه و الوقوف ضد الإنزلاق الذي سار فيه المغرب منذ 1960 نحو حكم إستبدادي. ثم وضع هذا النضال في إطار كفاح شعوب العالم الثالث للتحرر من التبعية للاستعمار. و لأجل المؤتمر الثاني أعد المهدي بنبركة تقريرا عرف فيما بعد بوثيقة الإختيار الثوري، لكن قيادة  نقابة الإتحاد المغربي للشغل رفضت تقديم المهدي بنبركة للتقرير، فتنازل هذا الأخير ثم قام بنشر الوثيقة سنة 1965 و أصبحت بذلك مرجعا لكثير من المناضلين. كانت الوثيقة تثير نقدا ذاتيا للأخطاء التي وقع فيها العمل السياسي آنذاك و من بينها عدم وضوح مواقف الإتحاد الإديولوجية.

في نفس السنة قرر الحزب مقاطعة الاستفتاء على الدستور إثر تحليل الوضعية التي نشأت عن قرار الحكم المطلق القيام باستفتاء في موضوع دستور مصنوع، طبخ في الخفاء وبمساعدة فنيين أجانب في خدمة الاستعمار القديم والجديد.

سنة 1963 كانت سنة حافلة بالأحداث السياسية. في مارس 1963، شهرين قبل إجراء أول إنتخابات تشريعية بالمغرب، أعلن أحمد رضى اكديرة و كان وقتها المدير العام للديوان الملكي و وزير الداخلية و الفلاحة، عن تأسيس “جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية” أو ما سيعرف بحزب الفديك. و إستقبلت الأحزاب الوطنية تأسيس الفديك من طرف مسؤولين في الدولة كدليل على أن الدولة مصرة على تضييق هامش الحريات العامة و حقوق الممارسة الديمقراطية.

أما عن أول معركة إنتخابية تشريعية في تاريخ المغرب، فستكون كما توقعها بيان الكتابة الأولى للإتحاد في 2 ماي 1963،”قاسية، لأن النظام المتسلط قد عبأ أجهزة الدولة الإدارية لفائدة مرشحيه، المعروفين منهم و الذين ما يزالوا مستترين. إنه يظن أنه سيتمكن من إختلاس الأصوات عن طريق القمع و التهديد، و الترغيب و الترهيب، و الرشوة و التزوير.” وكانت للإدارة فعلا إمكانيات كبيرة للتحايل على الشعب و على القوى الوطنية و كانت النتيجة المعترف بها للإتحاد من طرف وزارة الداخلية هي 22 مقعدا.

في يوليوز من نفس السنة، بتدبير من الجنرال أوفقير و بذريعة أن اللجنة المركزية للحزب كانت مجتمعة للتخطيط لمؤامرة ما، بدأت حملة إعتقالات واسعة في صفوف الإتحاديين مست 5000 مناضلا و أصدرت أحكام في 1964 بالإعدام في حق عمر بنجلون و الفقيه البصري و بالحبس الموقوف التنفيذ في حق عبد الرحمان اليوسفي. الحقيقة أن االجنة المركزية لم تناقش أي مؤامرة أو انتفاضة. لكن هذا لا يعني عدم وجود مبادرات من طرف مناضلين لم تناقش أو تقرر أبدا من طرف قيادات مسؤولة. هذه الأحداث جعلت الإتحاد فيما بعد يتخذ قرارات مهمة في مجال التأطير و التسيير و الإنضباط لقرارات الحزب.

ثم جاءت الإنتفاضة الكبرى للتلاميذ و الطلبة مع أسرهم في مارس 1965 و قمعت بكيفية وحشية سقط فيها ما يفوق 600 قتيل في مدينة الدار البيضاء وحدها. و خلقت هذه الإنتفاضة ضجة كبيرة في البلاد و أدت إلى فتح حوار بين الحسن الثاني و عبد الرحيم بوعبيد أدى إلى إطلاق سراح عدد من المعتقلين و العفو عن الكثير منهم.

في أكتوبر من نفس السنة تم إختطاف الشهيد المهدي بنبركة فتوقف أي تعامل بين الحسن الثاني و حزب القوات الشعبية. و دخل المغرب مرحلة أخرى من القمع و المواجهة و تم توقيف صحافة الحزب و وقع التضييق على عمل الحزب و الإتجاه نحو حله. في نفس السنة أعلنت حالة الإستثناء في المغرب.

الجنرال أوفقير توبع و حوكم غيابيا في فرنسا في قضية إختطاف الشهيد المهدي بنبركة. مازالت إلى اليوم ظروف الإختطاف و الإختفاء غامضة.
سنة 1969 جرت إنتخابات المجالس البلدية و القروية، لأجل تشكيل مجالس منتخبة كانت عمليا معينة من طرف أجهزة الجنرال أوفقير. و كان الإتحاد الوطني للقوات الشعبية قد قرر مقاطعة كل من هذه الإنتخابات و الإنتخابات التشريعية التي تلتها في 1970. وكان الإحساس السائد لذا كل من قادة الإتحاد و زعيم حزب الإستقلال المرحوم علال الفاسي أن المغرب يتجه نحو نفق مسدود، مما دفع إلى تأسيس الكتلة الوطنية من أجل تعبئة الشعب من جهة و من جهة أخرى لفتح باب الحوار مجددا مع الملك.

