يتتبع الرأي العام، باهتمام، الأحداث المرتبطة بالقرارات المتعلقة بالإعفاءات التي طالت عدداً من المسؤولين، على مستويات عالية، في سابقة هي الأولى من نوعها، من حيث الحجم والمراتب السياسية والإدارية، منذ أن فتح التحقيق بخصوص المشاريع التي كانت مبرمجة في منطقة الحسيمة، إلا أنها تجاوزت هذا الإطار وتواصلت، في علاقة بملفات أخرى، شملت كل التراب الوطني.
وإذا كان الرأي العام قد اطلع على حيثيات الملف المرتبط بمشروع منارة الحسيمة، من خلال التقرير الذي أنجزه المجلس الأعلى للحسابات، فإن الملفات الأخرى، ظلت، بصفة عامة، حبيسة الإدارات المشرفة عليها، والتي من المؤكد أن لديها المبررات التي دفعتها لاتخاذ مثل هذه القرارات.
غير أن الذي يلفت النظر في هذه التطورات، هو حجم الإعفاءات ودرجة المسؤولين الذين طالتهم، مما يطرح تساؤلات مشروعة حول نجاعة القوانين والمساطر المعتمدة، لأن التدخل البٓعْدي، يعني أن هناك خللا قٓبْلياً في كيفية تخويل وإدارة الصلاحيات، وفي الإحترازات التي كان من المفترض أَن تُفٓعّل قبل أن تحصل الأخطاء والتجاوزات، رغم أن مثل هذه الوقائع تحصل في العديد من البلدان، مهما بلغت درجة تقدمها وشفافيتها، إلا أنها لا تصل إلى الدرجة التي تسجل اليوم في المغرب.
الآن، بعد كل هذه القرارات، والتي يمكن أن تتواصل، من الضروري دراسة أسبابها ومحاور الخلل الذي أدى إلى حدوث ما حدث، لاستخلاص الدروس والنتائج، التي قد تستدعي مراجعة قانونية وإدارية، من أجل الشروع في إصلاحات لتجاوز الأسباب العميقة والموضوعية للاختلالات التي سجلت، لأنه لا يمكن أن نتصور تكرار نفس الإجراءات بتدخل فوقي، باستمرار، بل على الحكومة أن تشرع في البحث عن سبل الوقاية، قبل أَن يستفحل الداء.
و في جميع الأحوال، فهذه التطورات، لا يمكنها إلا أن تكون في صالح التحفيز للحرص على النزاهة والحرص على المصلحة العامة، في إدارة شؤون البلاد، مما يمهد الطريق لإجراء إصلاحات جذرية وعميقة، لترجمة ما وَرٓدَ في الدستور من مبادئ تهم المرفق العام وربط المسؤولية بالمحاسبة وتطوير آليات الشفافية…
الكاتب : يونس مجاهد
تعليقات الزوار ( 0 )