يونس مجاهد
من المؤكد أن إصلاح التعليم في المغرب، سيكون من القضايا الصعبة والمعقدة، ليس لأنها مسألة تتطلب مشروعاً علمياً وبيداغوجياً شاملاً ومتكاملاً، ولكن لأنها تطرح، كذلك، إشكالات ثقافية وإيديولوجية، متناقضة التوجهات، وهو ما يتجلى على المستوى السياسي، في المواقف التي تُعٓبِر عنها الأحزاب ومختلف الهيئات، تجاه قضية كبيرة، بالنسبة لمستقبل المغرب.
لذلك، لن نتفاجأ إذا وجدنا أن هذا الموضوع يحظى بأولوية بالغة، بالنسبة لحاملي التوجه الرجعي، خاصة فيما يتعلق بمقررات التربية الإسلامية، التي تثير العديد من الانتقادات، لأنها تتضمن بعض المفاهيم والتأويلات والإحالات التاريخية، التي تستدعي المراجعة، في ضوء ما وَصلت إليه البشرية من تقدم علمي، وأيضا ما كشفت عنه الأبحاث في مختلف تخصصات الفكر والعلوم الإنسانية واللغة والأركيولوجيا وغيرها من المعارف التي ينبغي أخذها بعين الاعتبار في التعامل مع الفكر الديني.
إن التحديات المطروحة اليوم على المغرب، في ميادين التربية والتعليم، لا تكمن فقط في التعميم ومحاربة الأمية والهدر المدرسي، ولكن أيضا في الجودة والقدرة على المنافسة في محيط إقليمي ودولي، يتطور باستمرار، وفي زمن يسير على إيقاع تحولات ثورية متواصلة ومتسارعة، لا ترحم الأمم التي تجعل على رأس أولوياتها التشبث الأعمى بالماضي، دون إخضاع ميراثه للنقد والمراجعة والعقل…
الفرق بين المدافعين عن التقدم والمراجعة والعقلانية، وبين المتشبثين بتراث الماضي، دون مراجعة، هو أن دعاة الجمود لا يهدفون إلى تربية أجيال متفتحة عقليا، متخلصة من الخرافة والتقليد الأعمى، بينما نجد أن المدافعين عن المراجعة النقدية، يسعون إلى تقديم تعليم يسمح للأجيال بنفض الغبار عن عقلها، والانخراط التام في عالم العلم والمعرفة، دون حواجز أو سقف حديدي، يَحد من قدرة العقل على إدراك العالم.
ما يكمن وراء هذا الصراع بين دعاة التجديد ودعاة التقليد، هو أن الفريق الأول، يسعى إلى تكوين أجيال شابة متشبعة بالمنهج العلمي والفكر النقدي، بينما يحاول الفريق الثاني، المحافظة على كل عوامل التخلف، التي أدت إلى فشل منظومة التربية والتعليم، فقط لأن من بين عناصرها ومضامينها ما يوافق مخططهم السياسي والإيديولوجي، الرجعي.

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

وفد عن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يشارك النسخة الثانية من المنتدى الدولي للبرلمانيين الشباب الاشتراكيين والديمقراطيين الاجتماعيين بكولومبيا

الكاتب الأول إدريس لشكر: ضرورة نهضة حقيقية لمنظومة التربية والتكوين لتنزيل الإصلاحات وتفعيل القانون الإطار

عبد الرحيم شهيد : الحكومة الحالية ذات التوجه الليبرالي ليس لها نفس سياسي ديمقراطي

الكاتب الأول في المؤتمر الإقليمي الرابع للحزب بزاكورة:نحن في حاجة إلى أن نحافظ على وحدتنا، وبلادنا كما يشاهد الجميع قدمت دروسا لجيراننا