مباشرة بعد ذلك عرف المغرب حملة قمع شرسة، تعرض فيها الكثير من المناضلين للإعتقال. و جرت محاكمة مراكش الشهيرة سنة 1971 بمتابعة أكثر من 160 مناضلا. شهر بعد بدأ محاكمة مراكش حصلت محاولة الإنقلاب العسكري في يوليوز 1971. هذه المحاولة كانت نتيجة حتمية لوضع كل السلطة التنفيذية بيد الجنرال أوفقير و إنتخاب مؤسسات صورية والقمع و التضييق على الحريات، فقد أصبح من السهل على الإنقلابيين فرض السيطرة التامة على الدولة و إستغلال غياب التوافق بين المؤسسة الملكية و القوى الوطنية الديمقراطية.

رغم الأحكام القاسية التي ستصدرها محاكمة مراكش سيقبل الإتحاد الوطني و حزب الإستقلال الدخول في حوار مجددا مع الملك. و شكل الحسن الثاني لجنة لتعديل الدستور بمشاركة كل من عبد الرحيم بوعبيد، علال الفاسي، احمد عصمان و إدريس السلاوي. لكن قبل أن تنه اللجنة عملها دعا الحسن الثاني الشعب المغربي بكيفية مفاجئة للإستفتاء على دستور جديد عام 1972. ومن تم كان موقف حزب القوات الشعبية هو مقاطعة االإستفتاء.

لم يفتح الحوار مجددا مع القصر إلا بعد محاولة الإنقلاب الثانية.

رفع عبد الرحيم بوعبيد مذكرة للقصر في أكتوبر 1972 يضع فيها تشخيصا للمأزق الذي وصل إليه المغرب و يطالب بالإنفراج السياسي و التوجه نحو إنتخابات حرة و نزيهة و تمكين البلاد من مجلس تشريعي حقيقي.

سنة 1973 تعرض كل من محمد اليازغي وعمر بنجلون لمحاولة اغتيال بعدما توصلا بطردين ملغومين، انفجر واحد منهما فقط و هو الموجه إلى محمد اليازغي.

في مارس 1973، بينما كان الحزب يعد لمؤتمره الوطني، تم تنفيذ عمليات مسلحة في وجدة و الرباط و الدار البيضاء و فاس و منطقة الأطلس المتوسط. و رغم كون مؤسسات الحزب لم تكن لها أي علاقة بهذه العمليات، فستبدأ على إثرها حملة اعتقالات واسعة في صفوف مناضلي اللإتحاد الوطني للقوات الشعبية. و في غشت 1973 ستبرأ محكمة قنيطرة العسكرية قادة الإتحاد (عمر بنجلون، محمد اليازغي، مصطفى القرشاوي، محمد الحلوي، محمد كرم) و مع ذلك سيتم إختطافهم و وضعهم في معتقالات سرية إلى حدود غشت 1974 و هي المرحلة التي سيتم فيها مجددا فتح حوار بين قيادة اللإتحاد الوطني للقوات الشعبية في شحص عبد الرحيم بوعبيد و الملك الحسن الثاني ليشارك الحزب في حملة عالمية لتحسيس الرأي العام الدولي بالمؤامرة الخطيرة التي كانت تتعرض لها الصحراء المغربية.

و في هذا الإطار يجب التذكير بأنه منذ 1972 أصدر الحزب العديد من البيانات تدعو لتحرير الصحراء و ترسم خطة و طنية للتعبئة، و أن العديد من المناضلين الإتحاديين الذين كانوا يقيمون بالجزائر، عندما طرحت مغربية الصحراء اضطروا لمغادرة الجزائر، لأنهم رفضوا أن يدعموا الأطروحة الإنفصالية. وقد إعتبر الإتحاديون أن من واجبهم تجنيد الشعب المغربي للدفاع عن وحدته الترابية، و القيام بحملة رسمية في إطار علاقات الحزب في الأممية الإشتراكية و داخل التنظيمات الجهوية التي هو عضو فيها أو عن طريق المناضلين الإتحاديين الذين يعملون في منظمات دولية غير حكومية.

في 15 شتنبر 1974 انعقدت اللجنة المركزية للحزب و تقرر تغيير إسم الحزب إلى الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية و اقتصار القيادة الحزبية على عناصر الحزب داخل المغرب فقط. و خلال المؤتمر الإستثنائي ليناير 1975 تبنى الحزب الخيار الديمقراطي و الوضوح الإديولوجي و أصبح للحزب هيئات تسييرية (المكتب السياسي و اللجنتان الإدارية و المركزية) و كاتب أول في شخص عبد الرحيم بوعبيد.

ثم جاءت فاجعة إغتيال الشهيد عمر بنجلون في 18 دجنبر 1975 وكان عملا إرهابيا خططت له عدة أجهزة و نفذه ظلاميون ينتمون لحركة الشبيبة الإسلامية المغربية.

إنطلاقا من تبني الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية للخيار الديمقراطي فقد شارك في مختلف الإستحقاقات الإنتخابية غم أنه في 1976 و 1977 لم يكن يسمح له بالقيام بحملة إنتخابية في مناطق شاسعة من المغرب و منها البوادي. فالإنتخابات الجماعية و التشريعية ل1976 و 1977 ستكون فرصة أخرى يهدرها المغرب لتنظيم إنتخابات نزيهة و حرة تعطي صورة حقيقية للخريطة السياسية للبلاد. و سيذهب النظام أبعد من ذلك بفرض تمديد هذه الولاية التشريعية، الشيء الذي رفضه الحزب على إعتبار أن النواب إنتخبوا لفترة محددة و لا يجوز تمديدها إلا برجوعهم أمام الناخبين.

