يعيش العراق على إيقاع انتصاراته على تنظيم «داعش» الإرهابي، حيث أبلغ رئيس الوزراء، حيدر العبادي، الحاضرين في التظاهرة المنظمة من طرف نقابة الصحافيين العراقيين في بغداد، أمس الأول، أن قوات بلاده سيطرت على كامل التراب وأن آخر معقل للإرهابيين في جزيرة نينوى والأنبار قد تم تطهيره.
وللإشارة، فإن النقابة المذكورة، نظمت على هامش اجتماع المكتب الدائم لاتحاد الصحافيين العرب، ندوة حول الإعلام والإرهاب، بحضور عدد من ممثلي الصحافة الدولية والمختصين، كقضية أساسية، تشغل بال المجتمع العراقي ونخبته، حيث بدا واضحا أن التنظيمات الإرهابية، تستمد قوتها من الفكر والعلاقات الاجتماعية والأوضاع الاقتصادية والصراعات بين الطوائف، قبل السلاح.
وهو ما انتبه إليه حيدر العبادي، عندما قال في كلمته، «إن النجاح هو أن نحترم اختلافنا وتنوعنا، والقوة ألاّ يلغي بَعضُنَا البعض الآخر، وأن يعترف أحدنا بالآخر لنحقق النهضة». وقد أكد رئيس الوزراء العراقي كثيرا، في هذه الكلمة، على ما أسماه «معالجة الأمراض التي مرّ منها المجتمع العراقي»، و ضرورة تجاوز «النمطية التي تفرض نفسها على شعوب المنطقة».
ويمكن القول، إن هناك وعياً أخذ يتبلور لدى النخبة العراقية المهيمنة، اليوم، بأن محاربة الإرهاب ليست مسألة سلاح، فقط، حيث قال رئيس مجلس النواب، سليم الجبوري، في تصريح له، «إن المرحلة المقبلة لا تقل أهمية، عن الحرب ضد الإرهاب، وتتمثل في إزالة آثاره الفكرية المتطرفة».
غير أَن الإشكالات التي يطرحها الوضع العراقي، مازالت تحتاج إلى مجهود كبير، لتجاوز الشروط والظروف التي سمحت للجماعات الإرهابية، بالتجذر في هذا البلد، الذي كان يعتبر سابقاْ قبل الغزو الأمريكي، نموذجا للدولة القومية التي تتعايش وتتماهى فيها كل المذاهب والطوائف، دون أَن يكون لهذا التنوع أي تأثير على السياسة والنخبة ومؤسسات الدولة.
ويعلم الجميع، كيف عمل الاحتلال الأمريكي على تفكيك مؤسسات الدولة العراقية، وجيشها وأمنها، مما أدى إلى انهيار النظام القديم الذي شيده حزب البعث، ويفسح المجال لنظام جديد، بُنِيَ أساساً على المحاصصة الطائفية، وهو ما نتجت عنه كل الأزمات والتخبطات التي مازال المجتمع العراقي يعاني منها. فبالإضافة إلى ضرورة محاربة الفكر المتشدد والمتطرف، فإن محو آثار الاحتلال، الذي هيأ التربة الخصبة للطائفية، هو الطريق لعودة العراق القوي، واستعادة نهضته من جديد.