أكد الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الأستاذ إدريس لشكر، أنه رغم المحاولات والمناورات التي قامت بها الأغلبية الحكومية لنسف مبادرة ملتمس الرقابة والتصرفات الخاطئة لبعض الأطراف في المعارضة، والتي حاولت إجحاف الاتحاد الاشتراكي في مبادراته، فإن الاتحاديات والاتحاديين أعلنوا في المجلس الوطني الأخير أنهم سيحولون ملتمس الرقابة إلى ملتمس رقابة شعبية خارج جدران البرلمان، بل سيتم النزول به في مختلف المدن والجهات والأقاليم.
وأوضح لشكر، في كلمته خلال أشغال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الإقليمي السابع بخريبكة، المنعقد يوم الأربعاء 9 يوليوز 2025 تحت شعار “ثروة الإقليم: رافعة اقتصادية ودعامة اجتماعية”، أن كل المؤتمرات التي عقدها الحزب في كافة أرجاء الوطن، هي ملتمسات رقابية شعبية تبدأ بمناقشة ما هو وطني ثم تتحول إلى مناقشة ماهو إقليمي ومحلي وما يعيشه المواطنات والمواطنون من ضرب قدرتهم الشرائية ومن غلاء الأسعار وتفشي بطالة، وما تعرفه مجالات الصحة والتعليم والخدمات العمومية من تراجعات، مشيرا إلى أن ما قدمه رئيس الحكومة بالبرلمان في الجلسة الشهرية مجرد أرقام بعيدة عن ما يعيشه المواطنون في مجال الصحة.
وأضاف لشكر، “إن ما نخشاه على صحتنا الوطنية اليوم هو أن يتم تفويتها للقطاع الخاص، وأن المستشفى العمومي يتعرض لمؤامرة، تبتدئ من أن كل التمويلات التي تأتي من جيوب دافعي الضرائب والتي يفترض أن تذهب إلى القطاع الصحي، اليوم 93 في المئة من هذه الاعتمادات تذهب إلى القطاع الخاص والمستشفيات الخاصة ولا يذهب للمستشفيات العمومية سوى 7 في المئة.”
وشدد لشكر على أن هناك فئة بدأت تتاجر بأموال الصحة وتعرض الصحة العمومية للمغاربة إلى الخطر، خدمة للوبيات كبرى والتوجه نحو الريع والاغتناء على حساب المواطن وصحته، بعد أن يتم احتكار هذا القطاع. موضحا أنه بعد الاغتناء من “الفراقشية” وريع التجهيزات العقارية يأتي الدور على القطاع الصحي وما يتعرض له اليوم من خوصصة وتحويل الاعتمادات المالية لأمور أخرى، ومثال ذلك الاجتماعات التي عقدتها مجالس الجهات من أجل تحويل الاعتمادات المالية نحو مجالات أخرى، بمنطق يُوحي بالتغوّل، وهو ما يطرح تساؤلات حول الجدوى والأثر على الساكنة المحلية، بل ويثير الشكوك حول ما إذا كانت لهذه التحويلات علاقة بشخصيات نافذة في البلاد.
وسجل الكاتب الأول أن البحث في هذه التمويلات يقود إلى “أن المستفيد منها إما متواجد في قطاع الصحة أو السكن…، مما يفرض على الحكومة أن تخرج عن صمتها وتكشف بالأرقام المقاولات المتوسطة والصغرى المستفيدة من التمويل والبرامج الأخرى كبرنامج “أوراش” و”فرصة”، التي وجد بموجبها مئات الشباب الطموح نفسه عرضة للسجن.”