التحضير للمؤتمر الوطني الثالث للإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية في دجنبر 1978 إتخذ شكل ندوات وطنية حول القضايا الإقتصادية و الإجتماعية و الثقافية و العمرانية. و في أفق إنعقاد المؤتمر تهيكلت الشبيبة الإتحادية و تأسس القطاع النسائي و قاد العمال الإتحاديون عملية تصحيح في الميدان النقابي انتهت بتأسيس الكونفدرالية الديمقراطية للشغل في نوفنبر 1978 و إنتخاب نوبير الأموي أمينا عاما لها، اسابيع قبل مؤتمر الإتحاد الوطني لطلبة المغرب الذي إسترجع شرعيته و استأنف نشاطه. البيان السياسي الذي أصدره المؤتمرطرح إشكالية الحكم في المغرب و الخط السياسي الذي يجب نهجه لتنظيم علاقة الحكم بالمواطنين. ومرة أخرى تم منع توزيع عدد صحيفة المحرر الناطقة باسم الحزب الذي تضمن البيان.

بعد سنة من تأسيس الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، شهد المغرب أكبر إضرابات في قطاع التعليم دعت إليها الكونفدرالية. على إثرها تم إعتقال المئات من رجال التعليم و فصل الكثيرون من وظائفهم. ولإحتواء الوضع نظمت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل خطة تضامنية مع المطرودين (سواء في قطاع التعليم أو في الصحة، البريد، و التجارة) و قدم لها الحزب دعما كبيرا لضمان مساعدة ضحايا الطرد التعسفي. و لم يتم حل رواسب تلك الإجراءات التعسفية بشكل نهائي إلا عند مجيء حكومة التناوب.

في يونيو 1981 تم تنظيم إضراب عام بسبب الزيادات الصاروخية في أثمنة المواد الغذائية الأساسية. وقد تلى هذا الإضراب حملة قمع شرسة خاصة بمدينة الدارالبيضاء ذهب ضحيتها المئات من المواطنين. كما تم اعتقال العديد من مسؤولي الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والكونفدرالية الديمقراطية للشغل وإغلاق المقرات الحزبية والنقابية، وتوقيف صحافة الحزب (المحرر و ليبراسيون) و إستمر هذا المنع حتى سنة 1983.

في شتنبر 1981 أصدر المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بلاغا يعبر فيه عن رفضه قبول المغرب تنظيم استفتاء لتقرير المصير بالصحراء المغربية (وهو القرار الذي تبنته قمة منظمة الوحدة الإفريقية بنيروبي)، وقد تم على إثر هذا البلاغ اعتقال أعضاء المكتب السياسي وعلى رأسهم عبد الرحيم بوعبيد ومحمد اليازغي ومحمد الحبابي و الحكم عليهم بسنة سجن نافذة و تم ترحيلهم لقرية في ميسور لقضاء المدة.

و بالنظر للظرف الدقيق الذي كانت تمر به قضية الصحراء في 1983 و ضرورة تعبئة الجميع من أجلها من جهة و في إطار التحضير لإنتخابات جديدة من جهة ثانية، فقد قبل عبد الرحيم بوعبيد تولي منصب وزير بدون حقيبة بعد خروجه من السجن. و سينضم الزعيم الإتحادي إلى لجنة مكونة من الأمناء العامين للأحزاب و أعضاء من الحكومة للسهر على مراقبة الإنتخابات.

مع الأسف سيتضح أن هذه اللجنة كانت لجنة شكلية و كانت وزارة الداخلية تأتي بتصرفات مناقضة لقرارات اللجنة. فبعد أن كان أسلوب وزارة الداخلية في 1977 يقضي برفض مراقبي الإتحاد الإشتراكي في بعض الدوائر و عدم توفير في بعض الأحيان حتى ورقة التصويت التي تحمل لون الحزب، قاموا في 1983 بتغيير أسلوبهم حيث بدأوا بإختيار رؤساء مكاتب التصويت، و إنجاز المحاضر قبل عملية الإقتراع، أو مطالبة أعضاء المكاتب بالتوقيع عليها على بياض، و حتى عندما تكون النتائج سليمة يتم التلاعب بها في مقر العمالة.

كانت هذه المرحلة بداية مرحلة جديدة عرفت تدهور الأوضاع الإقتصادية و الإجتماعية في المغرب و ظهر فيها ضعف المؤسسات و أزمة التسيير التي أدت إلى كارثة من حيث حجم الأمية، ضعف التجهيزات في البادية، إتساع دائرة الفقر و التهميش و تفاقم مظاهر الفساد الإداري.

