من الظواهر السلبية في الحياة السياسية بالمغرب، أن يتحدث أعضاء أحزاب، في شؤون أحزاب أخرى لا ينتمون إليها، بجمل فارغة من المضمون، كما لو كانوا يصدرون فتاوى، تحتوي على أحكام قاطعة، في قضايا من المفترض فيهم أن يتحفظوا فيها لعدة أسباب، على رأسها احترام أخلاقيات العمل السياسي، التي تقتضي عدم التعرض للحياة الداخلية والأوضاع التنظيمية للأحزاب الأخرى.
غير أن هذه الخصال النبيلة، المتعارف بشأنها، بين مكونات الأحزاب التي تحترم نفسها، لا تجد لها مكانا لدى بعض الأشخاص المنتمين لأحزاب معينة، الذين يتواجدون في الشبكات الاجتماعية، أكثر من تواجدهم في أرض الواقع، لذلك يسمحون لأنفسهم بالتفوه بكلام لا يعتمد على أي أساس منطقي، بل هو عبارة عن انطباعات، كما هو الشأن في أغلب ما يروج في هذه الشبكات.
ولا يهمنا هنا في هذه الملاحظات، أن تصدر هذه الممارسة من أشخاص ينتمون لأحزاب مجهرية، أو حتى لو كانت جماهيرية، فالأهم من هذا وذاك، هو التمعن في الأحكام القطعية التي يطلقونها، من قبيل موت بعض الأحزاب، بخفة ونزق لا تليقان بمن يحاول أن يجد لنفسه مكانا في المشهد السياسي. فبغض النظر عن عدم احترام أخلاقيات العمل السياسي، كان من الممكن الإنصات لمثل هذه الأحكام، لو جاءت من متخصصين في علم الاجتماع السياسي أو باحثين في شؤون الأحزاب، أنجزوا دراسات علمية، وقدموا خلاصاتها للجمهور.
لذلك يمكن القول، إن أصحاب هذه الأحكام الإطلاقية، لا يحترمون حتى الجمهور، لأنهم يقدمون له سلعة فاسدة، هي عبارة عن كلام بدون حجج أو أساس علمي، بل هو تجسيد لمتمنياتهم الراسخة في وعيهم وشعورهم الباطني، المتمثل في القتل المعنوي لأحزاب يحقدون عليها.
ومن الواضح أن ممارسات من هذا القبيل، لا تقدم الحياة السياسية في شيء، بل إنها تؤدي خدمة لا تقدر بثمن لكل من يسعى إلى تبخيس الفعل السياسي، وتقديمه كما لو كان مجرد تبادل مجاني للاتهامات والكلام السيء، في الوقت الذي كان من الممكن انتقاد أحزاب منافسة انطلاقا من مواقفها السياسة وتوجهاتها الإيديولوجية، وليس اللجوء إلى تفريغ الأحقاد النفسية.