صوت المناضلين أقوى من الوصاية، والنقاش الديمقراطي هو طريق المستقبل
في لحظة سياسية اتسمت بالوضوح والاعتزاز، وجّه الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الأستاذ إدريس لشكر، رسائل قوية خلال ترؤسه أشغال المؤتمر الإقليمي الخامس للحزب بالناظور، مؤكداً أن الاتحاد الاشتراكي يظل حالة استثنائية في المشهد الحزبي المغربي، ليس فقط بتاريخ نضالاته، بل بنموذجه الديمقراطي الداخلي القائم على النقاش، والاختلاف، والمسؤولية الجماعية.
وأكدالكاتب الأول ادريس لشكر – بنبرة تعكس ثقة راسخة في اختيارات الحزب – في كلمته خلال ترأسه أشغال المؤتمر الاقليمي الخامس للحزب بالناظور المنعقد الثلاثاء 15 يوليوز 2025 تحت شعار «الرهان على الموقع الاستراتيجي للناظور، بوابة متوسطية منفتحة وقاطرة السكة التنموية، أن الاتحاد الاشتراكي هو الحزب الوحيد في المغرب الذي يفتح فضاءاته الحزبية للتفكير الجماعي، ويمنح مناضليه ومناضلاته الحرية الكاملة في النقاش والمساءلة وصياغة التصورات. «نحن لا ننظم مؤتمرات شكلية، بل نقاشات حقيقية حيّة مع المواطنات والمواطنين حول انتظاراتهم وتطلعاتهم»، يقول الكاتب الاول ادريس لشكر، في إشارة إلى أن التنظيم الداخلي للحزب لم ينفصل قط عن المشروع المجتمعي الديمقراطي الذي يحمله منذ عقود.
وفي معرض كلمته، شدد الكاتب الأول على أن النقاش داخل الاتحاد ليس مصدر انقسام، بل عنصر قوة متجدد، يعكس عمق الالتزام الحزبي بقيم التعدد والتفاعل البناء. «الاختلاف داخل حزبنا ليس انشقاقاً، بل دليل صحة فكرية وسياسية»، يضيف لشكر، داعياً إلى تحويل هذا النقاش الداخلي إلى طاقة إيجابية تُترجم في برامج واقعية وتحضيرات جماعية لخوض الاستحقاقات المقبلة بما يلائم رهانات المرحلة القادمة.
وفي ردّ صريح على بعض الحملات التي تستهدف الحزب ومناضليه، قال الاستاذ ادريس لشكر إن الاتحاد الاشتراكي لم يتعوّد التراجع أو الانحناء أمام الضغوط، مؤكداً أن الحزب قاوم تاريخياً كل أشكال الظلم والاستبداد، وسيظل صامداً في وجه كل من يحاول التشويش أو الاصطياد في الماء العكر. «نحن حزب المقاومة والكرامة… لن نتراجع ولن نتنازل عن حماية مناضلينا ومنتخبينا»، قالها بوضوح، موجهاً رسائل إلى من يعتقدون أن الاتحاد يمكن احتواؤه أو إخضاعه.
أما عن استقلالية القرار الحزبي، فقد كانت رسالة الاستاذ لشكر قاطعة: «الاتحاد الاشتراكي ليس رهينة أحد، ولا يقبل أي وصاية من داخل أو خارج الحزب»، مبرزاً أن كل خطوات الحزب واختياراته تنبع من إرادة مناضليه، الذين قال إنهم من يقررون، وهم من يمنحون للحزب شرعيته السياسية والتنظيمية. وأكد أن المؤتمر الإقليمي الخامس بالناظور لم يكن سوى مثالاً على هذه الدينامية الديمقراطية، حيث اجتمع المناضلون والمناضلات ليقولوا كلمتهم بحرية، ويحددوا ملامح المرحلة المقبلة بمنطق الحوار لا الإملاء.
هكذا، جعل الاستاذ إدريس لشكر من مؤتمر الناظور محطة للبوح السياسي والتنظيمي، كاشفاً عن جوهر الاتحاد الاشتراكي: حزب نابع من الناس، لا يسير بأوامر فوقية، ولا يتوارى خلف حسابات ضيقة. حزب يُحاور قواته الشعبية، ويُنصت لمناضليه، ويصوغ مستقبله بأدوات الديمقراطية الداخلية.
وإن كان هذا ما خلُص إليه الاستاذ ادريس لشكر بشأن هوية الحزب، فقد امتدت كلمته لتشمل قضايا أخرى لا تقل أهمية، أبرزها الوضع التنموي في الجهة الشرقية، والتفاوتات المجالية، وضرورة تحفيز الاستثمار العمومي العادل، وهي عناصر تناولها بنَفَس استراتيجي سنفصل فيها لاحقاً، بعد أن نكون قد وضعنا بوصلة الحزب في موقعها الصحيح: صوت المناضلين أولاً، والاختلاف طريق الوحدة، والديمقراطية الحقيقية هي عنوان الاتحاد.
وأوضح الاستاذ لشكر أن الاتحاد الاشتراكي قام بعمل جبار بالجهة الشرقية، في عهد حكومة التناوب بقيادة الفقيد عبد الرحمان اليوسفي، وقاد حوارا وطنيا أنذاك حول الاقتصادات الحدودية ومساهمتها في التنمية المحلية. مشيرا أن هناك تفاوتات مجالية كبرى بين الجهات على كافة المستويات، بحيث توجد جهات تعاني في صمت وتفتقد لأدنى التجهيزات الاساسية والخدمات العمومية وتجعلنا نشعر بالحسرة، وهناك جهات قوية بموارد كبيرة وتجهيزات وبنيات أساسية متكاملة، مما يكرس التفاوتات واللاعدالة مجاليا وترابيا.
وشدد الاستاذ لشكر، أن الجهة الشرقية تعاني من ضعف الاستثمارات يمكن القول عنها «أنها غير منصفة وغير عادلة» وتطالب اليوم بعدالة مجالية وترابية، وبالتالي يجب العمل على فتح أوراش كبرى وبرامج مهيكلة تحضيرا للمستقبل، موضحا أن الجهة تتوفر على كل الامكانيات التي تجعل منها جهة مساهمة في الناتج الداخلي الخام وتنمية الاقتصاد الوطني.
تعليقات الزوار ( 0 )