سنة 1984 قدم الاتحاد الاشتراكي مذكرة إلى الملك الحسن الثاني، يعترض فيها على برنامج التقويم الهيكلي الذي فرض على المغرب من طرف صندوق النقد الدولي

و في يوليوز من نفس السنة انعقد المؤتمر الوطني الرابع للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بمدينة الدار البيضاء. و في جلسة الإفتتاح سيقول عبد الرحيم بوعبيد، الذي كان قد إستقال من منصبه كوزير، “نحن لسنا مرضى بالمعارضة أيها الإخوة” مشيرا أن الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية منذ إقراره لخط النضال الديمقراطي و هو يطالب بالمشاركة في الحكم، لكن ليس بأي شروط. و كان مطروحا آنذاك قضية الإقتصاد المختلط، إذ إعتبر الإتحاد الإشتراكي أنه يمكن أن يكون هناك تعاون بين القطاعين العام و الخاص. كما قام المؤتمر بتحليل أزمة المجتمع المغربي و دعى إلى مقاومة تردي الأوضاع على جميع الواجهات، داخل المؤسسات المنتخبة و على الواجهات الإجتماعية و الثقافية و الفكرية و الجمعوية.

من جهتها ستستمر وزارة الداخلية في إستعمال نفس أساليب الغش و التزوير في الإنتخابات التشريعية ل1984. و مع ذلك، حتى لا يترك فراغا في المؤسسات، قرر الإتحاد الإشتراكي الإستمرار في نضاله من داخل المؤسسات حتي يواجه الفساد و التزوير و السياسات اللاشعبية للحكومات المتتالية.

  في مارس 1989 انعقد المؤتمر الوطني الخامس للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي طرح المطالبة بمراجعة الدستور و أقر بالخط السياسي المرحلي. هذا الخط السياسي المرحلي الذي أدى إلى التنسيق مع حزب الإستقلال في السنة الموالية 1990، و إلى تقديم ملتمس الرقابة داخل البرلمان في نفس السنة، و إلى التنسيق على مستوى المركزيات النقابية.

أثناء المناقشات التي دارت داخل مجلس النواب على إثر تقديم ملتمس الرقابة، دعا الملك الحسن الثاني عبد الرحيم بيوعبيد و علي يعته (أمين عام حزب التقدم و الإشتراكية) و محمد بوستة (أمين عام حزب الإستقلال)، طالبا منهم إبداء آرائهم حول الإصلاحات الدستورية. و تم تقديم مذكرة مشتركة بين حزبي الإتحاد الإشتراكي و الإستقلال إلى الملك الحسن الثاني سنة 1991 تخص الإصلاح الدستوري و السياسي و تتضمن في الشق المؤسساتي: إعطاء صلاحيات لمجلس النواب للتصويت على برنامج الحكومة؛ تمكين مجلس النواب من تشكيل لجان لتقصي الحقائق و لجان للمراقبة؛ و في حال إعلان حالة الإستثناء ألا يتم اللجوء إلى حل البرلمان؛ و تبسيط مسطرة تقديم ملتمس الرقابة، إلى غير ذلك من إصلاحات مؤسساتية ضرورية. كما طالبت المذكرة بتنظيم إنتخابات حرة و نزيهة و توفير الضمانات الكافية لسلامة الإقتراع؛ إلغاء ظهير 35 من قانون الحريات العامة الذي حوكم على أساسه المناضلون النقابيون و السياسيون و نشطاء العمل الجمعوي؛ إصدار عفو شامل على المعتقلين و المغتربين؛ و السير في إتجاه توسيع الحريات و ضمان حقوق المواطنين.

يوم 8 يناير 1992 توفي عبد الرحيم بوعبيد و كانت جنازته أكبر تظاهرة وطنية شعبية عرفها المغرب خلال القرن الماضي مما كشف مدى وفاء الشعب المغربي للمرحوم عبد الرحيم بوعبيد و لحزبه. و تولى عبد الرحمان اليوسفي منصب الكاتب الأول للحزب.

 في ماي 1992 سيصدر كل من الإتحاد الإشتراكي، و حزب الإستقلال، و التقدم و الإشتراكية، و منظمة العمل الديمقراطي الشعبي و الإتحاد الوطني للقوات الشعبية، ميثاق تأسيس الكتلة الذي ضم مطالب الإصلاح الدستوري. بعد ذلك سيطرح الحسن الثاني إصلاحات دستورية للإستفتاء مما أعتبر خطوة إيجابية متقدمة لكن غير كافية، فإختار الإتحاد الإشتراكي عدم المشاركة في الإستفتاء على التعديل الدستوري.

خلال الإنتخابات التشريعية المباشرة و غير المباشرة سنة 1993 سيستمر إلى حد مقلق التزوير و التلاعب بالنتائج من طرف وزارة الداخلية لأجل الحيلولة دون حصول الأحزاب الديمقراطية على أغلبية واضحة في البرلمان، بما أن ثلث أعضاء البرلمان آنذاك كان يتم إنتخابهم بطريقة غير مباشرة.  فبدا كأن إنتخابات مجلس النواب تتم عبر دورتين، الأولى فازت فيها المعارضة و الثانية تدخلت فيها وزارة الداخلية لإعطاء الأغلبية للأحزاب المحسوبة عليها.

و مع ذلك سيفتح حوار مع الملك في محاولة أولى لتشكيل أول حكومة تناوب في تاريخ المغرب. و العرض الذي قدم آنذاك لأحزاب الكتلة الديمقراطية هو المشاركة في الحكومة و ليس تشكيلها على أساس أن يحتفظ الملك بالوزارة الأولى و أربع وزارات. فرفضت أحزاب الكتلة هذا العرض لأنه كان يسير نحو تفسير خاص للدستور و قد يقود نحو نظام غير برلماني.

