يمكن الجزم أن نجاح الدبلوماسية الوطنية يرجع إلى اختيار جلالة الملك محمد السادس أن يجعل منها رافعة متعددة الأوجه، تشتغل وفق توجيهات جلالته، لتتوج مسارها بعد 26 سنة بقرار مجلس الأمن رقم 2797.
إن الانسجام والتكامل بين الرسمي والبرلماني والحزبي في الدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة، هو نموذج فريد يخرج عن المدارس التقليدية من الواقعية أو الواقعية الجديدة أو حتى الليبرالية.
لقد أكد جلالته في خطابه الأخير:
«نُشيد بالجهود الدؤوبة التي تبذلها الدبلوماسية الرسمية والحزبية والبرلمانية ومختلف المؤسسات الوطنية من أجل الطي النهائي لملف وحدتنا الترابية.»
هذه الإشادة الملكية شكلت اعترافا بدور الدبلوماسية الحزبية التي كانت، منذ المسيرة الخضراء، جزءًا أصيلا من الدبلوماسية الوطنية.
فمنذ سنة 1974، وقبل المسيرة الخضراء المظفرة، كلف المغفور له الملك الحسن الثاني زعماء الأحزاب بمهمات دولية لشرح عدالة الموقف المغربي، وفي مقدمتهم الفقيد عبد الرحيم بوعبيد الذي توجه إلى عدد من الدول الآسيوية وفرنسا للقاء قيادات من الحزبين الاشتراكي والشيوعي.
بعد المسيرة الخضراء، ولمدة نصف قرن، كانت الدبلوماسية الحزبية، دبلوماسية إقناع وتعبئة ودفاع، تعاني من تجبر بعض قوى اليسار الراديكالي في عدد من المنظمات الدولية، وتدفع ثمن الحرب الباردة ومخلفاتها.

الدبلوماسية الحزبية
بعد صدور القرار 2797

سنة 2025 هي سنة تحول كبير في ملف الصحراء المغربية، بعد الانتقال من التدبير إلى التغيير، ثم الآن العمل على تنزيل مقترح الحكم الذاتي بما يناسب المصالح الوطنية وفي احترام كامل للشرعية الدولية.
إن القراءة الرزينة لنتائج تصويت مجلس الأمن، ولخارطة الاعترافات بمغربية الصحراء، والداعمة لمقترح الحكم الذاتي، وفي المقابل رصد ما تبقى من نقاط ذات خطاب مزدوج أو الواقعة في فخ خطاب الانفصال، يوضح الأدوار التي يجب أن تلعبها الدبلوماسية الحزبية، وفي مقدمتها الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، لدعم الدبلوماسية الوطنية وتحقيق المزيد من الالتقائية كما يراها جلالة الملك.

الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية نموذج للدبلوماسية الحزبية الوطنية

كما جاء في بلاغ قيادة الاتحاد الاشتراكي وكلمة كاتبه الأول الأستاذ إدريس لشكر خلال افتتاح المؤتمر الوطني الثاني عشر:
«إن الاتحاد الاشتراكي، إذ يسجل باعتزاز التنويه الملكي بالدبلوماسية الحزبية، والتي قدم فيها حزبنا خدمات جليلة للوطن، يجدد العزم على المضي في مجهوده النضالي الدولي والقاري والإقليمي خدمة لقضايا الوطن والأمة، وانخراطه في الأفق الذي رسمه جلالته في تدبير مراحل تنزيل الحكم الذاتي، عبر تعزيز الجبهة الداخلية المتراصة والمتحركة في الوقت ذاته، على قاعدة وحدة العرش والشعب والأرض.»
في هذا السياق، يجب أن تتوجه الدبلوماسية الحزبية إلى العمل في فضاءات استراتيجية جديدة، خاصة إفريقيا وأمريكا اللاتينية.
فالاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بما راكمه من حضور قوي داخل المنظمات الدولية كالأممية الاشتراكية، والتحالف التقدمي، ومنظمة كوبال بأمريكا اللاتينية، مؤهل لتوسيع دائرة التأييد للمبادرة المغربية.
وفي إفريقيا، يمكن للدبلوماسية الحزبية الواقعية والهجومية أن تفتح قنوات مع أحزاب جنوب القارة (تنزانيا، زيمبابوي، الموزمبيق)، بينما في أمريكا اللاتينية يشكل منتدى البرلمانيين الشباب إطارا واعدا للحوار والفعل الإيجابي لصالح قضيتنا الوطنية، بالإضافة إلى تجمع أحزاب دول أمريكا اللاتينية و الكاراييب الذي يعتبر الاتحاد عضوا فيه.
كما أن التحولات في بوليفيا، وكوبا، وفنزويلا تتيح فرصا جديدة لإعادة بناء المواقف الإقليمية حول مبادرة الحكم الذاتي.

الخلاصة

الامتداد الفكري والتاريخي للاتحاد الاشتراكي (كما لكل فاعل سياسي وطني آخر)، وشبكة علاقاته الواسعة والقوية، تمكنه من بناء المزيد من جسور الحوار والتفاهم مع القوى التقدمية الفاعلة في إفريقيا وأمريكا اللاتينية.
كما أن المعطى الأيديولوجي الحاضر بقوة لدى داعمي الانفصال تاريخيا، يجعل منه مخاطبا فعالًا و ذا مصداقية فيما يخص قضية الصحراء المغربية.
الاتحاد مطالب أيضا بمواصلة نهجه في خدمة رؤية ملكية واضحة، تجعل من الدبلوماسية الحزبية قوة اقتراح ومبادرة، وتسهم في تنزيل مشروع الحكم الذاتي بما يتماشى مع رؤية المغرب الصاعد.

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

في جلسة بمجلس المستشارين .. صواب: الرهان الحقيقي ليس في ترميم الجدران بل في ترميم الثقة العالوي: مستقبل المغرب لن يُكتب بدون شبابه

ادريس لشكر: علينا أن نؤسس لتعاقد مع من أعلنوا اقتناعهم بمغربية الصحراء

31أكتوبر 2025… التاريخ والسيادة

بلاغ‮ ‬الاتحاد الاشتراكي‮ ‬للقوات الشعبية‮ ‬