عن جريدة الاتحاد الاشتراكي
اختار عضو الفريق الاشتراكي عبد الحميد فاتحي، من موقعه التمثيلي النيابي بالغرفة الثانية، لغة المكاشفة في مساءلة الحكومة حول الاستراتيجية الوطنية من أجل إصلاح التعليم العالي، منبها إلى كون الجامعة المغربية فقدت طاقتها المعرفية والأكاديمية ومخزونها الرمزي، وربما انتهى دورها أحيانا وانتفت الشروط التي أسست لها. مضيفا أن الجامعة المغربية شهدت في العقود الأخيرة حركة توسع على مستوى الكم، وصاحب هذا التوسع توزيع عشوائي جغرافي للمواقع الجامعية وإن ظل القسط الأكبر منها يتمركز حول الخط الساحلي الممتد على طول المحيط الأطلسي، مشيرا إلى أن هذا التمركز لا يخلو من مزايا نوعية، وعملية، لكن هذا التوزيع محمل بعناصر ومعالم الأزمة التي يعاني منها التعليم العالي ببلادنا، إذ يبدو أن كثيرا من المواقع تفتقد إلى الشروط الموضوعية الاجتماعية والاقتصادية والعلمية والثقافية لقيامها، وهو ما أثر على خارطة التعليم العالي ومتغيراته المحتملة.
جاءت هذه المكاشفة في تعقيب عن جواب الحكومة بعدما وجه الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين في الجلسة الشفوية العامة أول أمس الثلاثاء بمقر المجلس، سؤالا إلى وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، حول إصلاح التعليم العالي. وقال عبد الحميد فاتحي باسم الفريق إن التعليم الجامعي يعد أحد الركائز الأساسية للتنمية بالمغرب، مسائلا الوزير عن الاستراتيجية الوطنية من أجل إصلاح التعليم العالي، في ظل الأزمة التي يعرفها هذا القطاع.
وبعد جواب الوزير الذي قدم مختلف الخطوات التي تقدم عليها الوزارة بناء على التصريح الحكومي الملزم بالإصلاح مع استحضار التحديات التي تواجه ذلك، عقب عضو الفريق النائب عبد الحميد فاتحي أن الجامعة،هي قبل كل شيء، فضاء للتفكير الحر المبدع والخلاق بعيدا عن التعصب العقائدي، الطائفي والعرقي. وأن وظيفة الجامعة لا تنحصر في التحصيل العلمي فقط بل هي فضاء واسع للنقاش والجدل وإنتاج الأفكار والتنظير للمجتمع وإبداء الرأي في المشروع المجتمعي الذي نريد، وهو مجتمع الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، مجتمع ديمقراطي خال من استغلال الإنسان لأخيه الإنسان.
وأضاف الفاتحي أن اختيار الفريق الاشتراكي للتساؤل حول قضايا قطاع التعليم العالي، نابع من قناعاته أن مستقبل الإنسانية مرتبط أساسا بجودة التكوين و دور البحث العلمي كقاطرة التنمية. وأكد فاتحي في تعقيبه أن السؤال الذي يفرض نفسه وبإلحاح هو “هل الجامعة المغربية نجحت ولو نسبيا في أداء دورها الهام ولو في حدود؟ مشيرا إلى أن الواقع الحالي وباعتراف المسؤولين عن السياسة التعليمية ببلادنا من أعلى الهرم إلى أسفله يقر بفشل المنظومة التربوية في المغرب. وقال عضو الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين إن أي إصلاح يستبعد تطبيق الديمقراطية الحقيقية في كل مراحل العملية التعليمية وعلى مدار المعيش اليومي داخل المؤسسات التعليمية سيؤول إلى الفشل. مؤكدا أن الديمقراطية تعني إقرار مواطنة حقيقية والتي تعني بدورها منح الحقوق الأساسية لكل المواطنين دون تمييز، والحق في تعليم جيد هو أحد هذه الحقوق الأساسية، والتي تعتبر شاملة وغير مجزأة. مضيفا أن واقع تعليمنا ما زال بعيدا عن تحقيق المساواة والعدالة في جميع أسلاك التعليم، سواء تعلق الأمر بالبنيات التحتية أو بالبرامج التعليمية بل وحتى بلغة التدريس، والاقتصار في محاولات إصلاح التعليم العالي على الجانب التقني وعدم ربطه بأوراش كبرى لإصلاحات اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية تصب في اتجاه الإجابة عن إشكالات التخلف التي تشير إليها المؤشرات الدولية الخاصة بالمغرب، والتي يعاني منها الشعب المغربي، والاتجاه نحو تخلي الدولة عن دورها في مجال التعليم وفتح هذا القطاع الوطني الاستراتيجي على الاستثمار لفائدة الرأسمال الأجنبي والمحلي تمهيدا لتسليعه وتبضيعه، وتغيير مصادر تمويل الجامعة وكذا شروط توظيف أطر التعليم العالي بالاعتماد التدريجي على “المتعاقد” و”المستخدم” ، ناهيك عن عوامل أخرى-يضيف فاتحي- متعلقة بغياب الدمقرطة الفعلية في تسيير وتدبير التعليم العالي والبحث العلمي، وتغليب منطق التعيين والقرارات الفوقية، وذلك بالرغم من بعض التغييرات الشكلية، وتحيين المفاهيم والمضامين الملقنة وللتكوين المستمر للأستاذ الباحث، وذلك سواء من خلال الميزانية الهزيلة المخصصة له وغياب التحفيز الحقيقي بالنسبة للأساتذة الباحثين، وعدم ربط البحث العلمي بالإصلاح التربوي من جهة، وربطه بالتنمية وتقدم المجتمع وتطوره في مجال التكنولوجيا والاقتصاد والصناعة والفلاحة من جهة أخرى.

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

انتخاب عمرو عرجون رئيسا جديدا لجماعة البركانيين بإقليم الناظور

تشييع جنازة المناضل والإعلامي الكبير جمال براوي في موكب مهيب

الكاتب الأول يقدم التعازي لجلالة الملك، أصالة عن نفسه ونيابة عن الاتحاديات والاتحاديين

الكاتب الأول يحضر اللقاء التواصلي الأول لنقيب المحامين بالرباط