وسيأتي التعديل الدستوري لسنة 1996 بسلطات للملك و للوزير الأول أكثر وضوحا وبمجلس نواب منتخب بالإقتراع المباشر وبمجلس للمستشارين. ومن تم صوت حزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية لأول مرة بنعم للدستور في إستفتاء شتنبر 1996 في إنسجام مع إستراتيجية النضال الديمقراطي التي أقرها مؤتمر 1975 و كإشارة أن الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية لا يتبنى معارضة أبدية و منهجية لكل ما يأتي من الحكم. و لكن هذا لم يمنع بقاء مسألة الإصلاح الدستوري مسألة مركزية بالنسبة للحزب و إستمرار الإجتهاد في هذا المجال فيما فيه صالح البلاد.

 في 1997 جرت الإنتخابات التشريعية التي أعطت للحزب المرتبة الأولى. وفي 1998 سيتم تشكيلحكومة تناوب برئاسة عبد الرحمان اليوسفي كضرورة حتمية لإنقاذ البلاد إقتصاديا و تفادي إنتكاسة سياسية كانت ستعرقل الديمقراطية في المغرب، فكما أقر بذلك الملك الحسن الثاني أوضاع البلاد كانت في تدهور على نحو أصبح يهدد البلاد بالسكتة القلبية.

وبصلاحيات أقل بكثير مما تتوفر عليه الحكومة الحالية برئاسة عبد الإله بنكيران، ستقوم حكومة عبد الرحمان اليوسفي بعدة إنجازات في مختلف المجالات و منها:

