من المؤكد أن الهجرة الإفريقية، نحو أوروبا، ستزداد حدة ولن تتوقف مادامت هناك شروط موضوعية، تدفع المواطنين الأفارقة للبحث عن ملاذات جديدة، هرباً من الهشاشة والفقر وانسداد الآفاق.
على أن معالجة هذه الظاهرة الإنسانية تطرح إشكالات متعددة، تعاني منها -على الخصوص- البلدان المغاربية، التي تشكل المعبر الأخير، من إفريقيا نحو أوروبا.
لذلك تسير العلاقات الأوروبية-المغاربية، على إيقاع هذه الظاهرة، بحثا عن أجوبة وحلول، وإن اختلفت المقاربات من بلد لآخر، سواء في شمال المتوسط أو في جنوبه، تبعاً لطبيعة الدولة وتقاليدها في التعامل مع المهاجرين واستعداداتها لاحترام الاتفاقيات الدولية في هذا المجال.
ولئن كان المغرب سلك طريقا مختلفة تماما عن البلدان المغاربية الأخرى، من أجل إدماج المهاجرين الأفارقة، بيْد أن هناك بلدانا، لم تغير من سياستها التقليدية، في مواجهة الظاهرة، خاصة الجزائر، التي كشف تقرير جديد، صدر نهاية شهر يونيو الأخير، لمنظمة «هيومن رايتس ووتش»، عن المعاملة اللاإنسانية التي تمارسها سلطات هذا البلد على عشرات المهاجرين الأفارقة، حيث يتم تجميعهم ورميهم في الصحراء، بدون طعام وبقليل من الماء، ومنهم من تعرض على يد الشرطة الجزائرية للضرب وسرقة أمواله وهاتفه النقال.
فبالإضافة إلى الوضع المرتبك في ليبيا، الذي نتجت عنه ممارسات لاإنسانية تُجاه المهاجرين، هناك هذا الوضع في الجزائر، الذي يتميز بالقسوة والممارسات المذلة إزاء المهاجرين الأفارقة، الأمر الذي ينبغي أن يعالَج داخل القارة الإفريقية ومع أوروبا.
فإذا كانت الدول الأوروبية، تطرح اليوم، مشروعا غريبا لإقامة مراكز لإيواء هؤلاء المهاجرين، في البلدان المغاربية، فإنها -عملياً- تغض الطرف عن اختلاف السياسات المتبَعة في هذه البلدان، لأن سياسة الإدماج التي ينهجها المغرب، ليست هي سياسة القمع والتهجير التي تنهجها بلدان مغاربية أخرى.
وعليه، فمن غير الممكن معالجة الملف، بهذه المقاربة الأوروبية، التي لا يهمها سوى تأمين حدودها، في الوقت الذي كان عليها أن تتعامل مع هذه الظاهرة، بمقاربة أخرى، أكثر إنصافا وعدالة وسَعة أفق، فثمة ملاذات مغاربية أرحم بكثير.
الكاتب : يونس مجاهد
تعليقات الزوار ( 0 )