كما أكد لشكر أن مشاريع قوانين مهمة وذات أولوية يجري الحديث عنها دون أن تحيلها الحكومة على أنظار البرلمان، مسجلا أن مشروع القانون المنظم لقطاع الصحافة أحيل بسرعة فائقة وتطلب المناقشة فيه بكل استعجال، وهذا أمر يدعو للاستغراب والتساؤل، في وقت تمارس الحكومة أسلوب التلكؤ في مشاريع قوانين أخرى كمدونة الأسرة التي أحدثت لها لجنة للمراجعة بتوجيهات ملكية سامية. مضيفًا أن “مشاريع قوانين لم يُتداول فيها بعد داخل المجلس الحكومي، المقرر انعقاده يوم الخميس، يُجرى بشأنها اتصالات مع النواب البرلمانيين من أجل مناقشتها والتداول فيها بعد غد”. وشدد المتحدث، في هذا السياق، على أن ذلك يعتبر تحقيرا لعمل المؤسسات والتغول الذي تمارسه هذه الحكومة والمس بحقوق المعارضة، مضيفا أنه لا يمكن الحديث عن حقوق المعارضة وعن برلمان ديمقراطي والحكومة تدبره كما تشاء وأحيانا ضد التوجيهات الملكية. مشيرا إلى أن آثار التغول الحكومي انعكست في “اللهطة” التي أصبحت لدى الأطراف الحكومية في ما يتعلق بالملايير التي يتم توفيرها من جيوب دافعي الضرائب، موضحا أن هذه “اللهطة” توصل الأطراف الحكومية إلى صراع خطير يظهر جليا داخل المؤسسة التشريعية، بحيث حينما يحضر وزير من أحد أطراف الأغلبية يغيب وزراء الطرف الثاني فيها، وبالتالي غياب التجانس والانسجام وانطلاق الصراع الحزبي الضيق. مؤكدا على ضرورة تدخل الدولة لوقف ما تعرفه الجهات والأقاليم من صراع لمحاولة استمالة الناخبين بكل الأساليب والتحضير غير الجيد للاستحقاقات القادمة. داعيا الدولة إلى تحمل مسؤوليتها في هذا السياق، بحيث يلاحظ أن هناك من يستعد للانتخابات في القطاع الفلاحي والقطاع الرياضي وقطاع الشغل من الميزانية العامة، وبالتالي يجب التدخل، بكل حزم، لتصحيح هذا الوضع وإجراء انتخابات نزيهة وديمقراطية.
وأضاف الكاتب الأول أن بعض الوزراء تحولوا إلى مكلفين بحملات انتخابية للأحزاب، سواء في التعيينات أو الترقيات، وهو ما من شأنه أن يمس بمصداقية بلادنا مشددا على أنه يجب على كل المناضلات والمناضلين إعمال الحذر واليقظة والتعبئة سواء في ما يتعلق بالاستحقاقات المقبلة أو بناء الذات الحزبية والعمل على الانخراط في المجتمع المدني والمشاركة في كل القضايا التي تهم جميع فئات الشعب المغربي، داعيا كافة الاتحاديات والاتحاديين إلى التشجيع على انخراط الشباب والنساء، وحث المواطنات والمواطنين بإقليم خريبكة على الانخراط في الحزب ومواصلة هذه الدينامية التنظيمية استعدادا لكل الاستحقاقات والتوجه نحو المستقبل بكل أمل وتفاؤل وجدية ومسؤولية.
وأشار لشكر إلى أن بلادنا حققت الشيء الكثير من أمن واستقرار واطمئنان وتقدم ونجت من كل الأعاصير، التي ضربت بلدان أخرى، عاشت الانقسام والتشتت والقتل وعدم الاستقرار، مشيرا إلى أن بلادنا حققت الاستقلال في عهد المغفور له الملك محمد الخامس، وأيضا قطعت أشواطا كبيرة في عهد الملك الراحل الحسن الثاني من أجل الوحدة، واليوم بلادنا في عهد جلالة الملك محمد السادس في معركة من أجل تثبيت هذه الوحدة وضمان الأمن والاستقرار وتحقيق التنمية وترسيخ الديمقراطية.
وأوضح لشكر أن المغاربة اليوم قاطبة جسدوا جميعا تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس، نموذجا لتثبيت الأمن والاستقرار والوحدة وإطلاق مشروع تنموي حقيقي، وبالتالي “لا يمكن إلا أن نعتز ونبتهج بما وصلت إليه قضية وحدتنا الترابية وما تحقق من مكتسبات رغم غدر الجيران ومناورات الخصوم ومحاولة زعزعة استقرار بلادنا من قبل الجزائر وصنيعتها البوليساريو.” مشيرا إلى أنه أمام مجلس الأمن والمنتظم الدولي ما زالت الجزائر وصنيعتها البوليساريو تمارسان الاستفزازات والمناورات ضد وحدتنا الترابية وآخرها العمل الإرهابي بالسمارة وبالقرب من بعثة المينورسو، وخلص إلى أن الديبلوماسية المغربية تعمل بكل جدية ومسؤولية وحققت مكاسب هامة، وأن حزب الاتحاد الاشتراكي يقوم إلى جانبها بعمل مواز لدعم هذه الديبلوماسية التي أعطتنا وضعا دوليا هاما كبيرا وإيجابيا.
تعليقات الزوار ( 0 )