  • على المستوى المنهجي: في إطار التواصل مع البرلمان، تم لأول مرة عرض البرنامج الحكومي في بداية الولاية، ثم العودة عند منتصفها لتقديم عرض مرحلي بالمنجزات والأوراش المفتوحة وآفاق العمل ثم تقديم الحصيلة في آخر الولاية. كما سن عرف “تقديم الحصيلة”. و تم ارتقاء استثنائي لمؤسسة الوزير الأول إلى مستوى الوظيفة الدستورية المنتظرة بالرغم من عدم تحديد السلط بشكل واضح في دستور 1996 (تأطير العمل الحكومي وتنشيطه، ومهام التنسيق والتحكيم).
  • توفير شروط العمل السياسي الجاد: بالعمل على طي صفحة الماضي في مجال حقوق الإنسان وتمكين الموظفين والعاملين بالإدارة المغربية من حقوقهم و توسيع فضاء الحريات الجماعية وتحصين الحياة العامة واستكمال البناء المؤسسي وتخليق تدبير الشأن العام. و تم تنصيب المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان ولديوان المظالم. إضافة إلى إدخال إصلاحات على قوانين الحريات العامة وتكريس حرية التأسيس في قانون الصحافة مع تعزيز الضمانات القضائية لحرية الصحافة. و أحدث الجهاز المؤسساتي “هيئة عليا للاتصال السمعي البصري “كمؤسسة مستقلة.
  • تنظيم الانتخابات التشريعية ل 2002 غير مطعون في مصداقيتها لوضع الحقل السياسي في مأمن مما لحقه في الماضي من انحرافات وخروقات. كما تمت المصادقة على نمط الاقتراع باللائحة كآلية لمحاربة الغش واستعمال المال الحرام في تزوير للإرادة الشعبية.
  • إعادة الثقة للفعل التشريعي والإداري والقضائي: من خلال وضع نصوص قانونية ذات الصلة (قانون الصفقات العمومية، تعديل الميثاق الجماعي، قانون الحريات العامة، قانون الصحافة، تعليل قرارات الإدارة،…)، وكذا القيام بالتحريات والتدقيقات والمتابعات التأديبية والقضائية التي طالت عددا من المرافق والمؤسسات العمومية بشكل لم يعرف له المغرب مثيلا (القرض الفلاحي، صندوق الضمان الاجتماعي، البنك الشعبي،…). كما عملت الحكومة على حمل الإدارات والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية على تنفيذ الأحكام الصادرة في حقها، درءا لإهدار حقوق المواطنين وصونا لحرمة القضاء وتكريسا لدولة القانون في مجال الأعمال. وتمت هيكلة القضاء التجاري لضمان حقوق الفاعلين في عالم التجارة والاقتصاد.
  • إعطاء أولوية للحوار الاجتماعي: ومن ضمن نتائجه تسوية ملف المطرودين أو الموقوفين لأسباب سياسية أو نقابية، والعمل على ترقية الموظفين والأعوان بكيفية استثنائية، وإحداث 4000 منصب شغل خصصت لترسيم الأعوان المؤقتين والمياومين العرضيين، ومراجعة النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية، وتعميم الاستفادة من نظام المعاشات على جميع المتقاعدين، اتخاذ إجراءات وإعفاءات جبائية لصالح الفئات المستضعفة لتمكينها من ولوج الخدمات الصحية والاجتماعية، اتخاذ إجراءات لصالح صغار الفلاحين لتخفيف مديونيتهم ولصالح المقاولين والمنعشين الشباب. وبخصوص الترقية الاستثنائية، تمكن 106,000 من الموظفين والأعوان من الاستفادة من هذا الإجراء الخاص الذي كلف وحده ميزانية الدولة والمؤسسات العمومية ما قدره 6.8 مليار درهم موزعة بين سنتي 2001 و 2002، فيما تمت مراجعة النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية الذي أتى نهائيا على نظام الحصيص المالي للترقية الداخلية وربطها بالاستحقاق والكفاءة، ونتج عن ذلك تحسين ملموس لأوضاعهم المادية. كما تم تعميم الاستفادة من نظام المعاشات لسنة 1997 على جميع المتقاعدين، وبذلك تكون الحكومة قد لبت مطالب طالما نادت بها شرائح واسعة من الموظفين والأعوان وحققت ما التزمت به في هذا الخصوص.
  • ارتقاء قضية المرأة إلى حوار ونقاش وطني لإدماج المرأة المغربية اقتصاديا واجتماعيا، و مراجعة مدونة الأحوال الشخصية التي تشكل مسؤولية خص بها دستور المملكة جلالة الملك بوصفه أمير المؤمنين. كما تمكنت المرأة من تحقيق نسبة متنامية في مناصب اتخاذ القرار حيث توجت هذه المجهودات بتقنين حقها في ترشيح لوائح خاصة بالنساء في الانتخابات التشريعية 2002.
  • توفير الظروف المثلى لمساهمة فاعلة للجالية المغربية في تنمية بلادها: حيث تم توكيل لجنتين وزاريتين يرأسهما الوزير الأول، مختصتين على التوالي بإشكالية الهجرة وبالاستقبال والعبور. وقد نهجت الحكومة في التعامل مع قضايا ومصالح المهاجرين أسلوب التنسيق وروح الحوار بين مختلف المتدخلين.
  • إعطاء الانطلاقة لتأهيل قطاع التربية والتكوين: ببلورة الميثاق الوطني للتربية والتكوين وإعطاء الانطلاقة لتجسيد مضامينه بالتركيز على: إلزامية التعليم وتعميمه، وضمان جودة التعليم، و ملائمة تعليمنا مع عالم الشغل.
  • الإسهام في خلق شروط التعبير الثقافي الحر: بتوسيع وتطوير البنيات الأساسية المساعدة على إنتاج ونشر وترويج المنتوج الثقافي وصيانته، وإنشاء عدد من المؤسسات الثقافية الكبرى، أبرزها المكتبة الوطنية للمملكة، والمتحف الملكي للتراث والحضارات، وتقديم الدعم للمسرح والكتاب والفنون المشهدية والجمعيات الثقافية الفاعلة.
  • تأهيل الاقتصاد الوطني من خلال تقوية شروط الانطلاقة الاقتصادية: اتخذت الحكومة الإجراءات اللازمة لتجاوز آثار الجفاف وارتفاع فاتورة الطاقة وكذا إنقاذ عدة مؤسسات عمومية التي كانت مهددة بالإفلاس جراء سوء التدبير الذي عرفته لعقود مضت. كما تمكنت من التحكم في التضخم من أجل الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين وكذا تطويق العجز في الميزانية والرفع من التوفير العمومي. كما تمكنت الدولة خلال ولاية هذه الحكومة، ولأول مرة منذ الاستقلال، من تقليص المديونية الخارجية من 19.1 مليار دولار إلى 14.1 مليار دولار إضافة إلى تسجيل فائض مهم في ميزان الأداءات لأول مرة مما مكن البلاد من تحقيق ارتفاعا قياسيا في رصيدها من العملة الصعبة.و ارتفع حجم الاستثمارات إلى 25 مليار درهم ومناصب الشغل القارة المحدثة إلى 32,000، ناهيك عن المصادقة على 63 اتفاقية استثمار بمبلغ إجمالي تجاوز 45 مليار درهم. وبصفة عامة، تمكنت الحكومة من الرفع من مستوى الاستثمار ب 25 بالمائة خلال فترة 1998ـ2002 مقارنة مع فترة 1993ـ1998. وبخصوص الاستثمارات الخارجية، ما تم استقطابه خلال 4 سنوات لم يتم تجميعه خلال العشرين سنة الماضية وفي قطاع الصيد البحري، شدت الحكومة العزم لإدخال تغييرات جوهرية على طرق استغلال الثروات البحرية بمنظور يضمن تقوية النسيج الاقتصادي الوطني وضمان الأمن الغذائي بالبلاد ، وبعد تعذر التوصل إلى صيغة جديدة للتعاون على أساس الأرضية التي اقترحها المغرب تم فك الارتباط مع الإتحاد الأوربي مع القيام بمراجعة التشريع الوطني للصيد البحري وإعادة هيكلة كافة مسالكه في إطار إستراتيجية واضحة المعالم تهدف إلى ضمان الحفاظ المستمر للموارد السمكية الوطنية ومردودية مستديمة لهذا الميدان الحيوي. ونظرا لأهمية قطاع الصناعة التقليدية والمهن المرتبطة به (يشغل 20 بالمائة من ساكنتنا النشيطة)، باشرت الحكومة مسلسلا للتأهيل الشامل لهذا القطاع من خلال ميثاق وطني للصناعة التقليدية (الكتاب الأبيض). ومن أجل تنشيط قطاع الإسكان وتشجيع المنعشين العقاريين، قامت الحكومة بمواجهة صارمة للسكن الغير اللائق وتعزيز الإطار القانوني في هذا المجال خصوصا في مجالات العلاقات الكرائية، والرهون العقارية والملكية المشتركة. و لتسهيل إدماج الشباب في سوق الشغل، تم تفعيل القانون المتعلق بتداريب التكوين وإدماج الشباب حاملي الشهادات، والتكوين التأهيلي، وقروض المقاولين والمنعشين الشباب، والتشغيل الذاتي، والاتفاقيات القطاعية المبرمة مع المؤسسات العمومية، وبرامج مشاتل المقاولات، بالإضافة إلى الإطار التحفيزي الذي تم وضعه لفائدة المستثمرين الخواص، وكذا ميثاق المقاولات الصغرى والمتوسطة الذي جاء ليسد فراغا قانونيا طالما اعترى نشاط هذه الشريحة الواسعة من المقاولين ذات الوزن الهام داخل نسيجنا الاقتصادي.
  • مواجهة العجز والتهميش الاجتماعي: عملت الحكومة على وضع مشروع مدونة للتغطية الصحية الأساسية. كما أضفت هذه الحكومة مضمونا ملموسا على الاقتصاد التضامني حيث كرست مجهودات كبيرة من أجل تأهيل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي.
  • الأوراش الكبرى وتكثيف البنية التحتية: الطرق السيارة، إعطاء الانطلاقة لتشييد الطريق الساحلي المتوسطي، وإنشاء المركبات لتوليد الطاقة، ومواصلة تنفيذ المخطط المائي وتشييد سدود جديدة، وبلورة برنامج تأهيل الموانئ وتشييد أخرى جديدة في كل من اكادير والجديدة بالخصوص. وفي إطار برنامج تنمية أقاليم الشمال، أعطت الحكومة الانطلاقة لتنفيذ مشاريع ذات صبغة محلية ومشاريع مهيكلة للمجال الترابي، كالطريق الساحلي المتوسطي لربط طنجة والسعيدية على مسافة 555 كلم باستثمار يصل إلى 5 ملايير درهم. هذا الورش أنجزت الحكومة منه 80 كلم عند نهاية ولايتها.
  • التنمية القروية: عبأت الحكومة موارد مالية هامة بلغت 9.5 مليار درهم كمعدل سنوي بزيادة 50 بالمائة عما كانت عليه سنة 1997 و1998. كما عملت الحكومة على الرفع من وتيرة انجاز الطرق القروية، إضافة إلى الإجراءات الرامية إلى تكثيف التبادلات، وتحسين التمدرس، وتخفيض كلفة النقل واستقرار الأثمنة. وفي نفس الاتجاه، تم التصدي للأمية بخفض معدلها من 75 بالمائة إلى 60 بالمائة. أما عن الكهربة القروية، فقد عملت الحكومة على رفع وتيرة انجاز برنامجها إلى 1500 قرية سنويا عوض 1000 سابقا. كما عملت الحكومة على تحويل مؤسسة القرض الفلاحي إلى أداة لخلق حركية مالية تيسر الرفع من وثيرة المبادلات الاقتصادية بالعالم القروي علما بأن الحكومة قامت في هذا الصدد، بمعالجة مرضية لمديونية الفلاحين، تطلب مساهمة مباشرة من الدولة بمبلغ 1.2 مليار درهم.

