يونس مجاهد
من بين المفاهيم القوية، التي أصبحت متداولة في مجالات الصحافة، المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام، والتي تتضمن حمولة كبيرة وواسعة، سواء بالنسبة للصحافيين أو لمالكي الصحف والمحطات والقنوات، كما بالنسبة لوسائل الإعلام التي تملكها الدولة وتتمحور هذه المسؤولية حول ثلاثةِ مستويات: الأول، يتعلق بأخلاقيات المهنة، الثاني بالجودة والثالث بالشفافية في مصادر التمويل.
ورغم أن الجميع يتفق على أهمية هذه المفاهيم ومشروعيتها، إلا أن ترجمتها على أرض الواقع تظل متفاوتة، حسب السياقات الوطنية، محكومة بالانتماءات السياسية والإيديولوجية، ومرتبطة بالمصالح المالية والتجارية، كما أن احترام الأخلاقيات يظل باستمرار هاجساً، لدى أغلبية المهنيين، وطموحاً لديهم، كما أنه يشكل، إلى جانب الجودة، مطلباً من مطالب المجتمع.
ويمكن القول، إن المغرب، كما في العديد من البلدان، بحاجة إلى تطوير مفهوم المسؤولية الاجتماعية، وبلورته عبر إرساء تقاليد وتدابير وإجراءات، في إطار تطوير العمل الصحافي والإعلامي، وجعله أقرب إلى انتظارات المجتمع، الذي يريد صحافة حرة ومستقلة وأخلاقية وذات جودة.
ومن المعلوم أن الطموح لبلوغ هذه المواصفات، يندرج في إطار الطموح نحو تفعيل الديمقراطية، لأن الصحافة الجيدة، تعتبر إحدى ضماناتها الأساسية، بينما ترتبط الصحافة السيئة، بالتيارات المناهضة لها، لأنها تنتهك الأخلاقيات وتنشر الإشاعات وتمارس التعتيم والتضليل، كمنهجية لتشويه الحقائق وتحريفها، خدمة للوبيات التي تقف خلفها، أو لممارسة الابتزاز وغيره من الممارسات المشينة.
غير أنه إذا كانت مهمة بلورة مفهوم المسؤولية الاجتماعية في الإعلام، تقع أساسا على عاتق المهنيين، فإنها أيضاً تقع على عاتق الدولة والمجتمع، من خلال التشريعات والقواعد والإجراءات، التي من شأنها ترجمة هذا المفهوم بالملموس، وهو أمر يتطلب تراكمات، لابد من العمل على تحقيقها، في مواجهة مستمرة ضد الصحافة السيئة، بخلفياتها ومرجعياتها.
تعليقات الزوار ( 0 )