أعطت العديد من وسائل الإعلام أهمية استثنائية، لتعادل المنتخب السوري لكرة القدم في الوقت القاتل مع نظيره الإيراني، في مباراة جمعتهما بطهران برسم التصفيات الآسيوية لمونديال 2018، ليبقي على حظوظه للتأهيل، ليس لأن الأمر يتعلق بمنتخبين كبيرين ومشهورين في عالم كرة القدم، بل لأن مشاركة المنتخب السوري في هذه التصفيات، أخذت بُعداً سياسياً واضحاً.
وتجلى هذا البُعد في الاحتفالات التي شهدتها مختلف المحافظات السورية، بسبب هذا التعادل مع المنتخب الإيراني، حيث خرج الناس للشوارع، يرفعون الأعلام السورية، حسب ما نقلته القناة الأمريكية، CNN، وكذلك القناة الروسية RT.
ويبدو أن كرة القدم والرياضة، بصفة عامة، تشكلان متنفساً حقيقياً للسوريين، ومجالاً للتعبير عن انتمائهم لنفس الوطن، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد منذ ست سنوات. وقدمت إذاعة البي بي سي، تقريراً مفصلاً عن واقع الرياضة في سوريا، التي تواصل تطورها، رغم الوضع غير المستقر، حيث ينتظر السوريون تأهل منتخب الذكور لنهاية كأس العالم في كرة القدم، وأيضا منتخب الإناث الذي يستعد للتأهل، للمشاركة في النهائيات العالمية لهذه اللعبة.
يحدث كل هذا، بموازاة المعارك المشتدة في دير الزُّور، حيث تمكن الجيش السوري من إحداث اختراق كبير في الحصار الذي كانت «داعش»، تضربه حولها، ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن أحد مراسليها في المدينة، أن الناس خرجوا في الأحياء المحررة من إرهابيي ما يسمى بالدولة الإسلامية، رافعين الأعلام السورية، يلقون التحية على بعضهم «صباح النصر»، بدل صباح الخير.
ويعتبر جيرار شاليان، وهو أحد الباحثين المشهورين في القضايا الجيوستراتيجية، أن نهاية «داعش» في سوريا باتت وشيكة، ويبقى للنظام السوري مهمة أخرى هي القضاء على «النصرة» التي هي الاسم الآخر لتنظيم «القاعدة»، الذي يسيطر على إدلب، ليهيمن النظام على «سوريا المأهولة بالسكان».
وقد سلّم سفير أمريكا السابق في دمشق، روبرت فورد، بانتصار بشار الأسد، وهو السفير الذي قاد أول الأحداث ضد النظام السوري، سنة 2011. غير أن السؤال الذي سيظل مطروحاً، هو هل ستستعيد سوريا وحدتها، لأن هناك قوى خارجية تقتسم النفوذ فيها، وعلى رأسها أمريكا وتركيا وروسيا وإيران، وهذا الوضع سيكرس عملية التقسيم.
ربما تكون الوحدة الوطنية، التي ظهرت في كرة القدم، مؤشرا على قدرة الشعب السوري، تجاوز تحديات التقسيم، واستعادة وحدته، والنضال السلمي من أجل تحقيق الديمقراطية.
الكاتب : يونس مجاهد
تعليقات الزوار ( 0 )