 الإعداد للمؤتمر الوطني السادس الذي إنعقد في 2001 كان مناسبة للإتحاد الإشتراكي للعودة إلى قواعده و مناقشة الأرضية السياسية و التنظيمية و ساد حوار صريح و شفاف جميع الأقاليم و الفروع. و عرف المؤتمر إهتماما كبيرا من طرف الرأي العام.

في الإنتخابات التشريعية ل2002 و رغم تبوؤ حزب القوات الشعبية المرتبة الأولى سيتم الخروج عنالمنهجية الديمقراطية و تعيين وزير أول تقنقراطي في شخص السيد إدريس جطو. و إحتجاجا على هذا القرار سيقدم عبد الرحمان اليوسفي إستقالته من الكتابة الأولى للحزب و لكنه سيطلب من المناضلين الإستمرار في الحكومة لإستكمال الأوراش الكبرى اتي بدأتها حكومة التناوب. سيتولى بعد منصب محمد اليازغي كاتبا أول للحزب.

 سنة 2005 سينعقد المؤتمر الوطني السابع للحزب تحت شعار “معا لبناء مغرب حديث”.

 ستشكل إنتخابات 2007 صدمة كبيرة للحزب حيث سوف يتدحرج من الرتبة الأولى إلى الخامسة. و عقد المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية سلسلة من الاجتماعات المتواصلة لتحليل مآل التجربة الديمقراطية على ضوء المستجدات المتسارعة التي ترتبت عن اقتراع 7 شتنبر 2007 و التداعيات التي أفرزها تشكيل الحكومة المكونة بتاريخ 15 اكتوبر 2007، وسجل في بيانه لأكتوبر 2007 ما يلي:

1- لقد صاحبت المفاوضات من أجل تشكيل الحكومة الجديدة، تدخلات في الشؤون الداخلية للأحزاب وتجاوز إرادتها واستقلالية قرارها، واضطراب في إعمال مقتضيات الدستور، وخرق مقتضيات قانون الأحزاب سواء في ما يتعلق بتشكيل الحكومة أو أجهزة مجلس النواب

2- التراجع الحاصل عن مكتسبات المنهجية الديمقراطية والتدخل في ترتيب الحقل السياسي بتوسيع مجال الوزراء اللامنتمين سياسيا، بما سيفضي إلى التشكيك في مصداقية الأحزاب السياسية وإفراغ المؤسسات من محتواها الحقيقي وتركيز للسلطة

3- وجود خيط ناظم ومترابط بين النتائج التي أسفر عنها اقتراع 7 شتنبر، وهندسة الحكومة وعملية تدبير الشأن النيابي الذي عرف وافدا جديدا، يوحي بالعودة إلى أجواء مرحلة كنا نعتقد أن التوافق قد حصل من أجل تجاوزها.

