أثارت وفاة عالم الفيزياء البريطاني الشهير، ستيفن هاوكينغ، جدلاً في الصحافة الرقمية وشبكات التواصل الاجتماعي، بسبب تدوينة لأحد الدعاة، يعتبر فيها أن هذه الشخصية الفذة في العلم والمعرفة، مجرد حيوان ملحد، لا يستحق أي اعتبار، مما أثار استنكار العديد من المواقع الرقمية والتعليقات على شبكة الفايسبوك.
من الممكن التعامل مع موقف هذا الداعية، كما لو كان أمراً معزولاً، غير أن الواقع يفند ذلك، لأن التصريحات والخطب والمقالات التي يروجها الدعاة، من المحيط إلى الخليج، تتفق كلها حول رفض الاكتشافات العلمية والطعن في كل الحقائق التي تتناقض مع التأويلات والتفسيرات الرائجة للنصوص الدينية، بل هناك منهم من ينكر كروية الأرض، ناهيك عن أولئك الذين «يجتهدون» في إطار ما يسمى الإعجاز القرآني، الذي يعني حسب وجهة نظرهم أن كل العلوم والاكتشافات والحقائق العلمية والنظريات، واردة في القرآن، في الماضي والحاضر والمستقبل القريب والبعيد، رغم أن ما يعرف عن الذكر الحكيم، أنه إعجاز لغوي وبلاغي.
عالم الفيزياء النظرية، هاوكينغ، هو أحد الرواد الذين واصلوا مسيرة ألبرت إينشتين، وغيره من العلماء، الذين بفضلهم تقدمت البشرية، حيث تمكنوا من الربط الجدلي بين الرياضيات والفيزياء والكيمياء والفلسفة، في محاولة لتفسير أسرار الكون والوجود البشري.
مقابل هذه الفتوحات العلمية، هناك فتوحات الجهل، التي يتزعمها دعاة في المشرق والمغرب، أصحاب الرقية الشرعية لإخراج الجن والشيطان والسحر ومعالجة الأمراض، الذين ينكرون على البشرية حقها في التقدم العلمي والفكري، وينشرون ثقافة الخرافة والتخلف ومحاربة فلسفة الاكتشافات والابتكارات والإبداع، رغم أنهم يستعملون منتوجاتها.
إنهم يفعلون ذلك لأن هذا هو رأسمالهم الذي يدر عليهم مدخولا ماديا محترما وقيمة رمزية، منهم من يحولها إلى مكسب انتخابي، وليس لهم غير نشر الجهل أي قيمة مضافة أخرى.
من المؤكد أن هناك حاجة لمواجهة أمثال هؤلاء، لأن تأثيرهم خطير على المجتمع، وليس على العلم والمعرفة، لأن أمثال هاوكينغ، كانوا ومازالوا يواصلون فتوحاتهم العلمية، غير عابئين بالكهنة، الذين إضطهدوا غاليلو غاليلي، الذي قال لهم «ومع ذلك فهي تدور».
الكاتب : يونس مجاهد
تعليقات الزوار ( 0 )