يونس مجاهد

التقاطب الكبير الحاصل حول الأحداث المؤلمة، التي تجري، في سوريا، يعتمد على خلفيتين اثنتين:
الأولى هي التعاطف الإيديولوجي مع هذا الطرف أوذاك، حيث نجد أن الكثير من المناهضين لنظام بشار الأسد، هم من المساندين لما يسمى بالمعارضة السورية، نظرا لأنهم يتقاسمون معها نفس القناعات بخصوص إقامة حكم «إسلامي» في هذا البلد، بينما يعارض هذا التوجه الذين يناهضون الجماعات المتطرفة والمتشددة، المسلحة، معتبرين أنها لا تشكل البديل الديمقراطي للنظام، بل يمكنها أن تكون أشد قسوة على الشعب السوري.
والثانية، هي الثقة العمياء في المعطيات التي تروج، والتي تدعي أنها تبثّ الحقيقة حول ما يجري في سوريا.
تحظى هذه الخلفية الثانية، اليوم، بنقاش متواصل وعميق من طرف الخبراء والمتتبعين والصحافيين، حيث أخذت التساؤلات تطرح بقوة حول مدى مصداقية الأخبار التي تصل بخصوص تطورات الحرب في هذا البلد، بل إن الكثيرين أخذوا يشككون في مهنية ما يسمى بالوسائل الإعلامية الكبرى، من قنوات تلفزية ووكالات أنباء وصحف دولية.
ومن بين الملاحظات التي أثيرت منذ مدة حول مصداقية الأخبار التي تصل حول سوريا، اعتمادُ كل وسائل الإعلام الكبرى على «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الذي يرأسه شخص هو رامي عبد الرحمن، يقيم في انجلترا منذ سنة 2000، وهو معروف بمناهضته للنظام السوري، غير أنه يشتغل في هذا المرصد وحده، في مكتب بالعاصمة البريطانية، لندن.
جل القنوات والصحف وحتى وكالات الأنباء تعتمد على ما ينشره المرصد المذكور، الذي يدعي المشرف عليه أنه يحصل على الأخبار عبر مكالمات هاتفية تصل إليه من سوريا، وأن له شبكة من الأشخاص المدربين على القيام بهذا العمل، غير أن هويتهم تظل مجهولة.
هذه المنهجية في الاشتغال، فريدة في كل المراصد في العالم، حيث إن الأخبار والتقارير تستند إلى منهجية معروفة في البحث والتقصي والفحص والتقييم، وإلى مراسلين معروفين يحظون بالمصداقية، لذلك ذهبت عدة مقالات وتقارير للتشكيك في مهنية المرصد، بل اتُهِمٓ رامي عبد الرحمن بالتعامل مع وزارة الخارجية البريطانية، حيث رُصد وهو يزورها باستمرار، كما كشفت تقارير أنه يموَّل من قطر ومن الاتحاد الأوروبي.
ما يمكن قوله بشأن مصداقية الأخبار التي تروج حول سوريا، أن الحرب ترافقها الدعاية دائما، حيث تلجأ أطراف الصراع إلى تقوية موقعها بنشر ما تعتبره لصالحها للحسم في المعركة، وهذا ما يحصل في سوريا من الطرفين، لذلك فإنه في غياب تقارير موضوعية ومستقلة، سيكون من الصعب إصدار أحكام قطعية، رغم أن الواقفين حول ما يسمى بالمعارضة السورية، يسعون إلى ربح المعركة إعلاميا بعد أن خسروها ميدانيا.

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

الكاتب الأول إدريس لشكر: ضرورة نهضة حقيقية لمنظومة التربية والتكوين لتنزيل الإصلاحات وتفعيل القانون الإطار

عبد الرحيم شهيد : الحكومة الحالية ذات التوجه الليبرالي ليس لها نفس سياسي ديمقراطي

الكاتب الأول في المؤتمر الإقليمي الرابع للحزب بزاكورة:نحن في حاجة إلى أن نحافظ على وحدتنا، وبلادنا كما يشاهد الجميع قدمت دروسا لجيراننا

الفدرالية الديمقراطية للشغل تحتفل بالعيد الأممي فاتح ماي بطعم الاحتجاج