احتضن منتجع سيدي بوزيد، يوم الجمعة الماضي، المؤتمر الإقليمي السادس، الذي التأم فيه الاتحاديات والاتحاديون لإعادة بناء صرح وطني كان الكثير يعتبره قد دفن إلى الأبد، لكن اتحاديي الجديدة وبتوجيه شخصي وخاص من الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية استطاعوا إعادة إحيائه، وكطائر الفينيق انبعث من رماده ليطير في الأعالي وليحتضن جماهيره من جديد، هي نفسها الجماهير اليوم التي تحملت عبء السفر والحرارة المفرطة وقدمت من كل الجهات لتشهد على ولادة جديدة بإقليم كان إلى عهد قريب منبعا للمقاومة ومحتضنا للحركة الوطنية وعلى رأسها حزب القوات الشعبية.

وفي كلمة إدريس لشكر، الكاتب الأول للحزب، والذي كان يقاطع بالتصفيقات والشعارات، أكد أن المؤتمر يراهن بداية على إعادة البناء التنظيمي، وذلك بفتح باب الانخراط أمام الكفاءات والنخب من مثقفين ورجال الأعمال وعموم المواطنين الذين يمكنهم المساهمة في إقلاع حزبي حقيقي بالإقليم، يسهم في بناء أداة تنظيمية قوية قادرة على الانخراط في المعارك السياسية المقبلة أمام التغول الذي يقوده حاليا بعض من رجال الأعمال في محاولة لطمس معالم إقليم كان، إلى حدود الأمس القريب، يضم خيرة الشباب والفلاحين والعمال والأطر التي أسهمت في بناء إقليم قوي اقتصاديا وسياسيا وماليا.

وأضاف أن مؤتمر دكالة السادس يراهن على البعد التنموي لإقليم يعيش انتعاشة حقيقية في مجال الاستثمار، لكن أمام إكراهات قوية في الحاجة إلى زحزحتها، وذلك لصياغة الحلول الكفيلة بتطوير الاستثمار الذي وضع لبنته جلالة الملك بكل من المهارزة الساحل التي تضم اليوم مشروع أكبر محطة لتحلية الماء، والتي ستُمد البيضاء وسطات وخريبكة بالماء الصالح للشرب، وأيضا المنطقة الصناعية الدولية بالجرف الأصفر التي ستضم كبريات العلامات التجارية الدولية الأمريكية والصينية والكورية والأوروبية، إضافة إلى الحظيرة الصناعية بالغديرة، وذلك من أجل تحقيق التنمية المندمجة التي يدعو إليها جلالة الملك، بعيدًا عن التغول الاقتصادي الذي تحاول بعض الجهات تبنيه، بما فيها المؤسسات الرسمية.

وأكد أن الجديدة اليوم في حاجة ماسة إلى العقلانية لبناء سياسة تشغيل قوية، يُراعى فيها تشغيل أبناء المنطقة أولًا، خاصة وأن العمل قد انطلق في الحظيرة الصناعية بالجرف بتشغيل معمل لصناعة البطاريات يعتبر الأكبر من نوعه على الصعيد العالمي.

وطالب الكاتب الأول بتسريع البت في ملفات الشركات الكبرى التي وضعت ملفاتها من أجل الاستثمار في الجرف الأصفر، حتى تسهم هذه الشركات، إلى جانب المكتب الشريف للفوسفاط، في بناء اقتصاد قوي وعمالة مجالية بإقليم يعاني من الفوارق.

وأضاف أن المؤتمر الإقليمي للحزب يراهن على المجال، حيث يعرف الإقليم تفاوتات مجالية تُعرقل الفعل التنموي، فالمؤتمر اليوم يطمح من خلال أطره ومناضليه بالجديدة وبتنسيق مع قيادة الحزب جهويا ووطنيا، إلى أولا، صياغة الآليات الناجعة الكفيلة بتحقيق التوازن المجالي، وتفعيل مبادئ التسويق الترابي باعتباره رافعة ناجحة لجلب المستثمرين للاستثمار بإقليم يتوفر على مؤهلات مهمة لا ينقصه سوى التوظيف التنموي الجيد، دون أن نغفل وثائق التعمير التي تشكل عرقلة حقيقية أمام المستثمر، إضافة إلى العراقيل الإدارية التي يتم خلقها من أجل رفع اليد ومغادرة المنطقة.

ويراهن الحزب على أن يكون المؤتمر السادس – يضيف الكاتب الأول –انطلاقة جديدة لمحاربة الفساد والمفسدين، والتغول والمتغولين، وأداة للتواصل مع المحيط الحزبي، وذلك بفتح نقاش حقيقي مع المجتمع المدني، ومع كل المناضلين الذين كانوا يشكلون نواة نضالية قوية، من أجل عودتهم إلى حضنهم الأبوي للمشاركة في البناء والتجديد والعمل القوي.

واختتم كلمته أن المؤتمر الإقليمي يراهن على الحد من الفوارق على المستوى الاجتماعي، وذلك بجعل الصحة أولوية في أجندتنا، طبقًا للورش الملكي المفتوح لتعميم التغطية الصحية، حيث ما زال إقليم الجديدة يعاني من غياب مستشفيات القرب، ودور الولادة، ومستوصفات قروية تُقرب الصحة من المواطن، الذي يعيش فوارق كبيرة في المجال.

كما أن تعميم التعليم بالإقليم ما زال متعثرا جراء غموض في السياسة التعليمية محليا وإقليميا، وذلك جراء بُعد التعليم عن الطبقات الفقيرة، وغياب سياسة واضحة من طرف المديرية الإقليمية للتعليم، في الوقت الذي يعمد مسؤولها الإقليمي، الذي صُبغ بلون الحزب الأغلبي في آخر تعديل حكومي، إلى اعتماد سياسة الكيل بمكيالين في مجال توزيع البنايات المدرسية في العالم القروي. علما أن الربط بين القرى والدواوير، إذا ما استثنينا بعض الطرق بجماعة مولاي عبد الله أمغار والقواسم وأزمور والجديدة، فإنه ما زال ضعيفًا وبشكل نقطة سوداء في مجال حوادث السير، كما أن بعضًا من الدواوير تعاني من العزلة التامة جراء نقص المواصلات.

وتعيش الرياضة في الجديدة وضعًا كارثيًا جراء الغموض في التسيير في بعض الفروع، ومنع الفعاليات من الانخراط في التسيير، واستحواذ البعض على المركبات الرياضية والمنح دون أي نتائج تُذكر، في الوقت الذي تعيش بعض الفروع المتألقة على الكفاف والعفاف والصدقة.

أما بخصوص الثقافة، فالجديدة تضم اليوم عددا لا يُستهان به من المثقفين والكتاب والفنانين، لكن وزارة الثقافة غائبة بفعل فاعل، ذلك أنه حتى المهرجانات الثقافية والسينمائية والمعارض الفنية تعتمد على أصحابها، في الوقت الذي تظل فيه الوزارة الوصية عبارة عن “بناية رسمية” لا غير.

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

اهم ما جاء في كلمة الكاتب الاول خلال المؤتمر الاقليمي السادس للحزب بعين الشق

الاتحاد والقضية الوطنية، لا مجال للمزايدة السياسية..

خلال المؤتمر الاقليمي السادس للحزب بالجديدة

رئيس الفريق الاشتراكي يوسف إيدي: غرف الصناعة التقليدية تعاني من استقلال أجوف