يونس مجاهد
من بين القضايا الكبرى، التي تواجه المجتمع المغربي، وضعية المسنين، التي تشير الإحصائيات إلى أَن عددهم يتزايد باستمرار، بحكم واقع ديمغرافي حتمي، مما يطرح مشاكل مضاعفة، سواء من حيث التغطية الصحية والتقاعد والرعاية الاجتماعية، وقد عالجت مجتمعات أخرى، متقدمة، هذه المشاكل، في إطار برامج شاملة للحماية الاجتماعية، في الوقت الذي مازال فيه المغرب بعيداً عن هذه المعالجة الشاملة.
فقد تضاعف عدد المسنين، ثلاث مرات، بين سنة 1960 وسنة 2014، حسب الإحصائيات الرسمية، وانتقل من 836000 شخص إلى 3.2 مليون شخص، وطبقاً للإسقاطات الديموغرافية، سيصل عدد المسنين سنة 2050، حوالي 10.1 مليون شخص.
وإذا كان من المفترض أن المسنين، الذين يبلغون سن التقاعد، ينتهون في أغلبيتهم الساحقة من مزاولة العمل، فإن الواقع في المغرب مختلف، حيث إن 59.7 بالمئة هم أرباب أسر، أي أنهم مازالوا مضطرين للاشتغال، حسب إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط، وتفيد المعطيات الرسمية، كذلك، أن 85 في المئة من المسنين، لا يتوفرون على تغطية اجتماعية وصحية.
من المفترض أن تكون هذه الأرقام بمثابة ناقوس خطر، على نظام الحماية الاجتماعية في المغرب، خاصة وأن الجدل يكثر حول بعض إشكاليات التقاعد، وهو مشكل حقيقي، ليس بالنسبة لبعض الفئات والشخصيات، فقط، بل يكاد يكون شاملاً، لشرائح واسعة من المجتمع، مما يعني أن هناك خصاصاً في بنية المنظومة الحمائية الاجتماعية، يحتاج إلى وقفة حقيقية، حتى تتحمل الحكومة ومختلف المؤسسات المعنية، مسؤوليتها، وحتى لا ينحرف النقاش عن مضمونه الحقيقي، باعتباره إشكالية مجتمعية وليست مجرد حالات خاصة.
ويمكن القول، إن الجدل الذي عرفه المغرب حول مشاكل الحماية الاجتماعية، وهو جدل مازال متواصلاً، يطرح قضية أعمق، تتمثل في دور الدولة، داخل مجتمع في حاجة إلى أنظمة ناجعة وقوية للتقاعد والرعاية الصحية والتكافل والتضامن، وهو الإصلاح الأكبر الذي من المفترض أن يرافق أي تصور لنموذج تنموي جديد.
تعليقات الزوار ( 0 )