تؤكد المعطيات الإحصائية أن النمو الديمغرافي في المغرب، مستمر، إلى حدود سنة 2030، مما يعني تزايد الطلب على السكن في المناطق الحضرية، على الخصوص، بالإضافة إلى الهجرة القروية، التي تضاعف من هذا الطلب، كل هذا يضع قضية التعمير في مقدمة المعضلات التي تواجهها بلادنا اليوم، بكل تداعياتها.
ويمكن القول إن هذه التداعيات كثيرة في أبعادها العمرانية والحضارية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية، لذلك تولي الدول أهمية خاصة لمسألة التعمير، نظرا لما تؤدي إليه من نتائج على حياة الناس وعلى التنظيم المجالي، بكل تبعاته.
وإذا كان المغرب يسعى اليوم إلى إعادة تنظيم العديد من المدن، عبر توسيع شوارعها ومٓدّ الجسور والقناطر وإنشاء فضاءات فسيحة ومضاعفة شبكات الإنارة العمومية، وغيرها من الإصلاحات الضرورية لجعل هذه المدن قادرة على استيعاب العدد المتزايد من السكان ومن الناقلات، وغيرها من متطلبات الحياة الحضرية، فإن هناك بالمقابل صورة أخرى مظلمة في العديد من المدن الكبرى والمتوسطة والصغيرة.
تتمثل هذه الصور في مدن الصفيح، التي تعتبر إشكالية حضرية بامتياز، تتم معالجتها عبر برامج متعددة، غير أن الآفة الكبرى هي البناء العشوائي الذي مازال يتناسل في العديد من المدن، رغم وجود قوانين تنظم عمليات البناء وتهيئة المجال للمحافظة على النسق الحضاري المنسجم.
وإذا كانت مدن الصفيح تنبت تحت يافطة الحاجة والخصاص، فإن البناء العشوائي وعدم احترام مخططات التهيئة الحضرية وتجاهل القوانين، منتوج من منتوجات الفساد الإداري والانتخابي، يتم بتواطؤ واضح بين موظفي الإدارة الترابية ورؤساء الجماعات، على الخصوص، بالإضافة إلى تقاعس مصالح التعمير عن تحمل مسؤوليتها.
لذلك، فإن التزام الصرامة في تطبيق قوانين العمران، مسألة تكتسي حيوية بالغة ليس على المستوى الحضاري فحسب، بل أيضا على المستوى السياسي، لأن التراخي والتواطؤ في هذا الشأن، أدى إلى نشأة وتطور فئة من المنتخبين الفاسدين، هيمنوا على الجماعات ومنهم من تمكن من الوصول إلى البرلمان، فأفسدوا الحياة السياسية، بعد أن أفسدوا المدن.

الكاتب : يونس مجاهد

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

أزمة في جوهر النظام الترابي

الاتحاد لا يحتاج إلى شهادة حياة، لأنه هو من يسلمها!

ما بعد وقف إطلاق النار وجواب الاتحاد …

الاتحاد الاشتراكي… حزب لا يُرهب ولا يُرْهب