تعتبر منظمة اليونسكو، في تقريرها تحت عنوان الاتجاهات العالمية لحرية التعبير وتطور وسائل الإعلام (2017-2018 )، أن ما يحصل على صعيد التواصل الرقمي، يدعو إلى مرافقة الثورة التكنولوجية، من طرف الدول والهيئات، قصد تجنب الآثار السلبية، التي يمكن أن تنتج عن الاستعمال المتزايد لهذا النوع من التواصل، الذي من المفترض أن يكون داعما للحرية والتعدد.
ففي هذا التقرير، تستند المنظمة على دراسات أنجزت بخصوص ما أسمته بالتأثير الذي يلعبه الذكاء الاصطناعي، في توجيه المستعملين، عبر «غرف رجع الصدى» و «الفقاعات» التي لا تعمل سوى تقديم مضامين تساير رغبات وآراء المستعملين، مما يجعلهم حبيسي واقع مفترض، لا يمثل الحقيقة الواقعية، بالإضافة إلى انتشار «الأخبار الكاذبة»، التي تشكل كذلك أحد أخطر تحديات التواصل الرقمي. ويؤكد التقرير كذلك أن استعمال الهاتف النقال، كوسيلة للتواصل الرقمي، قٓلّصَ بدوره من إمكانات الاختيار التي يتيحها الحاسوب.
و في الوقت الذي يمكن فيه للشخص التعامل مع وسائل التواصل التقليدية ( صحف، إذاعة، تلفزة)، وينتقي منها ما يروقه، وهو على اطلاع حول ملكيتها وخطها التحريري، إلا أن هذا غير ممكن في شبكات التواصل الاجتماعي الرقمي، حيث يتم نشر وبث سيل كبير من المضامين، يجهل مصدرها ومن يقف خلفها، وتبدو كما لو كانت مجرد تفاعل عفوي، وهي ليست كذلك، كما يؤثر كل هذا على مبدأ التعدد، حيث تتمكن الشركات والمجموعات الكبرى من الهيمنة على المضامين.
وحسب التقرير، فإن مختلف هذه الإشكالات تخضع حالياً لدراسات من طرف جامعات ومراكز متخصصة ووسائل إعلام دولية، بهدف معالجة آثارها السلبية، غير أن الأهم أيضا هو البرنامج الذي أطلقته اليونسكو، سنة 2013 ، حول التربية على الإعلام، الذي يسعى إلى تعليم الأطفال والشباب، بالإضافة إلى مختلف فئات المواطنين، التعامل الجيد مع وسائل الإعلام، واكتساب الحس النقدي تجاه ما ينشر ويبث، والقدرة على التمييز بين الأخبار الكاذبة وتلك التي تكتسي طابع مصداقية…