ومن تم قرر الحزب وضع مسافة بينه وبين الحكومة ، تنبني على قاعدة المساندة النقدية.

 في دجنبر 2007 قدم محمد اليازغي استقالته من الكتابة الأولى للحزب. و في نونبر 2008 انعقد المؤتمر الوطني الثامن حيث تم التركيز على قضايا التنظيم و الإصلاحات السياسية والدستورية. و تم انتخاب عبد الواحد الراضي كاتبا أول للحزب.

 و على إثر الإنتخابات الجماعية ليونيو 2009 سجل المكتب السياسي بقلق كبير ما شاب هذه الانتخابات من ضعف في المشاركة، وفي النقاش العلني حول قضايا الديمقراطية المحلية، ومشاريع التنمية والإصلاح، وما شابها أيضاً من استعمال مباشر وغير مباشر للأموال والنفوذ والضغط للتأثير على نتائج الاقتراع، وهو إذ يدين بشدة كل ذلك. كما كانت خيبة أمل كبيرة عودة سيناريوهات الماضي التي توجت بأغلبية ساحقة حزباً جديداً خرج لتوه من رحم النفوذ والسلطة.

 وفي خضم الحراك الذي عرفته الدول العربية سنة 2011 و إمتداده في المغرب عبر حركة 20 فبراير،عرف المغرب منعطفا إصلاحيا هاما اتسم باختيار أسلوب الحوار السلمي حيث إقترح الملك محمد السادس برنامج إصلاح دستوري هام في خطاب 9 مارس 2011. و رفع الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبيةمذكرة للإصلاح الدستوري يكون هدفه بناء دولة الحق والمؤسسات، وتحقيق ديمقراطية تكفل الحقوق والحريات، وتربط بين السلطة والمسؤولية وتجعل الحاكمين محط مراقبة مباشرة للناخبين.وتقدم الاتحاد الاشتراكي بمقترحاته وهو يعتبر أن الإصلاح الدستوري لبنة أساسية في إقامة ملكية برلمانية و بناء الدولة الحديثة، وفي بناء المواطنة والحكامة الديمقراطية.

و إعتبر الإتحاد الإشتراكي مشروع الدستور الجديد “تحولا كبيرا” على المستوى الديمقراطي، حيث أنه من جهة، سيدخل تقاسما للسلطة مع تعزيز دور الوزير الأول وتوسيع سلطات البرلمان مع الاعتراف بوضع حقيقي للمعارضة في إطار نظام ملكية دستورية ديمقراطية برلمانية اجتماعية. و من جهة أخرى تضمن مشروع الدستور الجديد ميثاقا حقيقيا للحقوق والحريات الأساسية الخاصة بالمواطنة المكرسة في المرجعية العالمية لحقوق الانسان، والمساواة بين الرجل والمرأة، وتنظيم الدولة على أساس الجهوية المتقدمة، وثقافة المسؤولية والمساءلة، والاعتراف باللغة الأمازيغية لغة رسمية إلى جانب اللغة العربية وبالهوية المتعددة في المغرب. كما تم رفع القضاء إلى مستوى سلطة مستقلة قصد ضمان حماية حقيقية للحقوق واحترام القانون. و لهذه الأسباب إختار حزب الإتحاد الإشتراكي التصويت بنعم لمشروع الدستور الجديد في إستفتاء يونيو 2011.

 و على إثر الإنتخابات التشريعية لنونبر 2011، قرر حزب الإتحاد الإشتراكي العودة إلى صفوف المعارضة حيث إعتبر المجلس الوطني للحزب أن الانتخابات التشريعية لـ 25 نونبر 2011، رغم ما شابها من خروقات، حددت بشكل واضح معالم المشهد السياسي والحزبي للمرحلة الراهنة، والموقع الطبيعي لكل مكون من مكوناته. وعليه،  وجب احترام إرادة الناخبين والناخبات الذين اختاروا من يرونه معبراً عنهم من موقع الحكومة، ومن يريدونه مجسداً لتطلعاتهم وانتظاراتهم من موقع المعارضة. كما أعلن المجلس الوطني أن عودة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الى المعارضة مصلحة وطنية، وضرورة سياسية لتقدم الديمقراطية المغربية على قاعدة الفرز الواضح للتشكيلات السياسية المتنوعة المرجعيات، وفي اتجاه إرساء تناوب ديمقراطي حقيقي ومكتمل. وبناء عليه، أكد المجلس الوطني أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية مع تكريس تحمل المسؤولية الحكومية انطلاقاً من نتائج صناديق الاقتراع في إطار تناوب ديمقراطي مكتمل، طالما ناضل من أجله، وساهم في إرساء أسسه بتفان ونكران ذات وتحمل واع ومسؤول لتكلفته التنظيمية والجماهيرية.