عادت الحركة الاحتجاجية، في جرادة، بقوة في الأيام الأخيرة، بعد الهدوء النسبي الذي عرفته، على إثر الزيارات الرسمية والوعود التي قدمت فيها، لتؤكد أَن مثل هذه الحركات تتجاوز مجرد «انفجارات» ظرفية، لأن المشاكل التي تعرفها العديد من جهات المغرب، عميقة وبنيوية، وتحتاج إلى حلول استراتيجية وليست تاكتيكية.
يتعلق الأمر بمعضلات تتجاوز المشاكل الظرفية، لأنها شاملة، تهم كل مناحي الحياة، من شغل وتربية وصحة ونقل وسكن، تراكمت وتضخمت ولم تعد تنفع معها المهدئات، بل إنها في حاجة إلى تشخيص دقيق، وعلاج جذري، وهو ما يغيب اليوم في مقاربة الحكومة، التي أعلنت عن بعض الإجراءات لتخفيف الوضع، وهو أمر إيجابي، لكن ما يحدث في جرادة، ليس سوى مؤشر على أزمة في التنمية، تعرفها العديد من الجهات، وتتطلب الوقوف عندها، و تقديم حلول جدية ومستمرة وجذرية.
من المؤكد أن الحكومة مدعوة للتعامل مع مثل هذه الأوضاع، بشكل استباقي، وليس التحرك عندما تنفجر الاحتجاجات، وهذا يعني أَن المغرب في حاجة إلى تقديم أجوبة عن معضلة النموذج التنموي، الحالي، الذي انتقده الجميع، بما في ذلك أعلى سلطة في البلاد، والذي لم يعمل إلا على تعميق الفوارق الطبقية والمجالية.
كل المؤشرات تسير في اتجاه الإنذار، بأن هناك غضبا مكبوتا، قد ينفجر من حين لآخر، في العديد من المناطق، ويكفى أن تنبعث شرارة لانطلاقه، من أجل التنبيه إلى الأوضاع الصعبة والمستعصية التي تعيشها الساكنة، التي تنتظر من السلطات تحمل مسؤوليتها العمومية، والإنصات الجيد للناس، والاجتهاد لحل المشاكل والبحث عن الحلول.
وما يبعث على الأمل، في هذه الصورة القاتمة، هو أَن الاحتجاجات تظل سلمية، وأن قادتها يرفضون إخراجها عن هذا النطاق، بل أكثر من ذلك، فإن المطالب والشعارات المرفوعة، تعبر عن نضج يتطور باستمرار، لأنها تتجاوز الظرفي، وتنتظر الاستراتيجي، أي القضاء التدريجي على النموذج التنموي الحالي، والتوجه نحو نموذج أكثر تجاوبا، مع حاجيات المجتمع، وليس مع حاجيات الرأسمالية، فقط.
الكاتب : يونس مجاهد
تعليقات الزوار ( 0 )