في أجواء طبعها الحماس والجدية، ترأس الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إدريس لشكر، اجتماع المجلس الوطني للحزب، الذي انعقد بعد اختتام أشغال اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الثاني عشر المرتقب في أكتوبر المقبل. وقد ناب لشكر في ترؤس هذا الاجتماع عن رئيس المجلس الوطني، الحبيب المالكي، الذي تعذر عليه الحضور بسبب وعكة صحية مفاجئة.
إشادة بالمستوى التنظيمي والفكري
وفي كلمته الافتتاحية، عبر الاستاذ إدريس لشكر عن اعتزازه العميق بالمستوى الفكري والتنظيمي الذي بلغته وثائق المؤتمر، بفضل العمل الجاد للجان الموضوعاتية المنبثقة عن اللجنة التحضيرية، والتي قدمت تقاريرها خلال الاجتماع، مؤكداً أن هذه الوثائق تعكس نضجاً حزبياً واستعداداً جماعياً لاستشراف المستقبل بثقة.
الماء أولوية وطنية
ووجه الكاتب الأول للحزب نداءً قوياً إلى الحكومة لتسريع تنفيذ المشاريع المتعلقة بالماء، مشيراً إلى أن معاناة عدد من المناطق المغربية، خصوصاً خلال جولاته الأخيرة في الشمال والشرق والجنوب، أصبحت “كارثية” نتيجة الجفاف المزمن. وأضاف أن الأمن المائي أصبح اليوم قضية استراتيجية تمس الحق في الحياة، مما يستوجب تحركاً عاجلاً لتأمين الماء الشروب ومياه السقي، خاصة للفلاحين والمناطق القروية.
ولم تقتصر مطالبه على الماء فقط، بل دعا الحكومة أيضاً إلى تسريع وتيرة برامج الفلاحة والبنيات التحتية الطرقية، التي تظل مرتبطة ارتباطاً مباشراً بالعدالة المجالية والتنمية المستدامة.
دينامية تنظيمية غير مسبوقة
من الناحية التنظيمية، كشف لشكر أن الحزب تمكن من عقد 40 مؤتمراً إقليمياً منذ انطلاق الإعداد للمؤتمر الوطني، مشيراً إلى أن 18 إقليماً لا تزال مبرمجة، فيما لم تُحدد بعد تواريخ مؤتمرات 16 إقليماً آخر، داعياً إلى التنسيق العاجل مع الإدارة الحزبية لضمان انعقادها في أقرب الآجال.
وفي سياق متصل، أعلن أن عدد الاستمارات الجديدة للعضوية التي توصل بها الحزب فاق 42 ألفاً، مؤكداً أن هذا الرقم مرشح للارتفاع، مما يعكس بحسب تعبيره “الإقبال المتزايد على الحزب والثقة المتجددة فيه كقوة سياسية وطنية”.
خلل في توازن المؤسسات بعد انتخابات 2021
في بُعد سياسي عميق، اعتبر إدريس لشكر أن انتخابات 2021 أفرزت اختلالاً في التوازن المؤسساتي، خاصة في المؤسسة التشريعية، حيث أشار إلى أن “لأول مرة في تاريخ البرلمان لا يمكن تأسيس لجنة تقصي الحقائق، بسبب تغول الأغلبية وانعدام شروط التوازن”، وهو ما وصفه بـ”مؤشر سلبي يستدعي الوقوف عنده من منظور دستوري دقيق”.
كما شدد على أن تفعيل الدستور وحده لا يكفي، ما لم تقترن الممارسة السياسية بإرادة حقيقية لاحترام التعددية وتفعيل آليات الرقابة البرلمانية.
إشادة بالفريقين البرلمانيين والإعلام الحزبي
وأشاد الكاتب الأول بعمل الفريقين الاشتراكيين بمجلسي النواب والمستشارين، معتبراً أن دورهما الرقابي والتشريعي كان حاسماً في الدفاع عن القضايا الاجتماعية والحقوقية، إلى جانب التنويه بـ”الإعلام الحزبي الذي ظل حاضراً في المشهد السياسي، متصدياً للمغالطات، وكاشفاً للمناورات السياسوية”.
نحو محطة انبعاث جديدة
وختم إدريس لشكر كلمته بالتأكيد على أن المؤتمر المقبل للحزب سيكون محطة لانبعاث جديد لحزب الاتحاد الاشتراكي، داعياً إلى الاستعداد من الآن للاستحقاقات المقبلة، سواء التنظيمية أو السياسية أو الانتخابية، بروح جماعية وبمسؤولية عالية.
كما أعلن عن قرب انعقاد اللجنة الوطنية للانتخابات، التي ستتولى تحديد المعايير والمقاييس المتعلقة باختيار المرشحين في الانتخابات المقبلة.
بهذه الرسائل الواضحة والهيكلة التنظيمية المتقدمة، بدا حزب الاتحاد الاشتراكي اليوم على أعتاب مرحلة سياسية جديدة، شعارها: الوضوح، التوازن، والانبعاث الديمقراطي.
تعليقات الزوار ( 0 )