من المفترض أن تقدم الاحزاب السياسية مشاريعها، بخصوص تصورها للنموذج التنموي، الذي ينبغي أن يعطي دفعة قوية للمغرب، على مختلف المستويات الاقتصادية والاجتماعية والتربوية والثقافية، والامر لا يتعلق بمخطط للتنمية، بل بمشروع مجتمعي كبير، يحدث قطائع مع عدد من المسلمات والمقاربات التي تمت لحد الان.
لذلك يفترض هذا النموذج تصوراً لتغيير جذري، أولاً وقبل كل شيء، الذي لا يمكن أن يحصل الا في نمط التفكير الذي تحكم في معالجة الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية السائدة،وهي مهمة تستدعي مساءلة شاملة، على المستوى السياسي.
فعلى صعيد المنظومة السياسية، هناك قضايا مرتبطة بالنموذج التنموي، من الضروري طرح أسئلة كبرى حولها، مثل الاسس الاجتماعية التي ارتبطت بالبنية السياسية، والتي أنتجت واقعاً ملموسا، يتمثل في شبكات الزبونية والولاءات والعلاقات النفعية، بكل روافدها من ريع ورشوة وفساد. وانعكست هذه البنية في المؤسسات التمثيلية المحلية والجهوية والوطنية، بكل تداعياتها السلبية على الاقتصاد والمجتمع.
ومن المعروف، في الدراسات التي أنجزت على البنية السياسية والمجتمعية المغربية، أن اختيار النخب وصعودها، كان مرهوناً، في أغلب الحالات، بوجود روابط غير موضوعية، تسودها العلاقات الشخصية، في إطار منظومة تبادل المصالح والتوافقات النفعية أو التفاهمات السياسية والولاءات الإيديولوجية.
وقد حاول الدستور وضع أسس جديدة، تعتمد مبادئ الشفافية والنزاهة والحكامة، وسيادة منطق المصلحة العامة والمرفق العمومي، وغيرها من مقومات الموضوعية والمحاسبة، غير أن القوانين والإجراءات ونظام التقاليد والأعراف الراسخة، مازالت قوية تحُول دون تطبيق هذه القواعد.
فهل يمكن أن نتصور نموذجاً تنمويا جديدا، دون القضاء على هذه البنية؟ وما هي النتائج المُحتملة على الصعيد السياسي، إذا تمت زعزعة مثل هذه البنيات التي شكلت أركان النظام السائد؟
من غير الممكن تصور أي نموذج تنموي جديد، دون مساءلة البنية السياسية/ الاجتماعية، وإلا فإن الأمر لا يعدو كونه رتوشات على مخططات التنمية، لا أقل ولا أكثر.
الكاتب : يونس مجاهد
تعليقات الزوار ( 0 )